;
مجلة فورين بوليسي الأمريكية
مجلة فورين بوليسي الأمريكية

شقق فاخرة هل هي لصالح أم للإيجار 2872

2011-10-20 06:14:27


لماذا العائلة الرئاسية في اليمن اشترت عقارات بملايين الدولارات في واشنطن؟
بقلم: كين سيلفرستاين                                          ترجمة/ أخبار اليوم  

بعد وقت قصير من منحنها مع فائزتين أخريين جائزة نوبل للسلام هذا الشهر، قالت الناشطة اليمنية توكل كرمان إنه إذا الرئيس المحاصر علي عبدالله صالح ترك السلطة، فينبغي على المحققين أن يبدؤوا فورا في البحث عن الأصول التي يملكها أعضاء حكومته في الخارج. 
وقالت كرمان إن المال "المنهوب" من قبل النظام يجب أن "يعود إلى الشعب اليمني". 
فإذا ما تم إجبار صالح على التنحي بعد أكثر من ثلاث عقود في السلطة، فإن صيادي الأصول قد يرغبون البدء في بحثهم من السجلات العقارية في واشنطن التي تظهر أن رجلا يدعى أحمد علي صالح أشترى في عام 2007 أربعة شقق سكنية في عمارة فاخرة في منطقة فرندشب هايتس بالقرب من أحد أرقى أماكن التسوق في العاصمة واشنطن. 
لقد دفع 5.5 مليون دولار نقدا قيمة الشقق الأربع. كما لديه أملاك تقدر قيمتها بنحو 220000 دولار في فيرفاكس بولاية فيرجينيا واشتراها في التسعينات. صالح هو اسم شائع في اليمن، والسفارة اليمنية بواشنطن لم تعلق على هذه المسألة، لكن أدلة مادية تشير إلى أن أحمد علي صالح الذي يملك الشقق الأربع هو الابن الأكبر والوريث الظاهر للرئيس صالح. وهو أيضا قائد قوات الحرس الجمهوري النخبة، التي قادت العديد من الهجمات المزعومة على المتظاهرين سلميا في البلاد المخيمين بساحة التغيير في صنعاء. 
اليمن، أفقر دولة عربية، فجرت في فبراير ثورة ضد حكم عائلة صالح بعد وقت قصير من سقوط بن علي في تونس. ومنذ ذلك الوقت يتنافس مقاتلون قبليون وناشطون شباب مؤيدون للديمقراطية إضافة إلى قوات الأمن الحكومية من أجل السيطرة على السلطة. وقد شهدت العاصمة في الأيام الأخيرة أعمال عنف. 
تقول منظمات حقوق الإنسان الدولية إن الحكومة اليمنية قتلت المئات من المتظاهرين على الأقل منذ بداية الثورة، والبعض يقدر عدد القتلى بأضعاف ذلك. أحد أسباب اندلاع الاضطرابات في اليمن هو الغضب من الثراء الفاحش للعائلة الحاكمة، وأصبح الجيش مدر رئيسي للثروة. بالإضافة إلى الحرس الجمهوري، فأقارب الرئيس صالح سيطرون على أجهزة رئيسية أخرى في الجيش والأمن. النفط في اليمن ينفد بسرعة وهو الذي يدعم الاقتصاد، إلى جانب موارد أخرى، الأمر الذي يجعل الوضع قابل للانفجار الشديد.
هناك بعض أفراد من عائلة صالح يعيشون في واشنطن حياة فاخرة. من بين الشقق الأربع المملوكة لأحمد علي صالح، أغلاهن التي اشتراها بـ1.7 مليون دولار معروضة حاليا للإيجار مفروشة مقابل 7500 دولار شهريا. هذا المبلغ يعادل تقريبا ما يجمعه يمني راقي في غضون سبع سنوات. 
قائمة الإيجار تصف الشقة البالغ مساحتها 2019 قدم مربع بأنها "فاخرة ومذهلة"، تتكون من غرفتي نوم وحمامين أحدهما به جاكوزي وأرضيتها مرصعة بالخشب الصلب إلى جانب الرخام والجرانيت والنقوش. وتضم القائمة أيضا مكتب للمبنى مفتوح على مدار الساعة ومركز للياقة البدنية. 
في الواقع إن شقق صالح هي قاب قوسين أو أدنى من بلومنجديلز ونيمان ماركوس وعدد كبير من تجار التجزئة الراقية في مجمع للتسوق بشارع ويسكونسن. 
يقول فرانك غولدشتاين، الذي يرأس جمعية مالكي شقق المبنى، إن شبابا يمنيين في العشرينات من العمر عاشوا في الشقق وإن السفارة اليمنية أخبرته أن هؤلاء اليمنيين هم أبناء عم وأبناء أخوه الرئيس الذين كانوا يدرسون في جامعات واشنطن. 
السجلات القانونية تظهر أن خالد صالح، وهو أسم لأبن آخر للرئيس صالح، كان يعيش في إحدى الشقق في عام 2009. لقد كشف أحد البحوث في قاعدة البيانات العامة أن أحد أحفاد الرئيس صالح قد عاش في ممتلكات فيرفاكس التابعة لأحمد علي صالح. 
خالد صالح واثنين على الأقل من أقارب الرئيس يتلقون حاليا رواتب من السفارة، وذلك وفقا لوثيقة تقدمت به الحكومة اليمنية إلى وزارة الخارجية الأمريكية. 
وقال لي مصدر أمريكي إن أحمد علي صالح نفسه عاش في واشنطن في منتصف التسعينات وتخرج من جامعة أمريكية. وأكدت الجامعة أن أحمد علي صالح تخرج من الجامعة في التسعينات لكنها لم توفر معلومات أخرى. 
وقال عدد من الأشخاص المرتبطين بالمبنى من ضمنهم غولدشتاين إنهم لم يلتقوا إطلاقا بمالك الشقق، لكن السفارة اليمنية في واشنطن كانت نقطة الاتصال عندما تبرز أي قضايا. 
عندما اتصلت بخدمة البواب في المبنى وأخبرته أني أريد الاتصال بأحمد علي صالح، قال لي من أجابني: "انه لا يعيش هنا. وإذا أردت أي شيء اتصل بالسفارة اليمنية وهم يوصلوني إلى أحد الأشخاص. فإذا أردت أي شيء من مالك هذه الشقق، عليك الذهاب إلى السفارة".
وقال دافني كوتس الذي يدير وحدة عقارات نورمان: "لم التقي بالمالك أبدا أو تحدثت إليه. ولا أعرف أين يعيش هنا أو في اليمن. عندما احتاج إلى أي شيء اتصل بالسفارة وهم يوصلوني بأحد الأشخاص لأتحدث معه". 
وقال لي غولدشتاين إن السفارة أخبرته بأن أحد أشقاء الرئيس أمتلك الشقق. أما مسئول الشؤون العامة بالسفارة اليمنية بواشنطن محمد الباشا فرفض القول أن الرئيس ليس لديه شقيق يدعى أحمد علي صالح أو أي قريب بهذا الاسم غير ابنه البكر. وعندما سألته مباشرة إذا كان صاحب الشقق هو نجل الرئيس، فرد علي: "ليس لدي أي إجابات لأسئلتك"، واقترح علي التواصل مع السكرتير الصحفي لأحمد علي صالح في اليمن، الذي لم يرد على طلبي عبر البريد الإلكتروني. 
في 17 أكتوبر اتصلت بالسفارة اليمنية وقلت لموظفة الاستقبال إني أريد التحدث مع المسئول في السفارة عن شقق أحمد علي صالح. حولتني إلى امرأة أخرى التي سخطت علي عندما قلت لها أني أريد تأكيدا على أن نجل الرئيس هو مالك الشقق السكنية. وقالت: "هكذا تطرح أسئلة لا شأن لك بها. ما مصلحتك في من يملك هذا العقار؟" 
وعندما ضغطت عليها، قالت المرأة، التي لم تعطيني أسمها بل قالت إنها تعمل مع السفير، إنها ستتواصل معي لاحقا لترد على سؤالي حول مالك العقار. وحتى الآن لم أتلقى منها جوابا. وعندما سألتها كيف يمكنني التأكد عن صاحب الملكية، ردت علي: "حاول الاتصال بالحكومة اليمنية وشوف إلى أي مدى يمكنك أن تحصل على إجابة". 
تحدثت مع أربعة خبراء أمريكيين الذين لهم باع طويل من التجارب الحكومية والخاصة في اليمن ومعرفة دقيقة بهذه الأسرة الحاكمة. قالوا جميعا إنه بالنظر إلى الأدلة، بما فيها الثروة الواضحة لمالك العقار، فإن نجل الرئيس غالبا هو المالك. 
أحدهم قال إنه "من المستحيل عمليا" ألا يكون هو المالك، مضيفا "من غير المعقول أن هناك علي أحمد صالح آخر في اليمن لديه 5 ملايين دولار لشراء شقق في واشنطن". 
وقال آخر انه خلال محادثاته مع دبلوماسيين يمنيين، ذكر العديد منهم بأن نجل الرئيس لديه أملاك في واشنطن.
في العام الماضي قالت صحيفة نيويورك تايمز في خبرا لها إن هناك شعور في اليمن بأن "مؤسسة عائلية" تدير البلاد. وفي برقية لوزارة الخارجية الأمريكية كتبها أحد مسئولي السفارة الأمريكية بصنعاء في عام 2005 ونشرتها هذا العام ويكيليكس، قالت البرقية: "تفشي الفساد الرسمي يعيق الاستثمار الأجنبي والنمو الاقتصادي والتنمية الشاملة". 
ويقول آخر تقرير سنوي صادر من وزارة الخارجية الأمريكية عن حقوق الإنسان في اليمن إن "كثيرا ما يشارك مسئولون في ممارسات الفساد مع الإفلات من العقاب" وإن مراقبين دوليين "يعتقدون بأن مسئولين حكوميين وبرلمانيين استفادوا من معاملات سرية واختلاس للأموال".
وقال لي ديفيد نيوتن، السفير الأمريكي السابق في اليمن خلال الفترة من 1994 و1997: "إنها دولة فقيرة، لذلك ليس هناك الكثير من المال لسرقته، بل لأنها فقيرة بأنها تحتاج إلى كل دولار تحصل عليه. لكن الفساد يضر حقا". 
إدارة الرئيس باراك أوباما، التي استهدفت بطائرات بدون طيار متشددي القاعدة المشتبه فيهم الموجودين في اليمن، من ضمنهم رجل الدين الأمريكي أنور العولقي الذي قُتل في أواخر سبتمبر، عملت بشكل وثيق مع حكومة صالح في قضايا مكافحة الإرهاب لكنها أعلنت أنها ضد نظام صالح. 
في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 21 سبتمبر، قال أوباما إن اليمنيين الذين يطالبون الإطاحة بصالح كانوا يسعون إلى "التغلب على نظام فاسد" وإن "أمريكا تدعم تلك التطلعات".
وزارة الخارجية طلبت 35 مليون دولار كتمويل عسكري أجنبي لليمن للسنة المالية القادمة. مجموع المساعدات العسكرية والأمنية والاقتصادية لليمن تجاوز 100 مليون دولار خلال العامين الماضيين، وذلك بحسب تقرير صادر من قسم الأبحاث بالكونغرس.
ستيفاني برانكافورتي، وهي مديرة مكتب برلين لمنظمة أفاز الخاصة بحقوق الإنسان والتي عملت في اليمن على نطاق واسع، انقدت السياسة الأمريكية حول ذلك. 
وقالت: "قوات صالح لم تقتل المتظاهرين فحسب، بل تسببت بتعمد في قطع المياه والكهرباء على ملايين من الناس. لقد استثمرت الولايات المتحدة أكثر من 100 مليون دولار في مكافحة الإرهاب في اليمن، لكن هذا المال ذهب في المقام الأول إلى دعم أسرة فاسدة. وفي نفس الوقت، فإن نسبة أن يكون اليمني ضحية للإرهاب هي أقل من أن يكون ضحية لسوء التغذية".
أحمد علي صالح هو واحد من أقوى الرجال في اليمن ووالده طالما هيأه ليكون خلفا له على الرغم من أن الرئيس وعد مؤخرا بأن نجله لن يخلفه. وعندما انتقل الرئيس صالح إلى السعودية في يونيو بعد تعرضه لحروق خطيرة في هجوم على مسجد كان متواجد بداخله، تحرك النجل الأكبر لصالح إلى دار الرئاسة وسيطر على زمام الأمور. وتورطت قواته مباشرة في بعض من أسوأ الانتهاكات المرتكبة ضد المتظاهرين. 
برقية أخرى صدرت من السفارة الأمريكية باليمن في عام 2005 قالت إن الرئيس كان يعمل خلال السنوات التي تقود إلى الانتخابات المقررة في عام 2013 "لزفاف نجله وتسليط الأضواء عليه ووضعه في مواقف المسئوليات العليا بحيث يُنظر إليه على أنه مرشح مقبول". 
لكن البرقية قالت إن "هناك شكوك كبيرة في مدى لياقته البدنية للحصول على المنصب" وإنه "حاليا لم ينل نفس الاحترام مثل والده". 
ووصفت البرقية أحمد علي صالح بمركز "للوضع الراهن الذين أصبح من الصعب على نحو متزايد الحفاظ عليه نظرا إلى التدهور الاقتصادي والإحباط المتصاعد من الفساد الرسمي وزيادة الضغوط الأمريكية والدولية على النظام لتغيير الطريقة التي يدير بها البلاد". 
بالتأكيد أن أحمد علي صالح ليس المسئول الأجنبي الوحيد المثير للجدل الذي يشتري عقارات في الولايات المتحدة لكن هذه الصفقات قد تجذب التدقيق فيها إذا مثلا ظهر أن الأموال المستخدمة للشراء كان مصدرها الفساد. 
من الواضح أن أحمد علي صالح يتلاءم مع فئة "كبار المسئولين السياسيين الأجانب" وفقا لتصنيف القانون الوطني الأمريكي، الذين من المفترض أن يكونوا خاضعين لتعامل حذر وخاص من قبل المؤسسات المالية الأمريكية قبل الموافقة على أموالهم. 
جاك بلوم، وهو محام ومستشار سابق في مجلس الشيوخ الذي لعب دورا رئيسيا في التحقيقات في بنك الاعتماد والتجارة الدولية، لخص الشكوك الرئيسية التي تحيط حول شراء أحمد علي صالح للشقق، بقوله: "أي بنك أمريكي كان يشارك في أي نقطة في المعاملات، وإذا كان الأمر كذلك، هل أرفق البنك تقريرا عن الأنشطة المشبوهة؟ إذا كان الأمر كذلك، هل تم اتخاذ أي شيء معه؟ من أين يحصل على المال؟ هل تقدم لشراء تلك الممتلكات بناءا على راتبه الشهري؟"
محمد الباشا لم يقدم معلومات حول مقدار راتب الرئيس أو نجله أو غيرهم من كبار المسئولين الحكوميين. 
وعودة إلى الانتفاضة المتواصلة في اليمن. فالرئيس صالح قال مرارا وتكرارا إنه سيترك منصبه، لكنه يتراجع فقط في اللحظة الأخيرة. 
تشير قائمة الإيجار إلى أن لا الرئيس ولا نجله الأكبر يخططان للتقاعد والذهاب إلى واشنطن في وقت قريب. وتقول القائمة إن مالك العقار "سيفكر في التأجير لفترة طويلة"، لذلك يبدو أن أحمد علي صالح ليس على استعداد حتى الآن للانتقال إلى شقته الفاخرة في واشنطن.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد