;
علي الربيعي
علي الربيعي

الشعب لا يحتاج مبادرة الخليج 1976

2011-05-17 03:53:05


هناك شعب اسمه اليمن يستوطن آخر كوكب المجموعة الشمسية، يعيش معظمه وفق عادات البدو الرحل، لاهثاً وراء الماء والمرعى، عفواً وراء لقمة العيش بعدما جار عليه الزمن وأصابته غوائل الدهر وصبت عليه السياسة نكبات الويل، فحولته من العربية السعيدة إلى العربية التعيسة أحياناً تسقطه مراكبه على حدود دول الرخاء، حيث يهرول الكثيرون حفاة الأقدام، لعل وعسى تشفع لهم أواصر قربى أو تستوعبهم حوافز الدين أو عوامل الجغرافيا واللغة، فلا يجدون إلا الشراك المنصوبة والفخاخ المعدة والكمائن بالمرصاد وتستمر المطاردة لمن حالفه حظه بتجاوز الكمائن وحراس الحدود قد يجد الآخرون متعتهم في مطاردة الصيود الآدمية بفعل الحوافز المدفوعة والمشجعة للمطاردة في مناطق يعشق أصحابها رحلات الصيد عن طريق الصقور التي تعتبر أغلى وأكثر من ذهب ولؤلؤ في أثمانها الخيالية، فتستوطن قصور وخيام الشيوخ وتحلق معهم في الفضاءات الأوسع خارج الحدود للمتعة وليس للبحث عن الصيد للأكل وسد الرمق.
تلك هي متعة وهواية علّية القوم وتبقى وضيفة صيد الآدميين لطبقة العساكر ومجاميع أطلق عليها لقب المجاهدين الذين يجاهدون ويطاردون الغزاة القادمين من خارج المجرة للبحث عن عمل أو تقديم خدمة سائق أو بقال أو حتى رعي الأغنام والجمال الذين ضاقت عليهم السبل في وطنهم الرحب، فلم يعد لهم متسع، لأن الهوامير تستثمر البر والبحر وتغزوا البلاد أكثر من سراب الجراد، فتأكل الأخضر واليابس وتشرب العذب والمالح.
ولم تكن بكثرة يأجوج ومأجوج، ولكن بجشع يفوق جشعهم وهوارتهم وطمعهم، وجد الكثيرون أنفسهم عرضة للانقراض أكثر من الفيلة التي تقتل بسبب العاج الثمين رغم أن هؤلاء لا يملكون ما ينقرضون من أجله، سوى حظهم الذي تنكر لهم عندما عاشوا مع الهوامير على رقعة أرض نهبت خيراتها بأيدي جماعة لا يتعدى عددها العشرات.
وعندما بدأت تلوح لحظات الخلاص وبوارق الأمل لامعة من سحاب المتوسط من حضارة قرطاج ومن زوايا الأهرامات، فينعكس بريقها على قصر غمدان وبقية أطلال عرش بلقيس، استفاق مع هدير رعدها النائمون الذين ملوا الترحال والسفر والمطاردة وعناء الغربة والكربة، مدركين كوامن الخطأ، وباحثين عن تصحيح أوضاع جعلت بلدهم طارداً لا جاذباً لهم، بفعل فاعلين يصرون أن معهم الحق في أفعالهم وقناعاتهم بإصرار من يدعون الحق الإلهي ورؤية أنفسهم فوق الناس الذين هم في نظرتهم لا يساوون حتى العبيد في أعراف الجاهلية، ما بالك بالإسلام.
وبكل الحرص الذي يدفعون ضريبته دماء القلوب وجروح الأجساد حباً لوطن لم يروا على ظهره سوى المآسي والنكبات، مدركين مدى خيريته، فيما لو أدير بأيدٍ تغسل بمائه الطاهر لا بالمياه المستوردة, يستبشرون خيراً بدعوة الجيران إلى مبادرتهم التي خيبت آمالهم، حيث وجدوها طعنةً للظهر تضاف إلى الطعنات التي تصب كل يوم على الرؤوس والصدور والبطون وجعلتهم واقعين بين سندان المبادرة ومطرقة البلاطجة ومن يقف وراءهم.
   جاءت المبادرة أو صيغت لإنقاذ الجلاد وتعذيب الضحية، لتدار حولها الحوارات والنقاشات ورحلات الذهاب والإياب، رغم أنها مأخوذة من سراب الصحراء لا يمكن أن تروي عطشاناً، لأنها ليست حقيقة المياه التي يبحث عنها الكثيرون من العطشى.
وبما أنها مبادرة هلامية، نتمنى أن تصنع من مادة مقواة تستطيع الثبات وتبحث عن مخرج لوطن بمواطنيه، ولو بإنشاء وطن بديل في قارة أخرى أو عالم آخر، فالبقاء والخلود لمن يحكم والفناء والرحيل لأرض ومحكوم، أليس هذا معنى المبادرة؟

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد