لقد خلق الله الانسان حراً فميزة عن سائر خلقه من الكائنات بالعقل ليفرق بين طريق الخير والشر والحلال والحرام . فسخر له كل شيء في هذا الكون لخدمته حتى الملائكة . فمن ثمة جعلة الله خليفة في الأرض ليعمر فيها ويأكل من رزقها فقد خصه سبحانه وتعالى في كتابه العظيم بقولة (( واذ قال ربك للملائكة اني جاعل في الارض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال انى اعلم ما لا تعلمون )) صدق الله العظيم . فلطالما قد استخلفه الله في هذا الوجود وميزه عن سائر خلقه فهو قطعا وبلا شك المسئول الاول عن كل ما يدور ويحدث على ظهر هذا الكوكب الكروي الأرض . ولذا يكون الانسان الحاكم الاول والوحيد الذى اختاره الله وأوكل إليه شئون هذا الكوكب . فمن هذا المنطلق , يصبح كل فرد مسئول عن كل ما يحدث من حولة سوى كان خير او شر وعلى مر الازمان وحتى قيام الساعة فوراء كل نعمة او نقمة مخلوق عظيم اسمة الانسان . ولذا يكون هذا المخلوق سبباً فيما إذا قلت الأمطار وشحت المياه على الأرض وانتشر الفساد وكثرت المشاكل والمحن لقول المولى عز وجل ( كثر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدى الناس ----) صدق الله العظيم . ولهذا استطيع ان استشف بان الانسان بيت الداء والدواء وحينئذ يكون سلاحاً ذو حدين . فما اذا تم الاهتمام به وتعليمة وتوعيته بعيداً عن التطرف والغلو والعنصرية والطائفية الضيقة وقتها يكون مصدر الحياة والخير والعمران في كل أرجاء المعمورة . وعندئذ يستحق أن يكون ذلك المخلوق العظيم الذى كرمه الله عن سائر خلقه في هذا الكوكب . واذا ما تم إهماله أو التقليل من قيمته وشأنه وعدم تعليمه وتوعيته واستغلال قدراته وصقل مواهبه حينها سيتحول الى شيطان بشرى بل حيوان متوحش يسكن البراري ويأكل الأخضر واليابس ويعيث في الأرض فساداً . ويكون في النهاية مصدراً للصراع والفوضى والخوف والدمار . فبناءً على هذا , استطيع ان اجزم بالقول بان الانسان بحد ذاته يمثل المورد الاقتصادي الحقيقي فهو بمثابة العمود الفقري الذي بواسطته تدب الحركة والحياة . فالاقتصاد هو اساس الامن والاستقرار لقولة تعالى في سورة قريش (( الذى اطعمهم من جوع وآمنهم من خوف )) صدق الله العظيم . فلا يمكن ان يتحقق الامن والاستقرار في مثل هذه الظروف المعيشية الصعبة . فكما نعلم جميعاً بان من لا يملك قوت يومه لا يملك قراره ومن لا يملك قراره حينها يصبح امعة بل سلعة تباع وتشترى . فهناك الكثير من الشعوب والبلدان التي تفتقر إلى الموارد الطبيعية كالبترول والغاز وغيرها بل هناك البعض من هذه البلدان لا تملك أي مورد سوى الانسان . فهو من وجهة نظرهم ,المشروع الاقتصادي الأول الذي يجب أن يستغل ويستثمر طاقاته وإمكانياته في بناء الوطن وتطوره . فعلى سبيل المثال اليابان البلد الواقع في شرق أسيا هذا البلد الذى اصبح اليوم من بين البلدان الاقتصادية العظمى في العالم على الرغم من قلة موارده الطبيعية وكثافة سكانه الضخمة . فقد يستغرب البعض ان لم يكن الكل من ذلك, لكن السر يكمن في اهتمام هذا البلد واستغلاله لهذه الثروة البشرية الهائلة التي تعتبر بالنسبة لهم المورد الاقتصادي الاول بعينه . ولذا يعتبر الانسان حقيقة حجر الزاوية في بناء وتطور الاوطان.