;
نصر المسعدي
نصر المسعدي

إحراق الكلمة 1522

2012-03-14 05:30:06


تفاجأت كغيري بقرار مؤسسة الشموع إيقاف إصداراتها "أخبار اليوم", "الشموع"، "يمن فوكس" الناطقة بالإنجليزية، وسببه بتجاهل الاعتداءات المتكررة التي طالت تلك الإصدارات وبشكل يومي كبدها خسائر مالية كبيرة.
ولأن القرار جاء بعد قيام مسلحين باعتراض سيارة التوزيع في حوطة لحج وإحراق جميع نسخ الصحيفة المخصصة لمحافظات لحج والضالع وإب وتعز وهي واقعة بحق مؤلمة لأي صحيفة مهما كان مستوى وحجم الدعم الذي تتلقاه، إلا أنه كان صادماً هو الأخر أيضا ولم يراع حاجة الشارع ومدى تقبل جمهور القراء وهم ينتظرون قدوم تلك المطبوعات كل صباح، إن لم يكن ذلكم القرار متسقاً مع ما تريده الجهات التي تقف وراء عمليات الاستهداف.
صحيح أن من حق مؤسسة الشموع الاحتجاج وبالطريقة التي تراها مناسبة للتعبير عن حنقها إزاء ذلكم التجاهل الذي لاقته وتلاقيه إصداراتها وهي تتعرض لـ"هولوكوست جديدة" لا مرة ولا مرتين وإنما بشكل يومي، لكنها بذلك تكون قد جانبت الصواب تماماً وارتبكت خطأ ليس بحقها وإنما بحق الصحافة اليمنية ككل على اعتبار أن عمليات الاستهداف تلك لا تستهدفها لذاتها فحسب؛ بقدر ما تستهدف الصحافة بشكل عام .
وإذا ما افترضنا أن أحد فصائل الحراك الجنوبي هو من يقف وراء استهداف صحيفة "أخبار اليوم" كما نقلت بعض المصادر، فإن الأمر سيكون فظيعاً وأكثر خطورة وخوفاً ليس على الصحف والمشتغلين بمهنة الصحافة فحسب؛ وإنما على مستقبل الكلمة والحريات العامة بشكل عام خاصة وأن ذلك يأتي من تيار سياسي ينادي بالحرية لأبناء الجنوب وتخليص المواطنين في تلك المحافظات من الظلم والنهب والقضاء على الفوضى والتخلف هذا من جانب ، والجانب الآخر أنها تأتي من جهة طالما كانت الصحافة منبره وسلاحه الوحيد واستطاع من خلالها إيصال رسالته للداخل والخارج وإسماع صوته لآخرين بما فيها هذه التي يهاجمها اليوم وينعتها بالتضليل ومحاولة تمييع القضية ..
اعتقد أن الحراك الجنوبي أو أحد فصائله باعتباره يمثل قضية عادلة اعترف بها الداخل والخارج ليس بحاجة إلى القيام بتلك الأعمال التي قد تسيء إليه في الأساس مهما كان المبرر بما في ذلك اعتبار الصحيفة معادية للقضية وتسيء للحراك وتصوره على غير صورته الحقيقية، إلا أن معالجة ذلك كان ينبغي أن يكون في إطار الصحافة وحدود لا تتجاوز الكلمة وهو سلاح ذو حدين لا أخالهم يعدمونه إطلاقاً، خاصة وأن ثمة منابر متعددة ستفتح لهم المجال في ذلك سواء كانت ورقية أو غيرها من المواقع الالكترونية وليس باستخدام ذات الأدوات التي يثور عليها وناضل طويلا للتخلص منها، كما يكون قد تساوى بتلك الممارسات مع ما مارسه نظام المخلوع علي صالح بحق الصحف والصحفيين والتنكيل بهم .
وبغض النظر عن السياسة التحريرية التي تتبعها الصحيفة أو غيرها من الصحف، إلا أنه ليس من حق أي جهة تعلن تضررها من تلك السياسة اللجوء لاستخدام العنف للنيل من الصحيفة التي كان يفترض مواجهتها بالحجة القوية ولا أظن الحراك بقياداته وكوادره المختلفة يعوزهم ذلك.
غير انه وبحسبة بسيطة، فإنه وإذا ما عاد المرء قليلا للوراء وأمعن النظر في المستفيد من استهداف الصحف فإنه وبلا شك سيخرج بنتيجة أخرى إذ تحمل العملية بصمات بقايا النظام العائلي، خصوصاً وأننا لم نسمع في السابق عن مثل تلك الأعمال، إلا من قبل قوات الحرس العائلي وبلاطجة علي صالح ضد الصحيفة لما لعبته الصحيفة من دور في الثورة وانحيازها الكامل إلى جانب الشباب والتغيير.
كما أن الواقعة تذكرنا باستهداف حافلة توزيع الصحيفة وإحراقها بالكامل من قبل قوات الحرس في مدينة تعز ومصادرة أعداد الصحيفة وصحيفة الأهالي من قبل نقاط الحرس المختلفة مرات عديدة .
وعموماً فإن هذا هو واقع الصحافة اليمنية والذي يشبه إلى حد ما العمل وسط "حقل ألغام" زرعت عشوائياً، وكم هي مسكينة الصحافة في بلادنا ومسكين ذلكم الصحفي الذي قد يدفع روحه ثمناً لمادة صحفية قد لا يتعدى بدل إنتاجها الفكري قيمة وجبة غداء واحدة لأولاده .
وبغض النظر عن الجهة التي تقف خلف عمليات الاستهداف فإن هذه الممارسات الخطيرة إذا ما تم السكوت عليها وتجاهلها كما هو حاصل بالفعل سيفتح مجالاً للنفوس المريضة وكل من لم تروق تناولات أي صحيفة للقيام بذات الدور الخسيس وبعدها سنقرأ على صحافتنا وحرياتنا السلام .
غير أننا نقول لهؤلاء وغيرهم من أعداء الكلمة إنه وإذا ما كانوا بفعلهم المشين ذاك قد أحرقوا الورق فإنهم لم ولن يحرقوا الكلمة وستظل الكلمة الصادقة هي السلاح الأمضى والأقوى لكشف حقيقتهم ومؤامرتهم الدنيئة مهما حاولوا زرع الرعب والخوف في قلوبنا ونشر ثقافة الجبن والاستكانة بممارساتهم تلك في نفوس المجتمع لاعتقادهم انه بذلك يرضخ لأفعالهم وممارساتهم المستبدة .
وحده الضعيف، من لا يملك الحجة؛ من يلجأ للعنف واستخدام القوة لإيصال صوته ورسالته للآخر، دونما يعلم أن الكلمة القوية والصادقة ظلت ولا تزال خنجراً في حلوق المستبدين وحبالاً تطوي رقاب القتلة والمجرمين ووحدها الحقيقة كانت سلاح الأنبياء والمصلحين في مقارعة الظلم والطغيان.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد