;
م. محمد كمال
م. محمد كمال

المعتصمون والعسكر.. كيف يفكرون؟ 1325

2013-08-14 17:54:29


لم يعد على المسرح السياسي إلا لاعبان اثنان هما: "العسكر" الذي اغتصب الحكم بعد انقلاب 7/3، وفي مواجهته يأتي "مؤيدو الشرعية"، الذين كانت نواتهم من الإسلاميين ثم تدحرجت كرة الثلج المعارضة للانقلاب فتضخمت وبدأت أطياف عديدة من الشعب تلتحم بها.. وهؤلاء صنعوا لهم رمزاً تاريخيّاً مشهوداً وهو الاعتصام بمنطقتي "رابعة العدوية"، وميدان "نهضة مصر".
والآن, وبعد دخولنا الأسبوع السابع من التربص بين الفريقين, سنرى كيف يفكر كل فريق:
أولاً: العسكر: أما العسكر فالذي تأكد لنا تماماً أن استراتيجية انقلابهم بُنيت على محاور أربعة هي:
1- تصورهم انهيار شعبية "الإخوان" و"الرئيس".
2- إضفاء الصيغة الشعبية على قرار الانقلاب باستغلال مظاهرات 30/6.
3-(المباغتة).. التي تشل حركة "الرئيس" وأنصاره.
4- الدعم الأمريكي.
وتأسست خطتهم على انهيار الروح المعنوية لأنصار "الرئيس" بعد عام من التآمر المحكم وتأزيم الأوضاع وإفشال "الرئيس"، ومن هنا فقد تصوروا أن المقاومة لن تتعدى أياماً، لذا كانت قرارات الاعتقال العشوائية لتحسم المعركة بالضربة القاضية، حتى يدخل الأنصار جحورهم، ويتحولون إلى العمل السري، الذي تجيد الدولة البوليسية العسكرية التعامل مع أربابه بالسحق والمطاردة بعد التشويه والتجريم..
لكن المفاجأة الصادمة أن أنصار "الرئيس" قاوموا بشراسة، وظهروا بروح معنوية سماوية، وانتشروا بكل أرجاء الوطن، وسيطرت أصواتهم على صعيد مصر تماماً كالقاهرة وسائر المحافظات، وبدأت "مصر" تدخل في شلل سريع من جراء انقلاب الأغبياء الذين اعتمدوا على مشورات طفولية سواء أكانت خارجية متمثلة في أمريكا، أم داخلية متمثلة في شخصيات مثل "هيكل" وآخرين.
والآن وقد تأزمت الأوضاع تمامًا فكيف يفكر العسكر؟.. تأكد العسكر أنهم بصدد (أزمة قلبية) رغم توقعهم بمجرد (ضيق تنفس)، وبالتالي فكل الخطط السابق الاتفاق عليها قد ألقوها بالقمامة والآن يفتحون صفحة لها السمات الآتية:
أولاً: غلبة نهج التفكير اللحظي (أي رد الفعل غير المخطط).. ومن هنا فقد غابت تمامًا الرؤية الشاملة والاستراتيجية، مما يؤكد ما قررناه سلفًا من أن العسكر أرادوا مباغتة أنصار "الرئيس" فحدث العكس وصدَّر هؤلاء المفاجأة الصادمة للعسكر الذين لم يُعدّوا العدة لمسئولية دولة بها معارضون عقائديون لا يهتمون بحجم خصمهم ولا تهديداته.. هذا بخلاف إدارة شئون البلاد وسط انتشار حالة انعدام اليقين، وبين مفاجأة عدم اعتراف المجتمع الدولي بالانقلاب.
ثانيًا: الخداع بوصفه وسيلة لطمس حقائق الواقع.. فقد رأينا أكاذيب المتحدث العسكري ابتداء من مجزرة الحرس الجمهوري، وانتهاء بحادثة الطائرة الإسرائيلية التي اخترقت المجال المصري وقتلت4 مصريين؛ حيث أنكر الجيش الحادثة أصلاً ثم أقر أنه هو من فعلها.. في وقت سكت الجيش الصهيوني بينما أعلن الإعلاميون الإسرائيليون أن سكوت جيشهم يؤكد أنه هو من فعل الجريمة، وسكوته لعدم إحراج أصدقائه بالقيادة العسكرية المصرية، وتمادى العسكر في الكذب حين أعلنوا سقوط عشرات القتلى في "سيناء" في عملية مواجهة الإرهاب، بينما لم يثبت على الأرض حقيقة ما زعموا.
كذلك فقد العسكر مصداقيتهم بالتهديدات العديدة المعلنة بفض الاعتصامات بالقوة، ففقدوا صدقيتهم بكونهم حكامًا لكل الشعب ومن حق معارضيهم التظاهر ضدهم، ثم فقدوا القدرة على تنفيذ خطط دموية جديدة لصلابة المعتصمين، ثم انتهوا إلى انتظار حكم قضائي بمساعدة سكان "رابعة" لإخلاء المنطقة.. وأوغلوا في انهيار صدقيتهم حين استخدموا أسلحة الحرب النفسية التي لا تستخدم إلا ضد العدو الخارجي، مما تسبب في تزايد المعتصمين، وجعل معارضي الرئيس يعيدون تفكيرهم في (الخديعة) التي وقعوا فيها، ودولتهم التي ابتلعها العسكر- بزعم الاستجابة للشعب- فلم يعد فيها وجود لأنصار الرئيس ولا لمعارضيه.
وقد رأينا الطفولة السياسية تتجسد حين أعلنت الداخلية أنها ستفض الاعتصامات فجر الاثنين 12/8، وفي الوقت نفسه يقوم "أحمد الطيب" برعاية مبادرة للتوافق، وكأنه يريد أن يقول إن وقت السحق قد جاء، ومن أراد خروجاً آمناً فليذهب إلى شيخ الأزهر!.. وكان الرد هازئاً بهذه الصبيانية التي تؤكد أننا أمام قيادة عسكرية تكاد تخبط رأسها في الحائط وتصرخ قائلة: (أنا اللي جبت ده كله لنفسي).
وقد ترى معي أن العسكر لم يعد يلعب سياسة لأن الأمد بعيد بين استفتاء أو انتخابات يعطيه (شرعية) يعادل بها (شرعية) معارضيه، لذا فإن إبداعه لم يسعفه حتى اللحظة برؤية يمكننا قراءتها، وإنما هي ردود فعل متخبطة متشرذمة بعضها يكذب بعضه.
والآن لم يعد أمام "العسكر" إلا ظهيران:
1- دعم أمريكي- صهيوني.
2- حجم غير معلوم من داخل الجيش ما زال مساندًا لقائد الانقلاب.
أما الأمريكان فهناك تجربة "نذالة" كبيرة مع "صدام حسين" حين أعطت له السفيرة الأمريكية "إبريل جيلسبي" الضوء الأخضر لاحتلال "الكويت"، ثم انقلبت عليه، سواء كان هذا بتخطيط سابق أو بعدما رأوا انهيار الحسابات فتم تغيير الخطة والانقلاب على "صدام".
و"أمريكا" ليس لها صاحب (راجع موقفها من الشاه الإيراني محمد رضا بهلوي الذي رفضت استقباله مريضًا بعد الثورة عليه رغم كونه الرجل الأول لها بالمنطقة)، وهي لا يهمها أن يكون الوضع في مصر "مرتبكاً"، لكنها تخشى من دخولنا إلى "فوضى"، لأنها تعلم يقيناً أن الفوضى ستكون موجهة ضد المصالح الأمريكية والصهيونية في المنطقة، ومن هنا فإن الدعم الأمريكي مرشح للتضاؤل مع صمود المتظاهرين وإعلانهم العصيان لسلطة العسكر.
أما "الفصيل العسكري" المؤيد للانقلاب فإنه أمام اختبار "الدم" المصري لأول مرة، باعتبار أنه هو من سفكه وليس من دافع عنه، والمتواتر من الأخبار يؤكد أن اضطراباً هائلاً تسلل إلى هذا الفصيل، ونحن ننتظر انسحابه من المؤامرة خشية انكشاف أمره أمام الشعب، أو دفع قائد الانقلاب إلى مسار تفاوضي يخسر فيه على مائدة المفاوضات بدلاً من الخسارة بسبب المواجهات الدامية.
ومع هذا فمازلنا لا نستبعد حماقة "غطرسة القوة" على المدى القريب، أما مع الوقت وبسبب دخول البلد لحالة (الفشل) فإن القوة تصبح خيارًا انتحاريًّا... ومستبعداً.
ثانيًا: استراتيجية أنصار الرئيس.. وهي واضحة وثابتة لا يعلوها ارتباك، وتتمثل في:
أولاً: الصمود الذي يحول قناعات الجميع للتلاقي حول هؤلاء الصامدين، ويجعل عنصر الوقت سبباً في إعادة تفكير كل أطياف الشعب حول حقيقة "الخديعة"، وبالتالي يتحول الوقت من عنصر "ضاغط" على المعتصمين، إلى عنصر "داعم" لهم، وإطالة الوقت يُفشل عنصر "المباغتة" الذي أراده الانقلابيون لإنهاء العملية سريعًا؛ حيث سيتغلب الصمود مع الوقت على التشويه الإعلامي، وخداع الانقلاب.
وهذا ما نراه؛ حيث بدأت مظاهرات المدن المصرية بنسبة عددية يمثل الإسلاميون فيها حوالي 80-90%، ومع الوقت تضاعفت الأعداد من 3-5 أضعاف، وأصبح الإسلاميون لا يمثلون أكثر من 20%، بينما انضمت شرائح الشعب سواء المسيسة أو غير المسيسة، مما يذهب بالأمر إلى ثورة شعبية جديدة، خاصة مع بدء توافد قيادات سياسية معارضة للرئيس إلى الاعتصام بعد انكشاف الأمر.. والذي نعلمه أن أروقة العديد من التيارات السياسية الثورية مشغولة الآن بإعادة تقييم موقفها، وقد علمنا أن البعض قد حسم رفضه للانقلاب وينتظر وقتاً مناسباً للإعلان.
ثانيًا: تطوير أدوات العصيان.. فقد بدأ رافضو الانقلاب باعتصامين ومجموعة مظاهرات، ثم أحدثوا نقلات نوعية عديدة وهي:
1- استهداف (كل) أوقات اليوم و(كل) مدن "مصر" بالتظاهر بحيث تصل الرسالة (لكل) شرائح الشعب.
2- الجسارة في التظاهر أمام كل الأماكن التي كانت محظورة؛ مثل" المخابرات العسكرية" و"وزارة الدفاع" و"الحرس الجمهوري" و"أمن الدولة"، مما يوصل رسالة أنه لا سقف أمام العصيان.
3- نقلات نوعية تلقائية غير مخطط لها، ولكنها تحدث بسبب الحشود الضخمة التي تسببت في خلق اعتصامات بمحافظات غير متوقعة مثل "مطروح" و"أسوان"، أو تعطل وسيلة نقل مهمة مثل "المترو"، أو توقف حركة الطيران بمطار القاهرة، أو حدوث حالة تجمد في الوزارات وعدم القدرة على إدارة البلاد، وهذا من شأنه أن يصل بالبلاد إلى حالة "عصيان مدني" واقعي، حتى ولو لم يتخذ المواطنون هذا القرار.. حينئذ لن يجد العسكر إلا الرضوخ لمفاوضات غير مشروطة، أو الصدام الدموي كقرار انتحاري قبل السقوط، وفي الحالين فإن الثورة ستؤكد نفسها، وستعيد صياغة مبادئها وسيعلو سقف مطالبها، ولن يترك المعتصمون الميادين حتى تتخذ قرارات تطهير كل مؤسسات الدولة.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد عبد الملك المقرمي

2024-05-05 23:08:01

معاداة للإنسانية !

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد