;
عبد الباسط البحر
عبد الباسط البحر

تعز محرومة.. والبدائل موجودة! 1645

2012-02-12 03:09:25


أشعر بالحزن والأسى والاكتئاب منذ مدة قصيرة ـ وهذا طبعاً خلافاً لطبيعتي المرحة جداً والمتفائلة دائماً ـ وبالتحديد منذ أسبوع تقريباً.. حين قرأت تحقيقاً صحفياً أمنياً حول حرمان المحافظة من أهم مشروعين معتمدين من المانحين وهي بحاجة ماسة إليهما وهما مشروع مستشفى لمعالجة الأورام السرطانية لليمن عموماً وتعز على وجه الخصوص، وهو مستشفى متكامل تقدر تكلفته بـ ( 20) مليون دولار، وسيعمل على خدمة (35%) من سكان اليمن، ويمثل ضرورة وطنية ملحة، والآخر مشروع لمعالجة المخلفات البيئية وإعادة تدوير القمامة وهو واحد من أهم المشاريع البيئية على مستوى الشرق الأوسط، يتمثل بإنشاء مصنع لإعادة تدوير القمامة، خصصت له ميزانية تبلغ ( 12) مليون دولار بمنحة من البنك الدولي، إلا أن هذا المشروع أخفق بسبب عدم قيام السلطة المحلية بتوفير قطعة الأرض اللازمة للبدء بالعمل.. وبحسب التقرير أيضاً فإن المشروعين مدرجين من العام 2007م إلا أن المانحين مؤخراً قرروا سحب المنحة المخصصة للمشروعين وتحويلها إلى دول أخرى..
التحقيق منشور بصحيفة الجمهورية الاثنين 30/1/2012م العدد ( 15394) تحت عنوان:
( كانا مخصصين لأغراض إنسانية وتنموية المحافظة في غاية الاحتياج إليهما.. تعز تخسر مشروعين بـ 32 مليون دولار! ).
وهما كما هو واضح من أهم المشاريع المطلوبة بل والملحة والعاجلة، لكن من خلال التحقيق الموثق عرفنا أنهما سحبا من تعز والسبب عدم التزام المحافظة بما هو مقرر عليها في الاتفاق وهو أمر بسيط جداً لا يتعدى توفير الأرض المخصصة التي سيقام عليها المشروعان... وهذا ما يدع الحليم حيران وإذا كنت من المتفائلين المرحين على المستوى الشخصي فإن الأمور العامة تصيبك بالاكتئاب والغثيان!.
وعن أراضي تعز تذكرت قول الشاعر الحكيم:
ومن المصائب والمصائب جمـة       قرب السبيل وما إليها وصول
كالعيس في البيداء يقتلها الضمأ       والماء فوق ظهورها محمول
فاجتهدت رأيي لأسهم في حل الإشكال من وجهة نظري الشخصية التي قد يشاركني فيها بعض الأعزاء من المسؤولين أو القراء.. خاصة وأن أمين عام المحافظة يقول إنه بالإمكان إقناع المانحين بإعادة المشروعين إذا توافرت الأرض وحل الإشكال، كما أن هناك أيضاً مشروعاً ضخماً آخر قادماً في الطريق وهو المدينة الطبية المقدمة من دولة قطر وهو مشروع بمليارات الريالات وهو مهم جداً وضروري ونخشى أن يسحب ويحرم منه الناس بسبب مشاكل الأراضي... وقد سمعنا أن هناك مفاوضات تجرى بشأنه مع مواطنين بجوار المطار الجديد والله أعلم!.
على العموم فقد فكرت كثيراً وهداني تفكيري المتواضع جداً لحل منطقي وواقعي وبسيط وهو حل معقول بل أقرب ما تتصوره العقول لو كانوا يعقلون ـ لولا أن ضلها باريها لشيء في نفس يعقوب ـ هذا الحل بالمختصر المفيد لن يكون من أراضي وعقارات الدولة وهي بالمناسبة كثيرة وموجودة وتذهب لحساب مستثمرين وهميين أو خفيين وأيضاً لحساب أفراد نافذين مدنيين وعسكريين وأعرف شخصياً أنه قبل مدة بسيطة تم تمليك محافظ لإحدى المحافظات المستحدثة تبة من تباب تعز في عصيفرة وهي الآن مهجورة لأن عمله خارج المحافظة... ولن يكون الحل على حساب أراضي الأوقاف المظلومة...لكن الحل عندي هو أقرب من كل ما سبق ذكره والذي أذهب إليه مستعيناً بالله هو حل بسيط يتمثل في وجود أراضٍ شاسعة جداً و مهملة لدرجة غير متصورة ولا يستفيد منها أحد... ولا يلتفت إليها تفكير أحد... وهي في قلب المدينة الحالمة ومع ذلك بعيدة عن عقول مسئوليها وليس فيها أي مشاكل أو منازعات.. وقد يتساءل البعض وأين هي هذه الأرض ولماذا لا نراها؟ ولماذا لا يبسط عليها النافذون وتركوها لنا بسهولة؟!.
أقول وبالله التوفيق وعليه النكلان أنها تتمثل أولاً وقبل كل شيء في أراضي المطار القديم بجوار الملعب الرياضي المتعثر، فهناك مساحة واسعة جداً جداً من الأراضي وهي ( مؤخرة ) تتبع معسكر خالد بن الوليد بمفرق المخاء... وإلى ما قبل الأحداث الأخيرة لم يكن فيها شيئ يذكر من عتاد أو أفراد بل كانت شبه خاوية وبعد الأحداث تم استحداث موقع للمعسكر في منطقة الربيعي (بالقرب من النقطة هناك) وهو موقع يصلح أيضاً مؤخرة بديلة لهم إذا تم الاتفاق على إخلاء المؤخرة الحالية بالمطار القديم للصالح العام... وكان هناك مقترح بنقل المعسكرات من داخل المدن إلى خارجها مسافة 200كم، لكننا لا نطالب سوى بـ 2 كم فقط لا غير والدنيا سلامات خصوصاً وقد تطبعت الأوضاع وعادت المياه إلى مجاريها وقد رحل الجمل بما حمل..
وكان هناك مشروع قديم ـ رفضه أبناء المنطقة ـ ولا أدري إلى أين وصل، يقضي بتمديد مياه المجاري إلى منطقة (الشواكة) قرية غراب وهي تحت سور المعسكر مباشرة... كما أن مقلب القمامة بحذران جوار المعسكر ولا يبعد عنه كثيراً.. مما يجعله المكان المناسب لإنشاء مصنع تدوير المخلفات وإعادة تدوير القمامة.. أم أن المثل يصدق في هذه الحال: (الرزق ما أعسره... والموت يا سريع الغارة!!).
وثانياً هناك أراضي معسكر الأمن المركزي الشاسعة والواسعة والممتدة من السوق المركزي حتى كلابة... وهناك معسكر للنجدة قريب جوار حديقة الحوبان، فلو ينقل الأمن المركزي إلى هناك للمصلحة العامة (وكله أمن) والمسافة قريبة والأرض واسعة (والنفس بالقلوب) وهناك مواقع أخرى تتبع جهات عسكرية مختلفة معروفة ومعلومة للجميع وفي قلب المدينة كما ويمكن الاستفادة منها في وقت الضرورة... بل لو صدقت النوايا والتوجهات لا مانع من الاستفادة من مبانٍ رمزية وأراضٍ حساسة، فقد شاهدنا في تونس الحرة ـ على سبيل المثال ـ تحويل القصور الرئاسية إلى مشاريع استثمارية مخصصة للأغراض الإنسانية والتنموية والاكتفاء بقصر واحد في العاصمة... ووضع حلول للاستضافات الطارئة إما بالاستئجار أو بناء استراحات خاصة في بقية المحافظات.
كما يمكننا الاستفادة من مبنى ومساحة المحافظة السابق الذي حوّل لأحد الأحزاب وهو ملكية عامة كما نعرف في خدمة أبناء المحافظة جميعاً... كذلك مبنى الزراعة الأعلى في عصيفرة الذي حول في غمضة عين وانتباهتها للأمن القومي.. بقدرة قادر بينما المشاريع الخدمية والتنموية والإنسانية لا بواكي لها.. والأمثلة كثيرة تجلب الحسرة والعدامة على عقول مسئولينا الذين لا يعرفون كيف يرتبون الأوليات بحسب الحاجة والمصلحة..
يعلم الله وحده أننا لا نقول هذا الكلام من باب المزايدة السياسية ولا تسجيل المواقف التي اعتاد عليها كثير من الإعلاميين والسياسيين للأسف الشديد، فأنا أول مرة في حياتي أكتب مقالاً صحفياً براءةً للذمة وللمصلحة العامة، فالأمر من باب النصح والإبلاغ بقدر المستطاع وقول كلمة الحق فالساكت عن الحق شيطان أخرس.. وليرضى من يرضى وليسخط من سخط بعد ذلك..
كما أنني أعتقد جازماً أن هذا لأمر محل اتفاق بين جميع أبناء تعز على حدٍ سواء ولا يوجد من ينازع أو يخالف فيه سواء كانوا من أصحاب شعار ارحل، أو من أصحاب شعار ((الصور)) أو كانوا من أصحاب مشاريع التنفيذ في اليمن الجديد، أو من أصحاب مشاريع ضرورة ((الإضاءة))، فالجميع العقلاء أو المجانين يهمهم مصلحة المحافظة..
كما أنني أعتقد يقيناً أن تعز مدينة بطبعها وناسها وأن مشاكلها والصراعات فيها تحل بالحوار والحكمة والمفاوضات والمبادرات.. كما تحل مشاكل البلاد الأخرى مثل الحدود والجزر والأزمات الداخلية والخارجية.. الجوية أو في المياه الإقليمية.. ولم تحل أي مشكلة أمنية أو دفاعية سواء كانت داخلية أو خارجية بالحسم العسكري حتى مع أنصار الشريعة في أبين أو رداع أو أنصار الله في صعدة أو أنصار الحراك في بعض المديريات أو أنصار الفوضى في العاصمة أو المحافظات أو في أرحب ونهم والحيمة وتعز وفي كل مكان.. لم نعد نسمع عن حسم عسكري أو أمن داخلي أو خارجي منذ زمن.. رغم الميزانية الضخمة التي تقترب من النصف ورغم الاعتمادات الإضافية السنوية لتلك المؤسسات.. والتي يذهب معظمها للفساد!.
أقول تعز المحافظة مسالمة ومدنية وحضارية وما ينفعها مشاريع تخدم هذا التواجد المدني لها ولا يعقل أن تخسر المحافظة مشاريع مخصصة للأغراض الإنسانية والتنموية وهي في غاية الاحتياج إليها وأن تفقد تبعاً لذلك البيئة والعمالة والطاقة.. بسبب مشاكل الأراضي وأن تظل مدينة محرومة والبدائل موجودة.. فأين أنتم يا أصحاب العقول الرشيدة؟!.
إلا إذا كانوا يتصورون أن تعز قد اعتادت منها وألفت أن لا تنام إلا على أصوات الموسيقى.. وأصبحت تلك موسيقى الحالمة التي لا تنام إلا عليها..فلله في خلقه شؤون..
أخيراً أوجه هنا هذا الكلام للقائم بأعمال رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة والأمن المشير/ عبد ربه منصور هادي، لأني أعلم يقيناً أن لا أحد سواه بمقدوره فعل هذا، فلا يقدر على هذا الأمر غيره.. فإذا أراد المشير أن يحفر اسمه في ذاكرة الزمان لأبناء تعز وأن يضع بصمته التاريخية فيها وفي عقول وقلوب أجيالها المتعاقبة، فليبادر إلى الفعل الصحيح دون مراعاة لمصالح المتنفذين، لتكون سنتاه القادمتان بإذن الله كثلاث سنوات لأخٍ له من قبل، الخالدة في الذاكرة الجمعية لشعب اليمن للشهيد الحمدي وما ذاك إلا بالقرارات الصعبة والنافعة رغم المصالح ومراكز النفوذ الضاغطة.. والله من وراء القصد!.
ملاحظة أخيرة: أعلم أن هذا الكلام قد يغضب بعض الزملاء الأعزاء الذين أقدرهم.. وقد يسبب لي بعض الحساسيات والحرج مع بعض القيادات العسكرية التي تربطني بهم علاقات.. لكن المصلحة العامة فوق الجميع..وتعز أولاً.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد