;
محمد مقبل الحميري
محمد مقبل الحميري

حتى لا يتحول الحوار إلى "خوار" 1456

2013-06-17 17:40:39


أجدادنا الأوائل بطروا النعمة وسئموا الرخاء الذي عاشوه؛ فكانت دعوتهم غريبة لا تستقيم مع العقل السليم ولا المنطق القويم, فكانت أسفارهم من اليمن الى بلاد الشام في أمن وأمان وتوفر الرزق الرغيد وحولهم قرى ظاهرة مقدر فيها السير ليلاً ونهاراً.. ومن" بوقتهم" وعدم شكرهم للنعمة تمنوا زوالها وتمنوا طول الأسفار والكدح في المعيشة (فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا) وبهذه الدعوى الغبية ظلموا أنفسهم فاستجاب لهم الحق سبحانه فقال عز وجل (فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق).. أصبحوا أحاديث الناس ومضرب المثل في بطر النعمة، لأن إبليس وسوس لهم بذلك, فأطاعوه واتبعوا نصائحه.. وليس هناك من هم أغبى من قومنا في دعوتهم هذه إلا أولئك القوم الذين قالو ((اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو أتنا بعذاب أليم)) وكان الأولى بهم والأجدر ان يقولوا ((فاهدنا)) وليس تمني الحجارة أو العذب الأليم.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه؛ هل نحن اليمانيون اليوم أحسن عقلاً وإدراكاً من أجدادنا الأوائل الذين سألوا الله أن يباعد بين أسفارهم؟  
   إن المتتبع لواقع اليمنيين ونخبهم يلمس ان العقلية هي العقلية ان لم تكن أسوأ مما كانت عليه في ذلك الزمان! 
فها نحن اليوم نعيش نزقاً وبطراً مع فقر مدقع ومعاناة شديدة ، والشدائد غالباً تعيد الإنسان الى الحق وتجعله يستفيق من غيه، ولكن على عكس أجدادنا الذين بطروا النعمة بعد شبع وتمنوا الأسفار وهم في رخاء ونعيم وأمن.. أما نحن فحياتنا ضنك وأحوالنا شتات وبطوننا جوعى وفي نفس الوقت لم نتعظ وكل فئة تعمل ضد الوطن دون مراعاة لموضوع الناس ومعاناتهم!
 من هذه الفئات والجماعات والنخب من تتجه بقبلتها شرقاً نحو فارس ومنهم من يتجه غرباً، نحو أمريكا وأوروبا، ومنهم من يريد العودة بنا إلى عهد القطيع والعبيد، ومنهم من يعمل بالأجر اليومي، مع أي جهة تدفع، ومنهم من يعرض نفسه في سوق النخاسة ولا يجد مشترياً فيبيع ديناً لعله يجد رواجاً لبضاعته، والجميع تغييب لديهم قضية الوطن وبالتالي لا فرق بينهم سوى بالمسميات. 
ووسط هذه الظلمات المتلاطمة؛ هناك لاشك مخلصون لوطنهم ولكنهم أصبحوا غرباء في وسط السواد الأعظم من هذه المكونات التي لا تكاد تفقه الأ الخراب والتخريب. 
إن حالة اليمنيين قديماً كانت بطراً بعد شبع واليوم نحن نعيش نكراناً للوطن وبطراً مع جوع ولم يحدث في التاريخ أن يقترن البطر بالجوع إلا في زماننا ووطننا الآن . ثم إن أجدادنا عندما مُزقوا كل ممزق كانت الأرض من حولهم مفتوحة لهم بكل اتجاهاتها ليسيروا فيهاو فمنهم من اتجه نحو بلاد الشام وهم الغساسنة ومنهم من اتجه نحو العراق وهم المناذرة وهناك من اتجه نحو يثرب وهم الأوس والخزرج ومنهم من اتجه نحو عمان وهم الازديون ومنهم من ركب البحر إلى شرق أفريقيا، أما اليوم فنحن نخرب بلادنا وكل ما حولنا من البلدان مغلقة أمامنا وليس لنا مكان بديلاً عن بلادنا إلا هي، بل إن مغتربينا يطردون من البلدات التي يعيشون فيها ليعودوا إلينا وتتفاقم الأزمة أكثر.. ونحن بلا شعور أو أحساس.
إن المتتبع لمؤتمر الحوار الوطني وما يجرى فيه يجد جماعات وأقواماً لاهم لهم إلا ان يضربوا أو ينسحبوا أو يصرخوا ويعكروا الأجواء ولم يتقدموا خطوة واحدة نحو البناء والإصلاح أو إبداء حسن النوايا ، وأصبحت المكونات التي يتشكل منها المؤتمر كابوساً وعاملاً معطلاً على الوطن ومستقبله وأمنه ، ولسان حال كل طرف يقول (ربنا باعد بين أسفارنا).
إن هذا الوضع الخطير الذي نعيشه يتطلب من الرئيس هادى والرجال المخلصين في هذا الوطن أن يتحملوا مسئوليتهم ولا يعولوا كثيراً على من لا يشعرون بمسئوليتهم الوطنية وليعلم الأخ الرئيس أن قدره قد وضعه في موضع يجب أن يكون فيه بأمة وشعب بكامله، وسيجد معه غالبية أبناء الشعب اليمني بملايينه الهادرة الذين يعانون الويلات ويتجرعون مزايدات المزايدين وهم صابرون محتسبون مؤمنون؛ سيجدهم جميعاً معه وحوله يؤيدونه ويناصرونه.. أما إذا استمرينا على هذا الحال, فأخشى أن يتحول الحوار إلى" خوار" إذا لم نفرق بين العقول والعجول.. ورحم الله أسلافنا فقد كانوا أخف منا كفراً وأقل بطراً مما نحن عليه.
ورغم كل ما ذكرت يبقى الأمل في نفوسنا هو الغالب وبالأمل سنشحذ العزائم والهمم وسنمضي قدماً بإذن الله" وما أضيق العيش لولا فسحة الأمل". 
عضو مجلس النواب, عضو مؤتمر الحوار الوطني


الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

د.محمد جميح

2024-06-01 23:47:16

لص وقح

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد