عام غادرنا على رحيلك وكان ثقيلاً بل وحزيناً على الجميع، أعلم جيداً وأتيقن جازماً يانجيب بأنك رحلت مثلما رحل ويرحل العظماء والحكماء والرؤساء والملوك.. رحلت وأنت في قمة إبداعك وفي أوج عطائك وفي مقتبل عمرك.. رحلت وتركت فراغاً كبيراً يفتقد لبساطتك وطيبتك وعطفك ودماثة خلقك، رحلت دونما سابق إنذار ودونما أن تخبرنا بذلك.. غيبك الموت وأنت تزخر بثقافتك الغزيرة وأعمالك الفريدة وفي جعبتك الكثير والكثير من الأفكار والأعمال التي كنت تود فعلها.

جعلتنا برحيلك نغادر الشاشة الصغير كما غادرت أنت الحياة الفانية، جعلتنا برحيلك نبحث عن همسة تلملمنا وعن صدى صوت يجمعنا وعن جولة في الديار تسرنا وعن ألوان السعيدة بالمعلومة تغمرنا وعن ظلال ساخنة إلى الحقيقة تقربنا.

 رحلت كما رحل من قبلك بعام والدي ومثلما رحل من بعدك بشهور يحي علاو وعبد القادر موسى وياسر رافع.. رحلت دونما رجعة ودونما أن تفرغ كل مايصول ويجول في خاطرك من زخم ثقافي وموروث شعبي.

 أعلم جيداً يانجيب أن دموعي التي تتساقط من على خدي حزناً على فراقك لن تشفع لي بأن أنساك ولو للحظة واحدة ، وأعلم جيداً أنك غرست في قلبي قيم التفاؤل والإخلاص والحب للجميع وجعلتني مغموراً بحبك حتى وأنت تحت الثرى، تميزت أيها النجيب بعدة صفات الكرم والنبل وحبك لوطنك وعملك وزملائك وكل أبناء جلدتك وهذا شي لاجدال فيه ولا يختلف عليه اثنان ، كرست كل طاقاتك وإبداعاتك لأجل المشاهد والوطن والمواطن بعيداً عن مصلحة أو عن شهرة أو حتى عن مردود مالي .

رحيلك المبكر ليس خسارة علي أبناء شرعب أو على زملائك ولكنه خسارة كبيرة على اليمن عامة والساحة الإعلامية خاصة التي خسرت برحيلك فارساً ترجل صهوة جواده بكل قدرة واقتدار.. رحيلك المبكر أدمى الفؤاد وأدمع العين وألبسنا ثوب الحزن حتى يومنا هذا، وصار عيد الأضحى المبارك ليس عيداً للفرح بل يوم تذكرنا به رحيلك عنا فنحزن كثيراً ولن نحتفي بتلك الفرحة طالما وهي افقدتنا وأخذت منا رجلاً في زمن قل فيه الرجال.

 سأظل أتذكرك دائماً وأتذكر تقاسيم وجهك العفوية وصوتك الجهوري الذي لم يغيب عن ذاكرتي الملتهبة شوقاً إليك.. لم أزل وسأزل أتذكر صوتك وأنت في عنفوان عطائك، تصدح به عبر أثير قناة السعيدة.. من خلال إعلانك لاسمنت الوطنية وألوان السعيدة وظلال ساخنة التي غابت هي الأخرى بعد رحيلك.

اجزم أنك رحلت عن عالمنا جسداً وروحاً لكن ذكراك وصوتك لم يغب من ذاكرتنا التي اتجهت صوبك ذات يوم بكل جوارحها وإحساسها لترتوي عطشها بما تقدمه من أعمال كما يروي العطشان عطشه من الماء.. نعم رحلت عنا لكن ابتسامتك، طيبتك وأخلاقك الرفيع بوقيان يشفعون لك بالرحمة والمغفرة من جموع الناس، من مختلف شرائح المجتمع ،شاشة السعيدة ياصديقي العزيز أكاد أجزم أنها هي الأخرى حزينة جداً لصوتك ولأعمالك .

فمثلك لا نبكي ولا نذرف دموعنا عليه لأنه ببكائنا قد نسبب له ألماً وآذى لاسمح الله ، لكن الدموع تفضحنا بين فينة وأخرى .. فرغماً عنا نبكيك ونحزن عليك.. لأننا لم نجد مثلك يتمثل بقيمك الإنسانية وصفاتك الأخلاقية المثلى التي تميزت بهام منذ نعومة أظفارك.

 فهكذا قدرة الله تمثلت برحيلك عنا وقدرة الله فوق كل شيء، فرحمة الله تغشى روحك وجسدك الطاهر.

  Fouad_husary@hotmail.com