;
محمد الظاهري
محمد الظاهري

حكوماتنا تسترزق بأوجاعنا 1612

2010-09-27 06:58:32

كنّا ومازلنا، كيمنيين نفتخر بأننا أصل العرب ومنبع العروبة، ونعتز بتاريخنا الحضاري التليد، ولكننا للأسف ابتلينا بنخب حاكمة أدمنت الفشل، وباتت تسترزق بآلامنا وأزماتنا، وتتاجر بها في الخارج .
ويكفي الإشارة في هذا الصدد، إلى أن الأشقاء والأصدقاء قد عقدوا خلال عامنا الحالي خمسة مؤتمرات واجتماعات، لإنقاذ اليمن، والحيلولة دون تفكك الدولة اليمنية . بدءاً بمؤتمر لندن بتاريخ 27/1/،2010 ومؤتمر الرياض في 27/2/،2010 مروراً باجتماع "أصدقاء اليمن" الأول في أبوظبي في مارس/ آذار ،2010 واجتماع برلين في يونيو/ حزيران ،2010 وانتهاء باجتماع "أصدقاء اليمن" بمدينة نيويورك الأمريكية بتاريخ 24/9/2010 .
إن هذه المؤتمرات والاجتماعات الدولية بمثابة شاهد على أزمة بناء الدولة اليمنية، ودليل على استمرار معاناة اليمنيات واليمنيين من جور نخبهم الحاكمة وفشلها في القيام بوظائفها . كما أنها بمثابة مؤشر على فقدان ثقة اليمنيين بأنفسهم في الداخل والتوجه نحو الخارج، والانكشاف تجاهه، والانفعال به من دون التأثير فيه.
ثمة مقولة أثيرة في العلاقات الدولية مفادها: أنه ليس هناك علاقات دائمة وإنما هناك مصالح دائمة . ويبدو أن ساسة اليمن لا يدركون مضمون هذه المقولة ومراميها، وبالتالي لا توجد "صداقة دائمة" بل مصالح دائمة .
صحيح أننا نعيش في عالم أصبح فيه تدويل للقضايا المحلية، بحيث غدت جزءاً من إدارة الأزمات الدولية، وبالتالي فثمة تدويل وأقلمة لقضايانا وأزماتنا المحلية، ولكن من الصحيح أيضاً، أن أداء الحكومات اليمنية المتعاقبة متدنٍ، بل إنها فشلت في القيام بمهامها، ونكثت بعهودها، وأخفقت في تطبيق شعاراتها ووعودها وبرامجها الانتخابية، سواء أكانت برامج رئاسية أو برلمانية ومحلية، بحيث غدت الوعود الحكومية بمثابة "وعود عرقوبية" (عرقوبية: نسبة إلى عُرقُوب الذي يُضرب به المثل في خلف الوعد) . فحكوماتنا تعد ولا تفي، وتقول ولا تفعل، ولهذا فالوطن اليمني يعاني من أزمات متكاثرة من أخطرها تهديد وحدة الوطن اليمني الواحد، وحضور شبح التقسيم والتشظي، خاصة إذا استمر هذا الصمم والتبلد السياسي، لدى النخبة الحاكمة .
إن الوطن اليمني الذي كان يوسم ب"بلاد العربية السعيدة" لم يعد سعيداً، بل غدا مُنتِجاً للأزمات وصيداً لها معاً . كما يبدو أن الحكمة اليمانية قد أفلت وحضر بدلاً منها الحروب والصراعات الأهلية اليمنية .
إن اليمن تعاني من أزمة مجتمعية وسياسية شاملة ومركبة، سواء على مستوى علاقة المجتمع بالدولة أو على مستوى النظام السياسي . حيث تعاني من أزمة شرعية سياسية وأزمة هوية وتكامل وطني، إضافة إلى أزمة مشاركة سياسية ومن ثم استمرار ظاهرة عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي، وانتشار الحروب والصراعات اليمنية اليمنية.
فالمشهد اليماني، مشهد معقد ومركب، بل ومربك، فثمة جنون سياسي تعيشه الساحة اليمنية، فهناك حوار عبر البنادق والمدافع، وهروب من مشاكل الداخل اليمني وأزماته باتجاه الخارج، بل والسعي للاسترزاق بهذه الأزمات.
لقد اتسع الخرق على الراقع في وطننا اليمني . والمحزن، أن الخرق(الأزمات) تكاثرت، كما أن الراقع لم يعد يمانياً بل أصبح إقليمياً ودولياً! والأنكى أنه لم يعد عربياً بل أصبح أجنبياً غربياً (أمريكياً وبريطانياً).
فالإشكالية هنا، وضوح انكشاف اليمن (مجتمعاً ودولة) تجاه الخارج، ودخولنا مرحلة ما يمكن تسميته ب"الإعالة الإقليمية والدولية لليمن".
إن من المؤسف، أن ساسة اليمن لم ينجحوا في الاستفادة من موقع اليمن الجيوستراتيجي، بل غدت الجغرافيا السياسية لليمن بمثابة عبء على اليمن واليمنيين، فعجز الحكومات اليمنية المتعاقبة، وفشلها المستمر قد فتح شهية الأجانب (غيرالأصدقاء) للتدخل في شؤوننا وتنفيذ مخططاتهم، وما تواجد أساطيلهم على مضايقنا المهمة ومياهنا الإقليمية، وتحليق طائراتهم في أجوائنا إلا دليل على ما نقول.
إن تزامن انعقاد اجتماع "أصدقاء اليمن" في مدينة نيويورك، مع حلول الذكرى السنوية الثامنة والأربعين لقيام ثورة سبتمبر اليمنية( قامت في 26سبتمبر/ أيلول 1962) كاشف لمدى فشل اليمنيين، وعجزهم عن تحقيق أهداف ثورتهم التي غدت بمثابة "تعويذة" بجوار ترويسات الصحف الرسمية اليمنية . والمعيب، أننا محاصرون بخطاب رسمي أدمن الحديث عن منجزات وهمية، في الوقت الذي تستجدي فيه حكومتنا اليمنية المساعدة من الأشقاء والأصدقاء، وكذا استجداء العون لشعب عريق، اُبتلي ساسته بالفساد والفشل معاً . قد يرد عليك بعض المسؤولين الحكوميين بقولهم: إننا نعيش في عالم واحد، يسوده الشراكة والاعتماد المتبادل . وأقول لهم إنها التبعية بعينها يا هؤلاء، لقد أدمنتم الاعتماد على الخارج، والركون على معوناته ومساعداته، أين اقتصادكم ومنتجاتكم؟ إنكم عالة على الآخرين، لأنكم استسهلتم مد أيديكم، بل فتح جيوبكم والتكالب على تحقيق مصالحكم الخاصة الضيقة من دون مصلحة شعبكم ووطنكم.
لقد آن أوان التخلص من معضلة الهروب من السيئ عبر التذكير بالأسوأ في التاريخ السياسي اليمني، فالثورة اليمنية يا هؤلاء قامت منذ ما يقارب نصف القرن وما زلتم تصدعون رؤوسنا وتخويفنا بالحديث عن عودة حكم الإمامة . يا هؤلاء كفاكم ولعاً بالتنصل من إخفاقاتكم والهروب من تحمل مسؤولية فشلكم في معالجة أزماتنا الداخلية، وتصديرها بل والتسول بها لدى الدول الشقيقة والصديقة . فالوضع السوي يتمثل في حضورنا الخارجي كيمنيين عبر منتجاتنا واختراعاتنا وإبداعاتنا لا عبر أزماتنا الداخلية، والسعي للارتزاق بها.
إن المطلوب "يمننة" المشكلات والأزمات اليمنية بدلاً من أقلمتها وتدويلها، والسعي لمكاشفة الذات ونقدها لا جلدها أو تحقيرها وخداعها، وكذا التوقف عن شيطنة اليمن، وثعبنتها وقعدنتها والانتقال إلى سعدنتها وأنسنتها وأمننتها.
إننا نحتاج لرؤية استراتيجية للتعامل مع أزماتنا من جذورها، بدءاً بتشخيصها، وانتهاء بوجود إرادة سياسية تتخلص من مكبلاتها، وصادقة في خطابها وأفعالها، جادة في تنفيذ وعودها وبرامجها.
ختاماً: ياتُرى متى سنكف عن استجداء الأشقاء والأصدقاء، ونتوقف عن استعطافهم وشفقتهم . يا ساسة اليمن كفى استجداء واسترزاقاً بأوجاعنا، فشعبنا اليمني أبيٌ لا يقبل الضيم، ويرفض جرح كبريائه.
يا هؤلاء تذكروا: أننا شعب عريق شيد حضارة شهد لها الآخرون، معتمداً على ذاته وإمكاناته . فنحن نستحق حياة العزة والكرامة.
يا هؤلاء: كفوا عن التسول باسم مكافحة الإرهاب، واعلموا أن الدول الأجنبية ليست جمعيات خيرية، بل لها مصالح وأجندة لا تتفق بالضرورة مع أهدافنا ومصالحنا . ونحن نقول لكم في هذا السياق، نموت واقفين ولا نسترزق بأزماتنا، أو نفرط بسيادة وطننا واستقلالية قرارنا السياسي، وتذكروا المثل العربي البليغ القائل "تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها" . فترفّعوا و"تيمننوا" يرحمكم الله.<
نقلا عن «الخليج الأماراتية»

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد