;
بقلم / هاني احمد علي
بقلم / هاني احمد علي

الحرية بلون الدم 1399

2011-03-20 09:05:47


لم يكن يوم الجمعة الماضي كأيام اليمنيين الاعتيادية ، فقد كان اللون الأحمر هو السائد في ذاك اليوم حين امتزج لون الدم بلون الدموع وفاحت دماء الشباب الشهداء عطرة زكية كرائحة المسك والعبير، فاختلطت جميعها لتصبح نكهة الحرية والعزة والكرامة هي المحببة لكل من ارتضى لنفسه أن يسلك سبيل التحرر والإنعتاق من قيود الظلم والاستبداد الذي ظل الجميع أسيراً له منذ عقود .
من كان يرى الشهداء عندما كانوا يتساقطون الواحد تلو الآخر على أيادي قلة من السفاحين والمجرمين يدرك ساعتها أن الحرية لا تأتي إلا على أكتفاف خيرة الشباب الذين قدموا أرواحهم رخيصة في سبيل الانتقال بهذا الوطن المغلوب على أمره إلى حياة كريمة، بعيداً عن الهموم والتسول ومواطنة حقيقية يسودها العدل بعيداً عن المحسوبيات والوساطات والتهميش.
هنيئاً لشهداء التغيير والحرية فقد ارتضوا لأنفسهم ميتة يتمناها كل من يحب الله ورسوله ، فمن لا يتمنى الشهادة في سبيل الله وفي سبيل الوطن؟، فهي وربي أسمى أمانينا ورغبتنا ، فهنيئاً لأولئك الشباب التي كانت وجوههم تضيء نوراً وبدت وجوه الشهداء ولسان حالها يقول: (لا تحزنوا .. فنحن الأعلون .. وما قدمناه ليس كثيراً في حقكم .. فنحن فزنا اليوم .. وربحنا الشهادة من أجلكم وفي سبيل حريتكم وكرامتكم.. فنحن لم نمت ولكننا عند ربنا أحياء نرزق ) .. فقد بدا أولئك الشهداء وكأنهم "بنيان مرصوص" وجميعهم يردد بصوت واحد :
(إذا الشعب يوماً أراد الحياة
                           فلا بد أن يستجيب القدر
ولا بد لليل أن ينجلي
                        ولابد للقيد أن ينكسر) ..
فسلام عليكم يوم ولدتم ويوم استشهدتم ويوم تبعثون أحياء.
وفي الطرف الآخر كان هناك بعض ممن "قست قلوبهم فهي كالحجارة أو أشد قسوة" ، كانوا على أسطح المنازل يترقبون إخوانهم المعتصمين العزل التي كانت جباههم تنحني للخالق في صلاة الجمعة، فما أن انتهت الصلاة بـ(السلام عليكم ورحمة الله .. السلام عليكم ورحمة الله) لم يكن للسلام طريقة لدى أولئك السفاحين والمجرمين والبلاطجة ، فقد كانوا يواجهون شباباً عزل بقناصات ورشاشات ليس لهم ذنب سوى أنهم خرجوا مودعين أهاليهم إلى ساحات التغيير علهم يعودون وقد تحقق حلمهم الضائع خلف نظام بائس أصبحت أركانه هشة وعناصره ضعيفة بفضل الفساد والفقر والبطالة والجوع الذي بات يدق جميع أبواب المواطنين وصارت حياتهم جحيماً مخلفة المزيد من الجرائم والانتحار بفضل هذا النظام الذي صار حكراً على عدد من المسئولين وعلى حساب الملايين من أبناء هذا الشعب .
مجزرة الجمعة نزلت كالصاعقة على كل من وصلته الأنباء أو كان يشاهد التلفاز ، فالجميع لم يكن يتخيل أن يصل الوضع إلى ما وصلت إليه، فثورة الشباب السلمية في تونس ومصر لم تواجها القناصات من أسطح المنازل ولم يكن حتى يدور في مخيلة النظامين التونسي والمصري آنذاك القيام بنفس العمل ، ولكن في اليمن يبدو أن النظام لدينا فهم الحكمة اليمانية بصورة خاطئة .
هل كان يعي أولئك المجرمون الذين باعوا أنفسهم للشيطان أن قيامهم بهذا الفعل الشنيع التي اهتزت لها كل المنازل اليمنية جريمة لا يقرها دين ولا تقرها الشرائع السماوية ، وهل كان هؤلاء السفاحون يعوا كلام الله تبارك وتعالى : {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاء تْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ}.
وقول الحبيب عليه الصلاة والسلام : "كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه".
أخيراً أقول إن هذه الجرائم التي ترتكب بحق الشباب العزل بساحات التغيير لن تزيدهم إلا صلابة بفضل عزيمتهم ودعاء آبائهم وأمهاتهم وإخوانهم من أبناء هذا الوطن ، فهم يسطرون أنصع صور الفداء والتضحية في ميادين الشرف والكرامة، مهما ارتكبت بحقهم الجرائم فهم صامدون .. صامدون .. صامدون .
وإلى شهداءنا الأبرار في عموم محافظات الجمهورية خالص دعاءنا وإلى جنة الخلد بإذن الله ماضون .. وإلى كل المتآمرين على هؤلاء الشباب تبت أياديكم ستصلون بنار هذه الثورة وستلاحقكم كل الخيبات والعار في كل مكان أنتم فيه تقيمون .

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

محمد الجماعي

2024-05-06 23:20:44

"فسيلة" الزنداني؟

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد