;
علي السورقي – شيفيلد  المملكة المتحدة
علي السورقي – شيفيلد المملكة المتحدة

قراءة في سيمفونية الوحدة اليمنية 1888

2013-05-22 17:11:20


إن الحديث عن الوحدة اليمنية الخالدة ومنطلقاتها الفكــرية وأبعادها القومية الحضارية والإنسانية, ليس مجرد كلمات ببغائية نقلية مقولبة أو عبارات إنشائية لفظية مجردة من الموضوعية والمنهجية ينمنم بها المفلسون ثقافياً وينعق بها المتصحرون فكرياً ممن يدعون الإنجاز الوحدوي أُحادي الجانب وينسبون للفرد إنجاز الشعب وصفوته النخبوية.. بل هو حديث في محراب قدسية الوطن ومنبر قداسة الأمة, حيث تتجلى معانيه السامية في ديمومة الحدث واقعاً وتسمو آياته القدسية في الأفق شرفــاً وفي اللسان عذباً يتـدفق كرم الحدث..
إذاً فالحديث عن الوحدة اليمنية هو سمفونية نشيد وطني, مجسد بمسيرة نضال شــاق وطويل عزف لحن فعله الوحدوي الأحرار وخــط عنوانه القدسي بالدم أولئك الأحياء الخالدون الأكرم منا جميعــاً ذكراً في المناسبة وتقديراً للفعل وجسامة التضحية وهـــا هو اليوم نشيد وطن يتجسد فعلاً وحضوراً في ساحات الحرية والتغيير يترنم به الشباب الثائر طرباً..
وهنا يمكنني القول حقاً مؤكداً أن الثورة اليمنية (السبتم اكتوبرية) هي الانطلاقة الحقيقية والمرجعية التاريخية لقراءة أهمية الوحدة وتصفح معانيها القدسية وأبعادها الداخلية والخارجية، حيث أن الثورة ملحمة يمانية تجسدت في الواقع تغييراً للحال وفي الممارسة والتطبيق انتزاعاً للحق الوطني والإنساني في الحياة الحرة والكريمة, فكانت نتاجاً طبيعياً لانتصار الإرادة ونصراً للاستقلال والسيادة..
وعلى الرغم من تلك المحاولات البائسة والمؤامرات اليائسة المعادية والمشبوهة والحقد التاريخي المتعفن في نفوس قوى الشر والحقد والإرهاب المزدوج تمخض العداء لقطرنا اليمني في استعادة وحدته الوطنية التاريخية عبثاً وانجب الحقد فشلاً وتوج اليمانيون طموحهم وحلمهم الوحدوي حدثاً, فكان المخاض القدسي من رحم العروبة والإسلام مولود شـرعي نطق الضاد فتياً في الـ 22 من مايو 1990 م, معلناً الوحدة وقيام الجمهورية اليمنية الفتية وفي لحظات كانت الإرادة اليمانية تعزف سمفونية الوحدة وتمزج الدموع بالابتسامة فرحاً والتراب بالبشر وطناً والحدث بالاستحقاق شرفاً كان الوطن اليماني الموحد يلفظ الأنفاس الأخيرة للتشطير اللعين ويوارى في الجحيم دركاً جثتي الإمامة والاستعمار البغيض, كانت الأكف الوحدوية تجدف بأجنحة العلم اليمني يمتطي صهوة الأفق محلقاً كالنسر ينطح الغيم شموخاً بالوطن يتكئ فوق أكتاف النجوم يعانق وطناً اسمه اليمن وينسجُ للتشطير في العدم بيتاً من وهن..
حقاً إن الوحدة اليمنية منجز تاريخي وفعل حضاري عظيم انطلاقة حضارية مشرقة في جبين التأريخ اليمني والإنساني واهم حدث في تاريخ العرب المعاصر, بل هي بديل حضاري للتشطير والصراع السياسي والطائفي العقيم وخيار ديمقراطي وحيد للأمن الاستقرار والسلم الاجتماعي والنهوض بالوطن وصولاً إلى تحقيق الهدف الأساس في البناء والتقدم وتحسين الوضع الاجتماعي والمعيشي للمواطن اليمني والتخفيف من معاناته اليومية..
ولذا فالوحدة صمام أمان للوطن وعامل استقرار للمواطن ومتنفس ديمقراطي لتخليصه من تقديس الأنظمة وتعظيم الأشخاص في ظل نظام اسري لئيم وشمولي ذميم بل سلوك يجسد في أعماقه مبدئية الحوار ويختزل ثقافة وطنية وحدوية تترجم الإيمان بقدسية الأوطان وتقدير دور العظماء.. حقاً إن الوحدة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى وما يجسده الاستحقاق من تحدي درس تاريخي شرح معانيه النضالية القادة المخلصون من أبناء اليمن والأمة..
ومن هذا المنطلق يمكن القول وبكل تأكيد إن الوحدة اليمنية قدر ومصير شعبنا وميراث أجياله الشبابية الثورية والوطنية المتعاقبة إلى أن يرث الله الأرض ويتوفى الإنسان, بل إن الوحدة نبض أبجدية الحياة وهى بحق وثيقة وطنية شرعية بين الأرض والإنسان لا يحق لأي فرد أو جماعة أو تنظيم سياسي معين امتلاك ناصيتها أو الحوار السلبي في تناصفها ويجيرها للذات الشخصي المنفصم, لأنها ملك الشعب وخيار الأمة هي تجارة الشهداء التي لن تبور من أولئك الصفوة الذين قدموا أرواحهم الطاهرة ودمائهم الزكية النقية في سبيلها ومن أجل تحقيقها والحفاظ عليها إلى الأبدية أولئك الرجال ممن سجل لهم التاريخ في انصع صفحاته الأولى أروع مواقف التضحية والبطولة والفداء وهى بحق رأس مال كل الشرفاء والأحرار الأوفياء في الداخل والخارج.
إن الوحدة اليمنية مشعل نور يضيئ درب الحرية ويُنيـــر مسار الأجيال في مواصلة الدرب على خُطى الشهداء طريق النهوض بالوطن والحفاظ على منجزاته وثوابته الوطنية والقومية مشعل تحترق به أكف الفساد وتذوب فيه معاول الهدم والدمار والانفراد والخراب وتنضج على لهيب بيرقها القادم من فوهة الثـــورة العربية الكبرى وساحات الحرية والكرامة جلود التآمر والتشطير الوحدة اليمنية في بعدها القومي منطلق أساس للمشروع العروبي النهضوي الوحدوي الحضاري صيحة بعث.. وصرخة غضب في جسد النظام القُطــري وثقافة التجزئة والتقزم والانهزام.
وهنا يحق لي أن أقول مؤكداً إنه اذا كان لأبناء اليمن من المهرة إلى صعدة من قضية فهي الوحدة والثورة السلمية والتنمية البشرية والاقتصادية والقضاء على عناكب الفساد وتسلط الأنظمة التقليدية القُطرية.. فلسطين, والجُزر الثلاث والأحواز والعراق الجريح وقضايا الأمة المصيرية وما عدا فغوغاء ومسرحية هزلية.. وما دامت الوحدة وستظل سمفونيتها بهذا المفهوم فمن الطبيعي أن لا نخشى عليها من أولئك الشرذمة القليلة ممن فقدوا شرف الكرامة والانتماء الحقيقي للوطن والأمة أولئك الزُمر مسلوبي الإرادة وفاقدي أحقية المواطنة وشرعية الولادة المصابين بفيروس مرض الولاء للفرد والتآمر ومرض فقدان المناعة الوطنية تجار السلطة والطائفية والتجزئة من بلاطجة الداخل والمتصــكعون في باريهات لندن وواشنطن وحوانيت دول الطوائف ممن يعرضون تجارتهم البوار الفاسدة على حوانيت الأنظمة ومافيا التصهين والتآمر ومثيري القلاقل والفتن ويمدون الأكف شائلة إلى دينار البسوس ودولار أوباما ونقدية المجــوس ويجلسون كالأيتام يقتاتون فتات الوطنية على موائد اللئام أملاً في الحصول على حجة صكوك الغفران فبئس التجارة والتجار بخــس الثمن... أبداً لن نخاف على الوحدة من أولئك الباعة المتجولين المتسولين في جمعة النظام وأحياء ورصفة شيفيـــلد ومنهاتن وفيلكة ممن يروجون ويتاجرون بضمائرهم الميته أصلاً من أصحاب النفوس المريضة الأمـــارة بالسوء التي تلقى رواجاً وتعاطياً نسبي في سوق النخاسة التآمري الإقليمي والعالمي..
على طريق الوحدة اليمنية سائرون ملتزمون مقاعدنا الثورية الوحدوية على سفين الوطن اليماني الأبي واثقون بمهارة ربانه الفذ شعبنا اليمني ومعه كل الشرفاء والأحرار من أبناء اليمن والأمة عشاق الكرامة والحرية وصانعو سمفونية التغيير وفجر المواكبة والتحديث وليخسأ عبدة الأنظمة ورهبان الطائفية والمذهبية.. تباً لتجار التجزئة والتشطير وتبت يدا أبو لؤلؤة السلطة وعلوج الفساد وحابكي المبادرات سيئت الصيت, وناهبي الأراضي ومواصير الصرف الصحي ومعدات الجمعيات الزراعية ومعسكرات الجيش وتسريح الكفاءات رجالات الدولة والقانون من أبناء المحافظات الجنوبية.. شُلت تلك الأيادي التي تلطخت قبحاً بثقافة الفيد والغنمية وأعلنت هزيمة القيــم الإنسانية بالنسبة لها تلك الأيادي السوداء المجبولة على النهب واللصوصية والفوضى المقنعة بظلام التخلف وهزلية فكر القبيلة وعنجهية المشيخية الزكام فاليمن اكبر من توجهاتهم العقيمة وأفكارهم المتعفنة واسمى من كل قوى الشـــر والتآمر والحقد الدفين على شعبنا وها هي الذكرى الـ 23 للوحدة اليمنية تُشرف بفجر الوطن رغم كل التحديات الداخلية والخارجية في ظل حراك شعبي سلمي ثوري يقف بكل ما لديه من طاقة وطنية وفكر سياسي منطلقاً من رؤية حضارية وسلوك مدني لإعادة الجوهر الحقيقي للوحدة على أساس العدل والمساوات والمواطنة واستعادة الحقوق للمواطن والوطن معاً ممن انتحلوا شخصية الحدث وتاجروا بالأرض والإنسان ولوثوا المناسبة بفكرهم الإستعلائي المقولب بالعنجهية الكرتونية ومارسوا عملية الإقصاء والقتل والتصفيات ونشروا الفتوى والفوضى وولاية الزعيم القبلي والعسكري والاستقواء بالشرعية المطاطية على حساب الشراكة ومفهوم الحوار في القضايا الوطنية كسلوك حضاري وثقافة مدنية أرست الوحدة أسسها كخيار وطني وجماهيري غير قابل لعنترية الفرد والاستبداد بالرأي وسياسة الضم والإلحاق الذي مارسه نظام الأسري غير مدرك مخاطر سياسته العرجاء وخطرها على مفهوم الوحدة وغير مستوعباً الأحداث, بل عمد إلى تجسيد الأمر الواقع بمفهوم المنتصر والمغلوب وبغباء لازم ثقافته كانت قراءته لمفهوم الوحدة بالمقلوب ومع الأيام أنقلب السحر على الساحر, وما إن صحا المسحور من المس السياسي أنبر يطالب بفك الارتباط انتقاماً من الوحدة كمشروع حضاري وإرث تاريخي تركه الشهداء شرعاً للأجيال.. لتبقى الوحدة والوطن ولتذهبوا إلى الجحيم.. والله أكبر.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد