;
عبد الكريم المدي
عبد الكريم المدي

أراضي الأدباء.. كذبة أبريلية لقرن بكامله 2038

2011-03-15 07:04:33


قبل ما يزيد عن خمس سنوات احتفلنا نحن من نطلق على أنفسنا أدباء، كتاب، مثقفين.. الذين اختارنا القدر أن نكون هكذا وكفى.. احتفلنا بهبة مكرمة عزيزة واستثنائية جداً من قبل فخامة الرئيس/ علي عبدالله صالح ـ رئيس الجمهورية ـ الذي وجه حينها مشكوراً، بصرف قطعة أرض لكل أديب في عموم محافظات الجمهورية التي يوجد فيها فروع لاتحاد الأدباء والكتاب، وذلك تقديراً لدورهم واعترافاً بتاريخهم الإبداعي والوطني والوحدوي والإنساني.
نعم وجه فخامته وما قصر، هيئة أراضي وعقارات الدولة من جانبها نفذت التوجيه وحددت الموقع وخططته خلف مطار صنعاء الدولي وما قصرت.. أين التقصير إذن أو المشكلة؟
المشكلة والمأساة تبدأ في الواقع العملي الذي قالت وتقول معطياته: إنه للأسف الشديد لم يتحقق من ذلك شيء، لينطبق على حالنا ووضعنا قوله تعالى "كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً"، فحينما ذهبنا إلى الموقع وجدناه فعلاً أرضاً جميلة وعندما بدأنا نوزع حلمنا باتجاهاتها الأربع لم يمهلنا المواطنون والمشائخ الذين يبعدون عنها "أي الأرض" عشرات الكيلوهات أن نرد طرفنا ونرفع أيدينا باتجاه السماء حمداً لله على هذا الحلم الذي تحقق ودعاءً لمن حققه لنا بالصحة والعافية وطول العمر، ليتقاطروا صوبنا وهم يحملون في أيديهم وعلى أكتافهم ما تعودنا عليه من قبل البعض مثل هكذا مواقع.. فقط ألقوا علينا بعض الدروس والجمل المقيدة التي اختتموها بقولهم: "قولوا للدولة تأتي وتسلمكم الأرض وأي قدم منكم تطأ هذه الأرض مرة ثانية سوف تقطع من خلاف ومن كذب جرب".
بالطبع عدنا من فورنا بخفي حنين والصمت يخيم على الباصات كأننا في مأتم، عدنا نفترش الأرض ونلتحف السماء، كما هي العادة موثقين مثل هكذا أحلام مؤلمة وكوابيس مرعبة وتطلعات مقتولة ونفسيات محطمة.
أمين عام الاتحاد الأستاذة الشاعرة / هدى ابلان وبما تمتلك من حضور على مستوى الساحة ، ثقافياً وسياسياً كانت قد أكدت بعد هذا الموقف وبثقة مطلقة أننا سوف نستلم كروت تمليك القطع في هذه الأرض قبل المؤتمر العام العاشر لاتحاد الأدباء الذي أقيم قبل عام في عدن وبالفعل أعادت لنا الكثير من الأمل حينها فكتبنا، عن هذا الأمل وعن جهود الشاعرة ابلان وفي أكثر من صحيفة وقبل ذلك في صحائف القلوب والوجدان.. كتبنا بنشوة النخبة التي لا حدود لها وأمل لا غالب عليه وثقة لا تتزحزح ، متجاوزين واقعنا وحقيقة الأمور وحدود الأحلام لأمثالنا ، عبر التاريخ والتي يصورها الكثير من الأدباء والمفكرين والفلاسفة في مراحل تاريخية مختلفة، لعل أقواها أثراً وأصدقها تعبيراً وأروعها رؤية تلك الصورة التي قال فيها روائي اليمن وشاعرها ومفكرها الأكبر الأستاذ/ عبدالله البردوني:
منذ بدأنا الشوط .. جوهرنا الحصى
بالدم الغالي وفردسنا الرمال
وإلى أين؟ عرفنا المبتدى
والمسافات ـ كما ندري ـ طوال
وكنيسان انطلقنا في الذرى.. نسفخ الطيب يميناً وشمال
نبتني لليمن المنشود من سُهدنا جسراً وندعوه تعال.
فهذه الإشراقة الثورية الوطنية، مهما كان مضيؤها تعساء ستظل نهج الشرفاء الذين يمثلون طليعة الشعب.. على أية حال نحن لا نلوم الشاعرة / هدى أبلان، وإن كانت تتحمل جزءاً من المسؤولية ، بحكم أنها لم تبحث عن قنوات قانونية ورسمية لتحقيق هذا المشروع الذي كان سيحسب شخصياً لها وقبل ذلك لفخامة الأخ/ علي عبدالله صالح ـ رئيس الجمهورية.
في الواقع لا نريد هنا كأدباء وكتاب ومثقفين أن نتباكى بقدر ما نريد أن نطرح هذا الأمر والحلم الذي أجهض بأوسع معنى الكلمة للمعنيين بمختلف الجهات لأنه من حقنا أن نحلم، حقنا نحس بالأمان وأن يكون لنا سكن ووطن في هذا الوطن وإحساس حقيقي ومتنامي بالمواطنة، فهذه النخبة والطليعة المثقفة في كل زمان ومكان، تعتبر سر التقدم عند البشر لأنها تمثل على الدوام العقل الجديد ، كما أنها أهم عنصر من عناصر نجاح التنمية ونهضة الشعوب، كما أنها وحدها أيضاً القادرة على محاصرة الجهل والطائفية والعصبية والغزو الفكري بما تمتلكه من ضوابط فكرية وقيم إنسانية ووطنية وإبداعية وأخلاقية ووحدهم هؤلاء الأدباء والكتاب والمبدعون على طول وعرض التاريخ البشري من يهزمهم الإحساس الإنساني والوطني بكل عمق لدرجة يجعلون فيها من أفكارهم وقلوبهم ونتاجاتهم نوافذاً لأرواح الناس ورئات يتنفسون بها وهذه الشريحة "الطليعة" وحدها أيضاً من تمكن المجتمعات من الانطلاق من مغاليق التخلف والصراعات والأفكار الصنمية الظلامية إلى فضاءات الحضارة والتسامح والإبداع والمحبة والنهوض.
لهذا ليس كثيراً عليهم الحصول على قطعة أرض ومأوى يقيهم الذل ويكفهم عن الحاجة ويرفع من معنوياتها لمواصلة العطاء وليس كثيراً ولا محرماً على هؤلاء الحصول على الوظائف المرموقة التي تساعدهم على العطاء وتنور الناس وتمكنهم من الإحساس بالثقة والوطن الكامن في الأعماق والوجدان.
خلاصة القول: الأدباء والكتاب والمثقفون لزاماً على المجتمع بأضلاعه الثلاثة الدولة والقطاع الخاص والمجتمع أن يعطوهم مكانتهم التي يستحقونها وعلى كل المستويات المادية والمعنوية والأخلاقية والنظر إليهم ليس باعتبارهم غلابى، ومرضى نفسيين كما يحلو للبعض أن يصفهم وإنما باعتبارهم الحبل السري الذي يمد المجتمع بالحياة الكريمة وبالإبداع والدهشة والجمال والنهوض وجسور التواصل الثقافي، سواءً في المجتمع الواحد أو بين أجنحة الثقافات إقليمياً وعربياً وإنسانياً.
ختاماً نقول لقد أحببنا الكثير من الشعوب والحضارات والثقافات من خلال أدبائها ما يعني أن الأدباء والمفكرين والكتاب والفلاسفة هم من يقدمون شعوبهم وثقافاتهم للآخر بما يبدعونه في انتاجاتهم.
 خذ لك على سبيل المثال : لقد أحببنا تشيلى واحترمنا ثقافة واسم ومثقفي هذا البلد من خلال الكاتبة"إيزابيل الليندي" وكذلك "البيرو" كولميا من خلال الكاتب "ماريوفارجاس" وما ركيز وهلم جر في أوروبا وروسيا وتركيا من خلال بروست ولا مرتين وسكليجر وبوالو وتولستوي ونيتشه وشكسبير ورامبوا وريبرتوسا فيانوا وأورهان باموق وغيرهم" لهذا يا قوم يا حكومة يا مجتمع نتمنى أن تتغير النظرة إيجابية باتجاه الأديب والكاتب والمفكر والفيلسوف باعتباره أهم عنصر من عناصر التقدم والنهوض ومن يضطلع بإيصال رسائل التنوير والمحبة والسلام.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

محمد الجماعي

2024-05-06 23:20:44

"فسيلة" الزنداني؟

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد