;
علي عبدالملك الشيباني
علي عبدالملك الشيباني

عضاريط خرابة صالح.. وعفش الأحزاب 2161

2012-03-29 14:59:22


كما هو البعوض لا يعيش ولا يتكاثر إلا في الأماكن غير النظيفة والمياه الآسنة وعبرها تنتقل إلى أجسادنا شتى الأمراض، كذلك هي المشاريع الصغيرة التي لا تجد نفسها سوى في ظل غياب دولة المواطنة ومشروعها الوطني الديمقراطي الجامع، وبسمومها يصاب البعض بالتلوث الثقافي والسياسي والاجتماعي لافتقارهم للتحصين المعرفي لإدراك هكذا حالات، أسبابها ودور الحاكم العربي في نشأتها واللعب بخيوطها بما يعتقد أنها تمنحه فرصة البقاء على كرسي الحكم لأطول فترة ممكنة.
من هذا المنطلق، مثل نظام علي صالح أكبر مستنقع لنمو مثل هذه المشاريع، منه راجت ثقافة ما قبل الدولة، وفيه تكونت الحركات المذهبية والمتطرفة، وعلى ضفافه فقست قواقع الحوثيين والقاعدة، والنوع الرديء من الحراكيين وقادة العمل السياسي والمدني وما يسمى بالليبراليين الجدد.
2
"العضروط" في الثقافة الشعبية التعزية يعني "جني خرابة" لا يغادرها ولا يدعك تعيد بناءها ، هذا ما ينطبق على حال البعض الآن ، فلاهم غادروا المشهد العام ولا هم تركوا إعاقة الآخرين في المضي نحو تحقيق أهداف الثورة ، ودون أن يشكلوا عبئاً إضافياً على قوى التغيير إلى جانب التركة الثقيلة التي ورثها النظام السابق.
 إذ وبعد 33 عاماً من التدمير الممنهج للدولة والمجتمع ونهب ثروات البلاد، قرر اليمنيون بكل قواهم السياسية وفئاتهم الاجتماعية ردم هذا المستنقع بأمراضه وروائحه النتنة، عدا من أشرت إليهم سلفاً ، ناهيك عن " عضاريط " الأسرة والذين ما زالوا في مواقعهم العسكرية والأمنية حتى اللحظة، وكأن المبادرة الخليجية لم تكن سوى فرامل كابحة لثورة تبدُ لنا أحياناً مشلولة القدمين.
3
بعيداً عن الخوض في فك شفرات بروز الحالة الحوثية ، وعدد المعارك التي ينتصب أمام اشتعالها وتوقفها أكثر من سؤال ، ومصلحة علي صالح من وجودهم المسلح في ابتزاز المملكة من ناحية ، وإضعاف قيادة المنطقة الشمالية الغربية أبرز القوى المعيقة لعملية التوريث من ناحية أخرى، بعيداً عن ذلك ، ظل الحوثيون يسوقون أنفسهم كضحايا لعدوان رسمي غير مبرر، وإن مقاومتهم المسلحة تكتسب شرعيتها من مبدأ الدفاع عن النفس ، وبرغم تحفظاتنا على ما كان يجري هناك إلا أننا تعاطينا مع خطابهم السياسي والإعلامي على هذا الأساس ، مع أن الأمر لو كان كذلك فإن شرعية وجودهم المسلح تنتهي بمجرد رحيل النظام ، وكل ما كان يجب أن يقوموا به بعد ذلك المطالبة بإعادة ما دمرته الحرب لا أكثر.
بيد أن استمرار الحوثيين كحركة ذات توجه توسعي مسلح في شمال الشمال ، ومحاولته البائسة التمدد صوب الوسط والجنوب عن طريق الأموال ، وإصراره على السير في اتجاه معاكس لمعطيات اللحظة التاريخية وخارج إطار السياق الثوري العام ، يؤكد على حقيقة أن الحوثي بات ورقة سياسية ومذهبية على طاولة الصراع الإقليمي، وأن وجود العامل الخارجي بهذا الوضوح سيعقد عملية التعاطي مع الحالة الحوثية من جانب النظام الجديد مستقبلاً ، حيث أستطيع الجزم سلفاً أن مواقفه لن تتوقف عند حدود مقاطعة الانتخابات بل ستتعداها إلى رفض الدخول في عملية الحوار الوطني القادم، مع الأخذ بالاعتبار أيضاً أن الحركات المذهبية والعنصرية لا تستطيع التنفس سوى في ظل الفوضى واللادولة ، مالم يكن الحوثي قد عقد صفقة ما مع " أحمد علي" يقوم الأول بموجبها بإفشال كل ما يؤدي إلى استعادة الدولة- التي لا يكون فيها للسيد قداسته السلالية المريضة، وذلك خلال المرحلة الانتقالية بهدف إيصال الداخل والخارج إلى قناعة مفادها أن اليمن لا يستطيع أن يحكمها أحد غير أسرة "علي صالح"، يضمن الحوثي بموجبها تقاسم السلطة إذا ما نجح المخطط.
عند الحديث عن الحوثيين ، تستوقفني محاولاتهم العبثية لاستمالة تعز ، والحديث عنها بذاك الابتذال المثير للسخرية.. وفي هذا الصدد يهمني القول إن تعز ليست ضحيان، إذ غادر أبناؤها قواقع المذهبية والمناطقية منذ زمن بعيد ، وانتمى جلهم للمهنة والتعليم والمعرفة والثقافة الإنسانية بآفاقها الرحبة، وإن " ريق السيد " وتراب مرقده لم تعد علاجاً كما كانت لناس الأزمنة الغابرة والتي بسببها أصيب الكثيرون منهم بأمراض التيبي وحصى المرارة.
لقد عانينا من حكم أجداد الأخ عبدالملك طوال 1200 عام، ونظرتهم لنا على أننا "عيال مقاهي" ناقصو المواطنة والانتماء الاجتماعي، كما نعاني الآن من عبثه ونظرته للثورة وجماهيرها على هذا الأساس، بمعنى "ثورة عيال مقاهي"، وأنصحه عند التعاطي مع تعز، بألا يراهن على استمالة "س" من المشائخ أو "ح" من المثقفين، فالشيخ هو الشيخ، والمثقف الانتهازي يظل حاضراً في كل زمان ومكان .
إن تعز التي توزع روحها وعرفها وعرقها على كل البلاد لا يمكن لها أن تصطف على أساس مناطقي أو أي من الأمراض والعقد المشابهة ، وإن محافظة لا ينام "البتول" في ريفها إلا والراديو إلى جانبه بعد متابعته نشرات كل الإذاعات العربية ، يستحيل أن تتحرك خارج الأفق الوطني أو أن تستجر وتتعاطى مع خلاف مضى عليه 1400 عام، وبالتالي لا يهمنا أن يكون الحوثي "اثنى عشري" أو " خمسة عشري"، المهم بالنسبة لنا أن يقع مواطناً يؤمن بدولة المواطنة المتساوية ويلتزم بالنظام والقانون ويحترم خصوصية الآخرين، كما هو مطلوب منهم تجاهه أيضاً.
وعلى أساس هذا العقد الاجتماعي يمكن لنا أن نتقدم بفضائلنا للناس ونحترم نتائج خيارتهم في انتخابات حرة ونزيهة.
4
على عكس الحالة الحوثية، تبرز القضية الجنوبية كقضية حقيقية بأبعادها الوطنية والإنسانية.
كان الجنوب دولة مستقلة توحد مع الشمال تحقيقاً لهدف وطني ناضل من أجله الناس زمناً طويلاً.
بالنظر إلى حرب 94 وما ترتب عليها من إقصاء وتهميش ونهب لكل شيء كان من الطبيعي أن نسمع سقف الخطاب الجنوبي المرتفع حد المطالبة بفك الارتباط، بل علينا أن نتفهم حالة الطفح التي يعيشونها مع ذلك –وعلى الرغم من التعبير عنها من قبل البعض بطريقة مبتذلة وعنصرية، فإن المشكلة ليست جغرافية أو تاريخية أو من تلك التي يزخر بها الوطن العربي كالمذهبية والطائفية، لكنها ناجمة عن حالة غدر لنظام غير مسؤول أفسد كل شيء، وبالتالي فإن إعادة الاعتبار للوحدة اليمنية وجعلها مصلحة للناس وتعميدها بالتنمية والنظام والقانون والمواطنة المتساوية - بدلاً عن تعميدها بالدم - كفيل بمداواة الجراح وإعادة عربة الوحدة إلى مسارها الوطني.
أما "عضاريط" خرابة صالح من البلاطجة المسلحين باسم الحراك لا يخفى على أحد من يقوم بتمويلهم وإدارتهم واستخدامهم على النحو الذي شاهدناه أثناء العملية الانتخابية.
5
"عضاريط" عفش الأحزاب وهم بحسب تعريف الأخ عبدالهادي العزعزي أولئك الحزبيون الذين انتموا للأحزاب خلفاً للوالد أو أحد الأقارب أو تأثراًً بأشخاص طيبين في قراهم أو التحقوا بالأحزاب بهدف الفوز بدائرة انتخابية، لا يختلفون في شيء عن تلك القوى المعيقة لعملية التغيير من خلال خطابهم المحبط والمكسر لمجاديف الناس، يشككون في كل شيء ويسيرون بلا وعي خلف أي خطاب ودون أي إدراك إلى أي منحدر قد يقودهم.
كذلك هم الليبراليون الجدد الذين ظلوا يعيرونا لسنوات بفشل مشاريعنا القومية والاشتراكية وفي اللحظة التاريخية انفصلوا عن حركة الشارع واصطفوا مع "علي خربان " ونظامه العائلي من خلال إسهالاتهم اليومية على صفحات بعض الصحف "المستقلة"، أساءوا فيها بإفراط للثورة وجماهيرها الحافية، كم يحزنني حال هؤلاء عندما يتعاملون مع القيم الليبرالية على أنها مجرد حلق شوارب واحتفال برأس السنة الميلادية!!.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

محمد الجماعي

2024-05-06 23:20:44

"فسيلة" الزنداني؟

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد