;
محسن خصروف
محسن خصروف

البضاعة الرائجة في سوق السياسة 2173

2012-07-10 02:35:27


بعد ما يقرب من سنة ونصف من اندلاع الثورة الشبابية الشعبية السلمية في الـ11 من فبراير2011م، وما يقرب من نصف العام على انتخاب عبد ربه منصور هادي رئيساً توافقياً لليمن، وأكثر منها بكم شهر على اختيار محمد سالم باسندوه رئيساً لحكومة الوفاق الوطني، بعد كل ذلك وما جرى خلاله من أحداث ووقائع، بات من الواضح أن ذوي الأحاسيس والجلود المطاطية الحربائية والانتهازيين والمشارعين والثقلاء وذوي الصيت السيئ في التزلف القادرين على ركوب الموجات أياً كانت، البارعين في تبني وترديد شعارات كل المراحل الذين يلبسون لكل زمن لبوسه، يبتسمون وتنفرج أساريرهم ويعبسون ويبكون وينوحون ويغنّون الأغاني العاطفية والابتهالات الدينية ويتمتمون ويهللون ويتعوذون ويسبحون ويحوقلون ويمارسون الحلال والحرام، يعملون كل ذلك في وقت واحد وبقدرة فائقة- بات من الواضح أن هؤلاء ما يزالون هم البضاعة الرائجة في السوق السياسية الآن، ومنذ جمعة مذبحة الكرامة التي اندفع نصف النظام على إثرها إلى ساحة الثورة والانضمام إليها.
لقد بدأ من يومها تغييب شباب الثورة ورجالها الفاعلين الصادقين، وصرنا نرى الكثير من ذوي الماضي السيئ ومشاريع المنافقين والمتزلفين الجدد والمندسين يعتلون المنابر ويلقون الخطب والمحاضرات الوطنية والثورية، دون وجل أو خوف أو حتى خجل من أحد أو من ماضي، وصرنا نراهم يتبنون ويدعمون إنشاء المكونات الثورية ويتم اختيارهم ضمن العديد من اللجان الفاعلة في الساحة، وصاروا يطلقون التصريحات والأحاديث الصحفية، وصاروا مستهدفين من الكاميرات والمحررين، وصرنا نراهم في شاشات التلفزة يتحدثون عن الثورة وشبابها والنظام السياسي السابق ومثالبه ويبشرون بالعهد الجديد القادم الذي أعلنوا بصراحة أنهم سيستظلون بظله ويكونون شهود عليه بأمانة، معلنين عزوفهم التام عن أية مشاركة فيه، ثم صرنا بعد زمن قليل نراهم يتكالبون على المشاركة والتقاسم والحصول على الحصص والأنصبة منذ بدأ الحديث عن الجمعية الوطنية والمجلس الوطني ثم رأيناهم يخترقون الاثنين معا وبالتتالي ورأينا بالمقابل شباب الثورة النشطاء الفاعلين ورجالها والشخصيات الوطنية ذات الباع الطويل في العمل الوطني والجذور الراسخة في الالتزام بالمبادئ الثورية الأخلاقية الوطنية، ذوي الفكر التنويري المستقبلي الذي يستند إلى ماض مشرف من العمل الوطني الخالي من أية مكاسب أو أطماع شخصية، رأينا كل أولئك خارج ذلك المشهد، في ساحاتهم وخيامهم يمارسون نشاطهم الثوري دون أن يلقي لهم بالاً أحد، بل رأيناهم يتعرضون للاعتداءات المتكررة، وغابت عنها في تلك الفترة كل تلك الصور الصفراء والأصوات النشاز لانشغالهم المتواصل بالعمل على اختراق المكونين الثوريين الجديدين(الجمعية الوطنية والمجلس الوطني) وحققوا في ذلك نجاحا باهرا فيما ظل شباب الثورة ورجالها مغيبون في ساحاتهم في كل المحافظات اليمنية، بل ورأيناهم، شبابا وشابات، عرضة للاعتداءات العنيفة المتكررة وسالت دماؤهم أكثر من مرة في الساحات، والأدعياء ينجحون في ركوب الموجة وتصدر الصورة وكل المشهد على وجه التقريب.
لقد كان التفاؤل هو سيد الموقف في المجتمع اليمني على وجه العموم وفي ساحات الثورة على وجه الخصوص منذ الأيام الأولى للثورة، وتعزز ذلك بعد نجاح الانتخابات الرئاسية، لكن الصورة بدأت تبهت بعد ذلك بشكل تدريجي، خاصة بعد أن جاءت معظم التعيينات الجديدة في المناصب العسكرية والأمنية والحكومية مخيبة للآمال، حيث لم نر جديدا، كان معظم، إن لم يكن كل، من شملتهم قرارات التعيين من تلك الوجوه الكالحة ذات الماضي المكروه، ورأينا فاسداً ينقل من محافظة في غرب البلاد إلى أخرى في شرقها، وفاسداً ينقل من مؤسسة أمنية إلى أخرى في العاصمة، وعسكرياً لا يحق له أن يدعي أن ماضيه مما يعتز به يستبدل بمثيل له، بل بأسوأ منه، رأينا رموز النظام الفاسد الذي ثار عليه الشعب يستدعون من جديد لتولي المناصب الهامة، ورأينا الساحات الثورية والمجتمع اليمني يعج بذوي الكفاءات والخبرات والماضي المشرف لا يسأل عنهم رئيس أو رئيس حكومة ولا وزير مختص، من الوزراء المحسوبين على الثورة والحركة الوطنية على الأقل، ورأينا المستشارين يقدمون قوائم من الفاسدين لتشملهم قرارات التعيين الجديدة ويصلون إلى أرفع المناصب بالفعل غصبا عن كل الثوريين والوطنيين والشرفاء دون أن يكون صاحب القرار مضطرا لذلك، الأمر الذي يضع أمام تلك القرارات ألف سؤال وسؤال، ومليون علامة تعجب، ويكون السؤال المركزي ساعتها:
ما الجديد؟ ما الذي أنجزته الثورة؟ ما الذي سينجزه الرئيس؟ ما الذي ستنجزه حكومة الوفاق الوطني في مجال مقاومة واستئصال الفساد بهذه التعيينات التي لا تبعث على أي أمل؟ ما الذي سيقدمه هذا النوع من المسئولين للتنمية والتطور الاقتصادي الاجتماعي السياسي؟ ما الذي سيفعله للجيش العاطل من خريجي الجامعات والمعاهد الذين أصابهم الإحباط والبؤس؟ ما الذي سيقدمه هؤلاء المتخمون لفقراء اليمن؟ كيف سيبنون المؤسسات الوطنية وهمومهم لا تتجاوز ذواتهم؟ كيف سيتوفر لذوي الأحاسيس والجلود المطاطية الميتة الشعور بما يعاني المجتمع وفقراؤه؟ والوطن واحتياجاته؟ والتطور ومقتضياته؟.
أسئلة نضعها بين أيدي القراء والثوار وكل أبناء المجتمع، ونخص بالذكر قادة العمل السياسي المعول عليهم وفي المقدمة منهم قيادة اللقاء المشترك الذين صار البعض منهم يشكو سطوة وجور البعض الآخر ليضع الجميع أنفسهم أمام المسئولية التاريخية لتتجنب البلاد كارثة لن يكون بمقدورهم تفاديها إن هم استمروا في ما هم فيه، وإن استمر البعض منهم يجترئ على البعض الآخر، وإن هم استمروا في السكوت على عملية استدعاء الماضي البغيض من جديد بصور فردية متتالية حتى لا تلبث أن ترى ذلك العهد وقد تمكن من جديد من فرض إرادته على كل الإرادات بعد أن نجح في النجاة من جرائمه التي أبرزها وأهمها سفك دماء شباب الثورة ورجالاتها، والزج بالمجتمع في أتون تقاتل غير مبدئي وغير إنساني وغير ذلك من الجرائم التي لا تحصى ومنها نهب ثوراته والتفريط في سيادته وأراضيه، وهو يمارس كل ذلك متكئا على الحصانة التي فاز بها رغم أنها لا يستفاد منها في الزمن اللاحق لمنحها، وسيتعزز موقف وجرأة وسطوة ذلك الماضي الكريه بقانون العدالة الانتقالية الذي لن يتم التعامل معه إلا كما تم التعامل مع الحصانة، ولا نعلم ما الذي سيلي كل ذلك من امتيازات ومكاسب سوف تمنح لرموز النظام السابق وما هي العقوبات التي تنتظر الثوار وكل أبناء المجتمع اليمني المنكوب بهذا النوع من المسؤولين والقيادات؟!.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

محمد الجماعي

2024-05-06 23:20:44

"فسيلة" الزنداني؟

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد