;
علي الربيعي
علي الربيعي

ابتسم.. أنت في اليمن 1972

2011-07-06 01:48:05


عبارة تقال للتهكم والتندر والنكتة ووصف الحالة بالمقلوب عن طريق طلب الابتسامة، وليس مقصوداً هنا الابتسامة، وإنما المقصود الضحك في حال المصيبة والمشكلة والأزمة حتى ينطبق القول على الحالة "شر البلية ما يضحك".
قرأت العبارة قبل سنوات مكتوبة على إحدى براميل الزبالة في مدينة التندر والتهكم ذمار: ابتسم أنت في اليمن، قرأتها وضحكت ولم أكتف بالابتسامة فقط، لأن برميل الزبالة -أكرم الله القارئين- كان محاطاً بالزبالة من كل مكان، بحيث يصعب الوصول إليه، ولأن البلدية تترك البراميل أياماً وأسابيع قبل أن تتكرم سيارتها بزيارة هذه البراميل.
أما البرميل الآخر فقد كان مكتوباً عليه ممنوع الاقتراب هذا برميل حدود جمهورية ذمار العظمى كنوع من السخرية وتذكيراً للبلدية أن هذا برميل زبالة عليها أن ترفعه وتحمل محتوياته وليس برميل حدود لا يتحرك ولا يتزحزح من مكانه..
أما الآن فإن عليهم أن يكتبوا عبارات التهكم إن كان لا يزال هنالك مجال للتهكم والسخرية والتندر على الجدران بعد أن فقدت البراميل واختفت من الشوارع، لأن البحث عن البراميل أخذ نوعاً من التطور والتحديث والنقلة النوعية والقفزة الهائلة في مضمار النهوض الحضاري، حيث تم الاستغناء عن براميل الزبالة، لأنه لم يعد هنالك ما يرمى إلا في بيوت الأبهات التي تأتي إليها سيارات البلدية، فتوفر عناء نقل كميات النعمة المرمية, أما العامة فقد انشغلوا في البحث عن براميل من نوع آخر, برميل ديزل أو بترول, لا ليرموا فيه شيء وإنما ليرتموا في أحضانها أكثر من عشاق "ليلى" بعد أن وصل برميل الديزل إلى "80" ألفاً أو "100" ألف ريال.
 فماذا عسى أصحاب التندر أو النكتة أن يقولوا أو يكتبوا؟ وهل بقي مجال للتندر؟ أم أن النكتة جفت منابعها مع جفاف ريقهم لهثاً وجرياً وسباقاً وراء دبة غاز أو لترات من بترول أو ديزل أو أصابهم ما أصاب الذين تدفعهم الحاجة للاستعانة بسماسرة السوق السوداء الذين يبيعون البترول والديزل بأسعار خيالية، فيجدون أنفسهم واقعين بين كارثتين أو نارين معاً غلاء السعر الجنوني والخيالي وخلط المحروقات بالمياه أو بسوائل أخرى تؤدي إلى تعطيل السيارات.
سنقول في النيابة عنهم: ابتسم، فأنت في اليمن ونحن نرى الطوابير اللامتناهية تحيط بالمحطات البترولية، بل تحيط بالأحياء إحاطة السوار بالمعصم, ونقول: ابتسم، فأنت في اليمن ونحن نحمل دبات الغاز على ظهورنا أو على الدراجات الهوائية، نسابق الريح من شارع إلى شارع، نقف في طابور هنا لساعات وربما لأيام حتى إذا ما أوشكنا على الوصول والفوز بدبة الغاز أو لترات بترول، يعلن نافخ صور الغاز أو البترول أن القيامة قامت والكمية نفذت، فيصعق الكثيرون من هول تعبهم وعنائهم، مهرولين نحو موزع أو محطة أخرى وطابور جديد، فيتكرر السيناريو نفسه وتختلط صور المشهد مع بعض بقية صور المرشحين في الانتخابات النيابية أو المحلية التي ما زالت تشوه جدران الأسوار متشبثة بقوة بمكانها، رغم الحرارة والمطر والرياح تعلو وجوه البعض ابتسامات عريضة وكأنهم يضحكون مقدماً على الحالة التي يدركون أنهم سيوصلون إليها نتيجة السياسة التي لا يعرف أصحابها إلا إثارة الأزمات واختلاق المشاكل والعبث بحياة الناس واللعب بمصادر رزقهم.
والبعض يبدو مكشراً مكفهراً، ربما لأنه لم تصله بعض الفوائد والغنائم يومذاك، التي كانت من نتائجها ظروف اللحظة الراهنة ولم يدرك ابتسامة الفرح كزملائه وإنما ترك الابتسامة لنا نبتسم ونضحك بملء الأفواه، ساخرين من حالنا، مرددين "شر البلية ما يضحك" بعدما وعدنا بأنابيب الغاز التي ستزور كل البيوت، فغابت الدبة ولم يأت الأنبوب, وأصبحنا ضحايا مواعيد عرقوب.
 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد