;
محمد الحيمدي
محمد الحيمدي

الديمقراطية وضمان الحقوق 1592

2010-12-19 02:14:24


رغم كل المواجع والأحزان.. والدماء التي تنزف بغزارة من فلسطين إلى بغداد.. وبرغم غصص الاحتلال.. رغم كل هذا وللخلاص من هذا.. فإننا نعتقد أن الوقت قد حان الآن إن لم يكن قد تأخر كثيراً لإحداث إصلاحات جذرية في المنظومة العربية.. من السياسة إلى الاقتصاد.. ومن الحقوق والحريات وحتى آليات ومرجعيات اتخاذ القرار.. ولا نعتقد أن هناك من يرى تعارضاً بين تحقيق حزمة الإصلاحات تلك بـ"ميكانيزمات" داخلية.. أو في إطار شراكة وطنية عالمية.. خاصة بعد أن أصبحت قضية حقوق الإنسان قضية كونية وفوق الوطنية.
وإذا كان للحكام الشموليين، مصلحة في الاستقواء بالقوى العالمية، لتوسيع نطاق القمع لشعوبهم في فترة الاستقطابات الدولية ـ الحرب الباردة ـ فلماذا لا يكون للمواطن مصلحة في استثمار أي عون أو جهد دولي لإرساء أرضية حقوقية يستطيع من خلالها المشاركة الحقيقية في الحياة السياسية.. ومع ذلك تبقى قيم الديمقراطية في الأول حاجة وطنية وفي الوقت ذاته قيمة إنسانية كونية ولا تفرض بدبابات الأجنبي قسراً من الخارج، وإن كنا نرى في الحقوق والحريات ثقافة تفاعلية غير مسلحة عابرة للقارات تمنح مطالب الشعوب الضعيفة مشروعيتها.
فالنظام الذي يوجه ترسانات القمع ضد شعبه.. ويرفض أفكار المساواة أو المصالحة وإعادة بناء نظامه وترتيب بيته الداخلي.. هذا النظام هو الأعجز عن إحداث ـ عبر سيل المبادرات ـ أي من التغييرات والإصلاحات على الصعيد الإقليمي العربي والقاري.
وعليه فإن النظام العربي المأزوم هو الوجه الآخر لأزمات قطرية وقطعية سافرة بين الحاكم وشعبه ـ كل نظام على حده ـ إنها أنظمة لا يمكن أن يتمخض عنها نظام عربي عادل وديمقراطي.. مالم يكن هذا الوطني ديمقراطياً وعادلاً وشفافاً منفتحاً على شعبه ميالا إلى إصلاح أوضاعه الداخلية المضطربة.. ومن هنا في تقديرنا تبدأ عملية الإصلاح.
وعلى الرغم من أن المواطن اليمني قد طحنته الأزمات المتتالية، إلا أنه بوعيه العفوي البسيط يرى العلاقة جلية واضحة بين الخبز والحرية.. بين هيمنة الفساد السياسي وملحقاته الأخرى.. وتردي أوضاعه العامة.. ربما المواطن لا يفلسف المشاريع أو يفكك أهدافها أو مراميها.. ولكن يدرك جيداً أن البلاد بحاجة إلى تغييرات جوهرية، بحاجة إلى تجديد في خطابها ورموزها ومؤسساتها السياسية.. بعد هذا لا يهم المواطن المسميات بقدر النتائج.
والأحزاب المعارضة حاملة المشروع الديمقراطي ـ كما تدعي ـ تتحمل مسؤولية خلق الحراك السياسي الثقافي اللازم.. لصناعة مناخ وأرضية تستوعب أفكار التغيير من خلال جملة من المناشط والفعاليات الموجهة خطابها للمواطن العادي حول التغيير والتنوير والحقوق والحريات.
وفي واقع يحمل كل جينات التشوه ـ مثل اليمن ـ لا مجال لمقاومة أفكار التحول الديمقراطي تحت مبررات الخصوصية اليمنية وشماعة المؤامرة بعد أن صار العالم مترابط الأجزاء أسباباً ونتائجاً إلا إذا كانت هذه الخصوصية التي ترفع في وجه حركة المجتمع الديمقراطي تعني للحكام خصوصية القمع المطلق ومصادرة الحقوق وبقاء الشموليين حكاماً أبديين.. في ظل أحكام طوارئ فرضت، وحقوق شوهت منذ عقود.. وعليه فإن هذه "الفزاعات" تعني الأنظمة وحدها تطيل من عمر استبدادها وهيمنتها على الثروات والقرار.. فيما المواطن العادي يرى في أي ممكنات للتغير ـ طالما هي تنتقض من السيادة أو تنال من القرار الوطني المستقل ـ إضافة أخرى تراكم من احتمالات تحقيق حياة ديمقراطية شفافة ونزيهة.
ولا نعتقد أن هناك من المشاغل ما هو أهم من الديمقراطية وضمان الحقوق.. ولا نتصور أن المستقبل سيكون واضحاً معلوماً بدونهما.. ومن دونهما سيبقى المستقبل ضبابياً ـ غائماً ـ مجهولاً ـ من دونهما يبقى الراهن القلق معلوم الأسباب.. انتحاري الواقع والغد المشرق متثاقل الخطى.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

عدنان العديني

2024-05-20 00:34:14

ماذا يريد الحوثي؟

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد