;
أمجد عرار
أمجد عرار

ليعود اليمن سعيداً 1514

2011-09-24 02:47:14


سقوط مئات القتلى والجرحى اليمنيين في يوم واحد من أيام البلد الذي عرفناه سعيداً، يبعث على الذعر والارتعاش، ويشعل الضوء الأحمر إزاء هذه الدماء من أبناء الشعب الواحد، سواء كانوا من مؤيدي هذا, أم من أنصار ذاك من الشقيقين المتناحرين . هذا لا يعني أن البديل هو إيقاع هذا العدد من الضحايا في فترة أطول، لأن في كلا الحالين نزيفاً مميتاً وممراً إجبارياً إلى لا شيء سوى الدمار والمآسي وإطالة أمد الأزمة . منذ اشتعال هذا البلد بالاحتجاجات الشعبية إلى هذه اللحظات الدامية، ونحن يتملّكنا التقدير والإعجاب بأبناء اليمن على ما بدا منهم من حلم وسعة صدر، وعلى مدى صبرهم وجلدهم . ففي بلد يعج بالقبائل والسلاح والفقر وكل مقوّمات فقدان الأعصاب، ليس هناك ما هو أسهل من اندفاع أبنائه نحو الاصطدام الأشد وطأة وغير محمود العواقب .
ما مر به اليمن خلال الشهور الماضية كان صعباً . ومع ذلك كان يمكن احتسابه ثمناً لبناء يمن جديد، لكن ما جرى خلال الأيام الماضية يشي بما هو أصعب، وما هو أخطر . فعندما تتحوّل حالة شعبية سلمية متواصلة إلى حرب شوارع تستخدم فيها شتى أنواع الأسلحة، تقفز المخاوف من مكانها وتتحسس التوقّعات مصير اليمن الدائر في حلقة مفرّغة، ويطل سؤال الاتجاه: إلى أين؟ . حالة المراوحة في الصراع من أشد الحالات خطورة لأنها تُفضي إلى فقدان الأعصاب وتحطّم البوصلة . وعندما يحدث ذلك تخرج الأمور عن الحسابات المتبادلة وتصبح خارج السيطرة، ويصبح البلد بحاجة إلى زمن فلكي لكي يتعافى، هذا إذا وجدت هذه المراوحة والازدواجية نهايتها بأقل الخسائر .
كان الكثير منا يضع يده على قلبه كل إشراقة صباح، خوفاً من أن تنزلق بلاد التاريخ العريق والحضارة الثرية إلى ما لا يرضاه إنسان أو يتمناه صديق . لكن شباب التغيير في ساحته نأى بنفسه عن العسكرة المدمّرة وحافظ على سلميته ورباطة جأشه أمام محاولات الكثير من الخفافيش التي تنتعش في ظلام المجهول وترسل تردداتها المشبوهة لتجر البلاد والعباد إلى هاوية لا يخرجون منها . نتذكّر النصف الجنوبي من اليمن عندما كان دولة، ولن ننسى ذلك اليوم الشيطاني من مطالع سنة 1986 عندما تحوّل خلاف داخل المكتب السياسي إلى انقسام جرّ إلى صدام دموي استخدمت فيه الدبابات بين رفاق الحزب الواحد . وهنا نستذكر التجارب المرّة لنقول إن الجينات الموروثة من آلاف السنين لا تستسلم بسهولة للأيديولوجيات، مهما كانت راقية .
مؤلم أن نجد أنفسنا في وضع يشبه نفقاً بلا ضوء في نهايته، فالنزيف مستمر والجرح يزداد غوراً والبؤس يجدّد نفسه، والوضع يزداد سوءاً والبلاد كلها في حالة شلل، والناس من لحم، ودم وليسوا محرّكات ألمانية . من المهم أن ينبت السؤال التاريخي العبقري: ما العمل؟ . إذا كان كلا الطرفين، النظام ومناوئوه، يشعر بالقدرة على الاستمرار في معركة الإرادات، فإن النفق يزداد طولاً والظلام يصبح أشد وطأة . لا بد من مخرج إبداعي يضع اليمن على سكّة السلامة ويجنّبه مصير الندامة . لا معنى هنا للرؤوس الحامية ولا مكان لمنطق اللامبالاة وسياسة الإلغاء، ثمة طرفان يمنيان، ويجب عليهما تحمّل المسؤولية التاريخية لإنقاذ البلد عبر إبداع حل يوقف النزف ويمنع من الانتقال إلى حرب أهلية تسقط معها الحسابات والمعايير والمسؤولية والضمير الوطني، فهل ننتظر من يعلّق الجرس يمنياً أو عربياً؟
نقلاً عن الخليج الإماراتية


الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

محمد الجماعي

2024-05-06 23:20:44

"فسيلة" الزنداني؟

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد