;
د /أحمد عبدالحافظ الحضرمي
د /أحمد عبدالحافظ الحضرمي

عاجل إلى ملأ اليمن المعاصر 1 1766

2011-02-20 02:59:08


تقف الأمة العربية -بدولها وأنظمتها الحاكمة وبشبابها وشعوبها- أمام بداية مرحلة تحول سياسي وحضاري تاريخية فاصلة بدايتها قيام وانتصار ثورتي تونس ومصر الشبابية والشعبية السلمية ونموذجها وانتصارها قادم لا محالة على بقية الدول العربية الأخرى مهما طال مخاضها أو قمع تجلياتها الأولى.
غير أن تحديد وجهتها يتطلب التعاطي الخلاق بفطنة وحكمة من قبل الحاكم والمعارض والشباب في مختلف الدول العربية الأخرى ومنها اليمن لأن وجهتها أصبحت في مفترق طريقين وأمام خيارين لا ثالث لهما إما خيار وطريق التحول الديمقراطي والنهوض الحضاري الحقيقي دون شكلية أو التواء.. وإما طريق وخيار الفتنة والتمزق.. لماذا؟! لأن أسباب وعناصر كل طريق أو خيار متوفرة ومرتبطة بالثلاثة الأطراف الفاعلة –الحاكم والمعارضة والشباب- وباختيارها جميعاً لأي طريق شاءت.. فمقتضى الخيار والطريق الأول ثورة الحاضر والمستقبل والحياة الحرة الكريمة ببناء الدولة المدنية الحديثة وهذه ثورة الشباب والنصر والأصلح فيها للكل أو وجهة وطريق الفتنة بالصراع على السلطة والثروة بين الأنظمة الحاكمة والقوى المعارضة المنافسة وإذا ما انجر الشباب وراء هذه الأطراف ولهذه الغاية.. فبذلك الفتنة والتناحر والتمزق وانهيار الكل دون استثناء.. ما في مستنقع التمزق إلى كيانات متناحرة أو صراعات دائمة تؤول إلى الخنوع للقوى الطامعة ولا ضمان ولا أمان لأحد في هذا الطريق ولا بقاء للوضع الراهن لأن عصره انتهى ولم يعد لجميع الأطراف من ملاذ آمن وبر أمان إلا طريق وخيار ثورة التغيير الحديث والبعد عن طريق الهلاك.
ولهذا أصبح التعاطي مع هذه المرحلة دقيقاً وحساساً وفاصلاً ويستوجب توجه هذه القوى الثلاث نحو وجهة الطريق الأضمن الحضارية السلمية السليمة.. طريق إقامة الدولة الحديثة والنهضة الحضارية بتكامل والتقاء الجميع ودرأ أي انزلاق في الهاوية التي ستلتهم الكل.. وتحقيق هذا الهدف السامي يفرض على كل فرد القيام بدوره وبالكلمة الصادقة الأمينة الموضوعية دون رياءٍ أو حدق ودون طيش وتشنج ضدية أو هوى وعملاً بقوله تعالى "واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة" وبهدي رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام بأن الدين النصيحة.. لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.
وقبل التوجه بالنصح لابد من تذكير الكل بحقيقة وسنة الله في السلطة والثروة "أساس الداء الدواء" بأنها ملك لله وحده وحق للأمة وحدها ويحكمها قانون "القدر ثم السبب".. فبقدر الله وإرادته وحده يهبها لمن يشاء وجعل أسبابها بيد واختيار الأمة وكل إنسان مستخلف في ذلك ومسؤول ومبتلى والمسؤولية فيهما مضاعفة.. فالحاكم مسؤول أمام الله عن كيف نالها وكيف عمل بها والمحكوم مسؤول عن كيف اختار وكيف أشار من يحكمه قال تعالى" وأمرهم شورى بينهم" و"وشاورهم في الأمر" وبصلاحهما صلاح حياة الناس وبفسادهما فساد الحياة.. ولأن الحياة الإنسانية لابد أن تستمر إلى يوم الدين كما أراد لها الخالق سبحانه فإن الفساد زائل حتماً ومن هنا يجب نصح الحاكم والمعارضة والشباب اليمني وكالتالي:-
أولاً- الحاكم:
الحاكم هو أولاً الأخ والوالد الرئيس/ علي عبدالله صالح ثم الحزب الحاكم.. وفي البداية لابد من توجيه رسالة تقدير للموقف الشجاع والمسؤول لشخص الرئيس في تقديمه مبادرته الأخيرة التي أعلن فيها ثلاث لاءات هي "لا للتوريث ولا للتمديد ولا لتصفير العداد".. وثلاث نعمات منها "نعم للحوار الوطني البناء ونعم لإصلاح السجل الانتخابي".. وهذه المبادرة التي ذكر فيها الرئيس بأنه سيقدم التنازلات تلو التنازلات من أجل الوطن.. نرجو ألا يعتريها تنازلات بل مسؤولية لأنها حق المسؤولية وأداءً لها وتعكس الإحساس بها.. وهي أساساً مصدر صفة الحكم وشرعيته وبقائه ولا يمكن لأي حاكم أن يكون حاكماً إلا على شعبه وتحمل مسؤوليته وإلا فما هو الحاكم؟!.
إن الحاكم الذي لا يلبي مطالب شعبه ولا يصون وطنه ودولته من الفتنة و يتنصل عن مسؤوليته ويثبت ضعفه وعدم جدارته وبالتالي يقضي على صلاحيته وشرعية بقائه كحاكم والواقع الراهن خير شاهد بين هزل من قمع واستكبر وبين من فطن المرحلة واتخذ المرونة والمواقف الوقائية الاستباقية لتجنيب الوطن فتنة لتمضي ثورة التغيير والتحول القادمة بسلام وضمان -وهنا أضرب مثالاً على نفسي كي أحصن نفسي من الغيبة والنميمة ضد أحد- وهو لو أني رئيس وحاكم ولدي إحساس بالمسؤولية والكرامة في شخصي ولشعبي ووطني لن أقبل أن أوصل شعبي إلى مرحلة مطالبتي بالرحيل وإذا ما حصل لن أبقى يوماً بل ساعة واحدة ثم على ماذا يراهن حاكم لبقائه على شعبه الذي يخلعه ويطالب برحيله؟!.
إن الاستكبار والإصرار على البقاء بعد أن يوصل الحاكم شعبه إلى هذه المرحلة يزيده ضعفاً وخزياً ولا يمكن لأي قوة في الكون أن تنصره على شعبه في المواجهة بينهما.. لأن أعظم قوتين في الوجود تسحق كل قوة أمامهما وهاتان القوتان هما أولا: قوة الله سبحانه وتعالى التي لا مثيل لها وله وحده القوة المطلقة قال تعالى "إن القوة لله جميعا" ثم تليه قوة إرادة الشعوب الحرة المؤمنة وهذه القوة تسندها قوة الله قال تعالى "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".."إن ينصركم الله فلا غالب لكم"، ولأن الملك لله وحق للأمة.. لذلك فإن كل حاكم لا يصل أو يوصل شعبه إلى مثل هذه الحالة إلا بالمواقف الوقائية وتحمل مسؤولياته بتلبية مطالب شعبه مسبقاً وتفادياً لهذه الحالة والحيلولة دون الوصول إليها بأي ثمن.. هو حاكم جدير ومسؤول ولديه شهامة ويحترم كرامته وكرامة شعبه.. وهذا ما تعكسه مواقف ومبادرة الرئيس صالح وهي معهودة ومتوقعة منه ولذا يستحق بها التقدير.. ولكن المطلوب منه المزيد والتجسيد، ولأن أكبر خطر قد يهدد اليمن في هذه المرحلة هو الانزلاق نحو الفتنة –لا سمح الله- إذا ما حدث قمع أو مواجهة شعبية بين المؤيدين والمعارضين للرئيس والنظام.. ذلك أخطر فتنة وبذلك انهيار الكل وتحطيم اليمن ودولته ووحدته ويستحيل أن ينتصر أي طرف أو يخضع الآخر "ولا بقاء لطرف دون الآخر".. وبذلك الكل سيقدم اليمن قرباناً على طبق من ذهب فوق بحيرة من دم اليمن للمتربصين به لتمزيقه والتحكم بمصيره والقابعين خلف الظلام وأقنعة الفساد والنفاق والحقد والتبعية للقوى الطامعة باليمن.
وأول البركان دخان وكل أطياف الشعب مسلحة.. ولابد من الوعي بهذه الحقيقة ولأن المسؤولية الوطنية في حماية اليمن في هذه المرحلة من أي انزلاق نحو مثل هذه الهاوية تقع أولاً على عاتق الرئيس والحزب الحاكم.. فإن عليهم جميعاً في هذه المرحلة الدقيقة مهاماً مصيرية وتاريخية في إطار المطلبين الملحين التاليين:-
1. المطلب الأول: تحصين اليمن من أي انزلاق نحو الفتنة بأي صورة وبأي ثمن ومن متطلبات ذلك:
- ينبغي على الرئيس أن لا يظهر أي موقف منحاز لأي طرف من أطراف الساحة السياسية أو أن يكون في موقف كطرف مقابل أو ضد طرف آخر لأن ذلك يتعارض مع موقفه ومسؤوليته كرئيس للكل وتضييقاً لمكانته، هذا فضلاً عن أن مثل هذا الموقف ومن رئيس الدولة يشكل أخطر وأكثر المواقف حساسية وتأثيراً على الدولة برمتها.. إيجاباً وسلباً.
ولذا ينبغي أن يكون موقف الرئيس محايداً بين القوى السياسية ومنحازاً فقط للوطن والشعب ومصالحه وصونه وحمايته وتلبية مطالبه.
- ينبغي إتاحة المزيد من حرية الرأي والتعبير بما فيها مسيرات المعارضة أو غيرها مهما كانت ما دامت في الإطار السلمي والثوابت الوطنية والمسؤولية الدستورية والقانونية وما دامت كذلك.. فلا ضير منها على الإطلاق مهما كان حجمها لأنها في الأخير إما أن تحمل مطالب مشروعة وبالتالي يجب تلبيتها كون تلبيتها أداءً للمسؤولية الوطنية أو تحمل مطالب غير مشروعة وحينها ستتحمل جهتها المسؤولية.
- يجب التوجه نحو الحوار الوطني الشامل دون استثناء لأن أي استثناء يمنح المستثنى نافذة للخروج عن الوطن، كما يجب على المؤتمر الحاكم أن يتحمل مسؤولياته والحذر من أي طيش أو انزلاق وتهور وصب الزيت على النار في أي مواجهة جماهيرية بين المؤيدين والمعارضين أو قبول ذلك.. فذاك سيثير الكراهية والندية ويشعل الفتنة وينقلب إلى الضد والأجدر نصب أحزمة الأمان والخيام في المؤسسات لبناء الدولة الحديثة مطلب كل الشعب، والتخلص من الأساليب منتهية الصلاحية ومنها كما قيل تجميع المؤيدين بالمال وإذا ما صحت فهي غباء كمن يضع الداء ليتجرعه وأيضاً أساليب التهديد والتخوين و.... إلخ.. وأنصح لوجه الله الإخوة في الحزب الحاكم هذه لا جدوى منها ونتائجها ضدية تماماً.. يا قوم اليوم لم يعد الاتجاه مجرد صراع على السلطة والثروة بين القوى التقليدية، بل ثورة حاضر ومستقبل الشباب وأساسها بناء وقيام السلطة والدولة المدنية المؤسسية الكفيلة بتحقيق النهضة والحياة الحرة الكريمة لكل إنسان وعصراً الفساد والاستحواذ والمحسوبية بدأ احتضاره ونهايته وأهله إلى غير رجعة.. إذاَ الأجدر بالحزب الحاكم أن يتحمل مسؤوليته والمضي في هذا الاتجاه كي يكسب الرهان والأمان ومن ذلك البدء بتشكيل هيئة وطنية جديدة لمكافحة الفساد تضم شخصيات مستقلة من العلماء والقضاة والمضي في ترسيخ وسيادة النظام والقانون ومعالجة الاختلالات...الخ.
فأي صعوبة أو موانع وخسارة من ذلك وهذه خيارات إستراتيجية وعاجلة اليوم لتؤتى ثمارها وقد يكون غالبية الحزب الحاكم إن لم يكن جميعهم لا يمانع من تحقيق ذلك.. فلماذا مضيعة الوقت فيما يضر ولا يجدي؟!.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد