;
د/عبدالحكيم مكارم
د/عبدالحكيم مكارم

جبلة عبق التاريخ وأحلام المستقبل. 1629

2013-01-04 11:49:05


تتمتع مدينة جبلة بموقع جغرافي فريد, تقع إلى الغرب من مدينة إب بخمسة كيلومتر, اكتسبت مكانة تاريخية دوناً عن سواها من مدن المحافظة,واشتهرت بمآثرها كالعقود المعلقة كعقد العقبة وعقد الزراق وعقد بن سرمد وعقد حنش, وحصونها كحصن التعكر وقلاعها كقلعة النوبة في الشرف التي لم يتبق منها إلا المصلى وبركة الماء, وساقية الماء التي تمتد لمئات الأمتار والجامع الكبير, والمآذن والقباب والقصور كدار العز(دار السلطنة) ودار مديور ودار الذهب ودار السنة ودار حنش وغيرها فهي العاصمة للدولة الصليحة والمدينة التي استهوت الكثير من طلبة العلم, معالمها شاهدة عل حقبة تاريخية حافلة, اشتهرت بأربطتها العلمية, وكتاتيبها, واحتضنت الوافدين إليها من محافظات مختلفة, وكانوا سفراء في قراهم وعزلهم ونواحيهم تعلموا الفقه والأصول والمواريث والفلك وغيرها من العلوم الشرعية على أيدي علماء أجلاء ممن أثروا في الحياة الاجتماعية والسياسية منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر.
يشتغل غالبية سكانها بالزراعة والرعي والتجارة والصناعة, والنجارة والحدادة ومن أهم محاصيل الزراعة الحبوب كالذرة البيضاء والحمراء والشام والعدس والفول( القلاء ) والخضروات كالبطاطا والبصل والجزر والثوم والكوبيش, ومن أهم مزارعها هو وادي المقصوب الذي يمتد لمساحة واسعة والتيجب ومزارع الوقش إلا أن الأخير اشتهر بزراعة القات الذي ذاع صيته وأصبح ينافس أصناف القات الأكثر جودة كالهرري وغيره, وأخذت مساحته تزداد يوما بعد يوم لما يدر من عائد مالي مرتفع, ومن أهم الصناعات هي صناعة الفخار والخناجر, يتراوح سكان المدينة مابين 35الى 40 ألف نسمة, يتسم سكانها بالبساطة والسلم وحب النكتة والدعابة, ويحبون الكلام في السياسة, يعيشون كأسرة واحدة غالبا ما يعرف بعضهم بعضا.
ورغم مكانة جبلة في قلوب أبنائها وحبها الذي استولى على قلوب الكثيرين ممن عاشوا لحظات عابرة أو ممن مروا عليها وأعجبوا بمآثرها التاريخية, إلا أنها بحاجة إلى لفتة من السلطة المحلية لمعالجة بعض السلبيات التي تراكمت بفعل الإهمال واللامبالاة. تعاني المدينة من اختلاط ماء الصرف الصحي بمياه الشرب وذلك لعدم وجود شبكة خاصة بالصرف الصحي, إذ إن غالبية الشبكة الأهلية للصرف الصحي تصب في السائلة وتنتهي بها في الحوض المائي للمدينة التي تزودنا بمياه الشرب, ورغم أن الجهات المعنية على دراية بمدى خطورة هذا التلوث على صحة الإنسان وسلامته زاد من الطين بله أن أصبحت الحواجز المائية التي تغذي الحوض المائي مستنقعا لمياه الصرف الصحي فهل من مجيب. كما تمتلك المدينة معالم أثرية أعطتها طابعا مميزاً وأصبحت مزارا لكثير من السائحين, إلا أن دار العز والجامع الكبير يخضعان لعملية جراحية معقدة لم تتوقف حتى الآن بدأت منذ عشر سنوات, في حين مئذنة مسجد السنة أصبحت آيلة للسقوط وهي بحاجة إلى لفتة كريمة من السلطة المحلية, طريق رأس المدينة الذي لم يكتمل رصفه رغم أنه طريق حيوي يصل المدينة بالقرى المجاورة لها و يختصر المسافة إلى المقابر التي تهم غالبية سكان المدينة, لم تلق أي اهتمام منذ عشارت السنين, كما وان هناك مدارس آيلة للسقوط ففي الأمس القريب سقط جزء من سطح مدرسة الشهيد الحمدي وجرح العديد من الطلاب, واليوم مدرسة بن عقيل سطحها على وشك السقوط فهل السلطة المحلية على اطلاع حتى تتلافى الضرر, أيضاً حمل السلاح وإطلاق الأعيرة النارية سواء في الأعراس أو في الظروف العادية شيء اعتاده البعض واعتبره البعض مظهرا مقززا في حين مسؤول الأمن بالمديرية يكتفي بغض الطرف عن تلك الممارسات, وأخيرا مياه الأوقاف التي ضيعت بين تجار الضمائر وأصحاب القاتفي حين مساجد جبلة في أمس الحاجة إليه، بل إن بعض الأسر لا تقوى على دفع فاتورة الماء فلماذا يا أصحاب الضمائر الميتة تباع مياه الأوقاف قبل أن تصل مدينة جبلة, فالساقية خير شاهد على تواطؤكم.
مدينة جبلة تعاني من عزلة خانقة منذ أن شلت حركة سوقها (سوق المدر) الذي كان يعد عصب الحياة وشريانها, لا يستغني سكان القرى المجاورة عن سوق جبلة ولا عن شراء حاجياتهم منه كالسكر والدجاج والأرز والحلاوى والتمر والخشب والغاز وغيره , في حين يعتبرها البعض مهبط لبيع كثيرا من منتجاتهم كالبصل والبطاط والثومة والحبة السوداء والحمر والقلاء والجزر والبصالة والدجاج والحمام والطماط والبسباس والقات واستدعت الحاجة إلى تنوع المهن والحرف بين النجارة والحدادة وصناعة الجنابي فانتعشت الحياة الاقتصادية , وتظل المدينة في حركة طوال أسبوعها لا تتوقف ومعه يتحصل الكثير من ساكني المدينة على لقمة عيشه بفضل هذه الحركة البسيطة, إلا أنه ومع اتساع القرى المجاورة وشق الطرق وتعبيدها انصرفت كثير من القرى المجاورة إلى أسواق أخرى, كما حادث الاعتداء على الأطباء الأجانب في مستشفى جبلة كان له أثره في تراجع أعداد المرضى, أيضاً خضوع دار العز والجامع الكبير لعملية ترميم طالت ومعها صرفت مئات الملايين, ساهم في أن تخف حركة السياحة ويتراجع أعداد الوافدين إلى جبلة, إضافة إلى تراكم القمامة في أزقتها وانتشار الأتربة, وعدم إدخال المدينة ضمن المدن التاريخية لكل ما سبق يرى الكاتب أن تلك العوامل مجتمعة ساهمت بشكل مؤثر في انعزال جبلة وأصبحت أشبه بمدينة مهجورة.
ويمكن أن تثور جبلة على تلك العزلة إذا ما أحست السلطة المحلية بحجم المأساة التي تعيشها وما تخلفها من أضرار على ساكنيها في المستقبل, وذلك من خلال, عودة المزارات السياحية إلى حيويتها وتوفير مناخ آمن لزوارها, والإسراع من عملية الترميم, أيضاً أن تقوم السلطة المحلية بصل أزقة المدينة حتى تبدو للزائر وكأنه في نزهة داخل حاراتها, منع البناء العشوائي الذي يساهم في اختفاء معالمها التاريخية, العمل توسعة المتحف وتزويده بما يمتلكه البعض من مقتنيات, ومخطوطات, إقامة استراحات أمام المزارات السياحية تتوفر فيها ما يرجوه السائح من مشروبات ومجسمات والعاب أشبه بحديقة صغيرة تعكس طبيعة جبلة الساحرة, الارتقاء بمستوى الخدمة الفندقية وإجراء العديد من العقود مع بعض الشركات السياحية إن أمكن, كما وأن تجويد الخدمة الطبية في مستشفى جبلة والارتقاء بها من خلال تأهيل الكادر الطبي وتطوير مهاراته, واستقدام تخصصات نوعية بين فترة وأخرى والعمل على تسويق تلك الخدمة من خلال كسب ثقة المرضى بقدرة المستشفى على تقديم خدمة تلبي تطلعات الكثير من المواطنين وتزيل عنهم عقدة الخوف وعدم الثقة بالطبيب اليمني, وأخيراً الاهتمام بالتعليم من خلال المتابعة المستمرة لمخرجات العملية التعليمية, والعمل على خلق فرص التميز العلمي, من خلال تجويد مدخلات التعليمية والارتقاء بها إلى مستوى المنافسة بما يخلق قناعات لدى كثير من أولياء الأمور التعاون والمشاركة الفاعلة في تسويق ثقتهم بمستوى أداء تلك المدارس وتميزها , وبهذا يمكن لمدينة جبلة أن تكون منطقة جاذبة تستهوي الكثير.
 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد