كان من الممكن التعويل على حكام وأمراء الخليج من وضع حلول وحد لما يجري في الدول العربية بما يمتلكون من مال وليس من حكمة أو حرص على مصلحة الشعوب والأمة العربية، ولكن كانت أموالهم نقمة على الشعوب المنكوبة والمتصارعة, فقد ساهمت أموالهم وتدخلهم في تدمير الشعوب واستمرار الصراعات والنزاعات والقتل في البلدان العربية، وصاروا للأسف أدوات تنفذ مخططات أعداء الأمة ليحققوا من خلالهم نواياهم الخبيثة في تدمير الأمة العربية, فنراهم يدعمون طرفاً في هذا البلد وطرفاً آخر في بلد آخر، وهل دعم طرف من أطراف النزاع يحل المشكلة؟, هل دعم طرف يحقن الدماء؟..
ربما الدولة الوحيدة التي استفادت من تدخلهم هي اليمن ولم يكن هذا التدخل حرصاً منهم على اليمن بمالهم من نفوذ على معظم أطراف النزاع, فالمبادرة الخليجية ليسوا من بادر بها, بل بطلب من الرئيس السابق/ علي عبدالله صالح وبحكمة، وإلا أين ذهبت حكمتهم وحرصهم عندما دعموا سلطة الانقلاب في مصر وكانوا أول الداعمين والمعترفين بها وأكثر الداعمين لها عقب الانقلاب بمليارات، ربما لو دعموا نظامها الشرعي المنتخب عقب ثورة المصريين على مبار ك لساهم دعمهم في استقرار مصر بتحسين اقتصادها الذي كان مستهدفاً من أطراف ودول خارجية ومن بقايا النظام المخلوع, وأين حكمتهم عندما دعموا الجماعات المسلحة في سوريا بالمال والسلاح؟، وهل دعم الجماعات المسلحة بالسلاح فيه حقن للدماء السورية ونهاية للوضع المأساوي الذي يعيشه الشعب السوري؟، وأين حكمتهم عندما قرروا الاعتراف ومنح سوريا مقعداً لتلك المعارضة بدلاً من النظام السوري؟، وكيف يمثل سوريا من لا يعيش فيها ولم يكن له أي ولاء لشعبه ووطنه؟، ثم من الذي أعطى زعماء الخليج تفويضاً كي يقرروا باسم الدول العربية منح مقعد التمثيل لسوريا في الجامعة العربية لمن يرغبون واستبعاد من لا يرغبون فيه؟, هل سيتحكمون على الدول العربية بأموالهم التي لا يستخدمونها إلا لدماء الشعوب العربية ولا يمنحوها إلا لمن وجهتهم أمريكا لمنحها ودعمها؟.
إن أموال الخليج ليست إلا لعنة على الدول والشعوب العربية، أمريكا إذاً ودول الغرب هي المستفيد إذا واجهتها أزمة اقتصادية، الدول المستفيدة من ثروات الخليج هي تلك التي تكدست بنوكها بثروات أصحاب الأموال من ملوك وأمراء الخليج الذين يستثمرون كامل ثرواتهم في الدول الأوروبية، فيهدرون أموالهم في سخافات تدل على غباء وسذاجة أصحابها مثل شراء اللاعبين والفرق الرياضية الأوروبية أو مقتضيات لا قيمة لها ولا معنى بمليارات الدولارات، تلك المليارات التي كانت ستستفيد منها الشعوب العربية الفقيرة والمنكوبة التي تعتبر من شعوب العالم الثالث والأشد فقراً على مستوى العالم.
إن خيرات وثروات الخليج لغيرنا وشرها لا نسلم منه، ورحم الله ملوك الخليج الذين كانت الشعوب العربية تلتمس خيرهم وبذلهم وعطائهم وحبهم للخير وحرصهم على مصالح الشعوب العربية.. حتى العمالة العربية التي استبدلوها بعمالة أجنبية دليل آخر على أن الأقربون لم يعودوا الأولى بالمعروف، ولم يعد خيركم خيركم لأهله..
إننا لا ننكر فضل من مات منهم أو من مازال حياً، فمن كان صاحب فضل على الدول والشعوب العربية ومات ندعو له بالرحمة ولمن مازال حياً ندعو له بطول البقاء على أفضاله وعطاياه وحرصه على مصلحة الشعوب العربية.. فليحفظ الله من ملوك الخليج وأمرائها من في بقائه خيراً للأمة العربية والإسلامية، وليحفظ أمتنا وشعوبنا من كل شر وسوء ومكروه، وأن يكفينا الله شر كل من يريد بأمتنا شراً بما شاء وكيفما شاء إنه ولي ذلك والقادر عليه.