;
د/عبدالحكيم مكارم
د/عبدالحكيم مكارم

الإصلاح والشراكة المجتمعية 1568

2013-09-20 18:11:42


 جاء حزب الإصلاح استجابة طبيعية للنسيج المجتمعي اليمني, ومنسجماً مع مقوماته الفكرية والثقافية, وجاء حزب الإصلاح كحاجة ملحة لبت رغبة الكثير من التواقين إلى حركة تجديد فكري ودعوة إحياء, حركة تجمع بين أصالة الفكر وإعمال العقل لبلوغ المستقبل دونما انحراف أو نتوء, لم يكن مولودا غريبا أو مسخا مشوها, بل كان إضافة نوعية لترسيخ مسار التطور السياسي والاجتماعي والثقافي في اليمن. جاء ميلاد الإصلاح والجموع قد ملت تجاربها المريرة التي عاشتها لعقود, وازداد شوقها يوم انفراج الهامش السياسي فكان القادم أمل لا تنًكره العواطف ولا ينافي العقل ولا ينتقص الآخر ولا ينازع من حوله سلطة ولا ملكا, لم يناصب أحدا العداء, فكان التجمع الجامع لكل فئات المجتمع وشرائحه لم يقيم حدودا للانتماء اليه فكان المحيط الذي وصلت أمواجه كل شاطئ, لم يتخير أفراده من طبقة معينة أو من فئة مثقفة أو من شريحة اجتماعية, بل كان وعاء تذوب فيه جميع الفوارق الفردية والاجتماعية والمناطقة والجهوية, يحقر من النعرات ويمقتها ويعزز من الالتقاء واللقاء, ويكرس روح الوحدة المجتمعية فكانت وسائله التربوية بمختلف أشكالها تعزز من واحدية الهوية والفكرة والمعتقد, جسد ثقافة الوحدة في مختلف أنشطته ومراحل دعوته فلا تجد منشطا إلا وفيه روح الوحدة والألفة والمحبة, فكانت الوحدة هي أبرز مخرجاته التي جسدها بين أفراده وانعكست على المجتمع ككل.
 ورغم عمره السياسي الفتي إلا أنه شب مبكرا وتحمل مسؤوليته تجاه مجتمعه ووطنه فكان الشريك الحاضر والفاعل في حياة الناس ومعاناتهم وسلوكهم وثقافتهم ونمو وعيهم بالقضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية, ولذلك ركز في برامجه في مختلف المراحل على أن يكون محورها التخفيف من معاناة المواطن والحد من آلامه والعمل على تحقيق تطلعاته المستقبلية, بحياة أكثر استقرارا, لم يجرده من حقوقه أو يمتهن كرامته ليبني مشروعه السياسي بعنصرية مقيتة؛ لذا كان الفرد مركز اهتمامه باعتباره أحد روافد التنمية المحلية وسعى إلى إعادة ثقته بنفسه في القدرة على إدارة ذاته وتطويرها لإحداث أولى مراحل التغير المجتمعي..
 قدم الإصلاح نموذجاً للشراكة مع نظرائه في العمل السياسي, فلم يترك نافذة للحوار إلا وشارك فيها, لم ينغلق على نفسه أو يرفض الآخر, فكان اللقاء المشترك ثمرة عكست صدق توجهه من الآخر, رغم التركيبة المتنوعة البرامج والرؤى, إلا أنها متكاملة في مشروع وطني يجسد تطلع الشارع السياسي ويعزز من قيمة الشراكة المجتمعية.
ظل الإصلاح حريصاً على سلامة وأمن المجتمع انطلاقا من إيمانه العميق أن برامجه السياسية والاقتصادية والتنظيمية لن تتحقق باستخدام العنف وتصفية الآخر, أو تكفيره وإقصائه من الحياة السياسية, بل كانت وسيلته سلمية في تحقيق أهدافه وتنفيذ برامجه, فاحقن الدماء رغم محاولات البعض جره إلى مربع العنف تارة باستهداف رموزه وأخرى باقتحام مقراته, وثالثة بتصفية بعض أعضائه, فكانت ردوده بمسؤولية واتزان من إيمانه بحرمة الدم, وتحاشيا لإيقاظ غول الفتنة, والحفاظ على أمن المجتمع واستقراره, وتجنبا في إدخال المجتمع في حرب ضروس تأكل الأخضر واليابس, وتفويت الفرصة على تجار الحروب وأصحاب المشاريع الصغيرة.. رأى كثير من المراقبين والمحللين السياسيين أن حضور الإصلاح في الساحة السياسية صمام أمان للتعددية السياسية والحفاظ على النهج الديمقراطي, عقب محاولة النظام السابق إلغاء الهامش السياسي وتصفية شريك الوحدة والوطن وإصراره على تدجين بعض القوى السياسية وتفريخ الآخر, ومحاولة تفتيت وتفكيك الإصلاح المتكررة إلا أن خبرة حكماء الإصلاح كانت خير شاهد على مكر النظام السابق وأكثر دراية به فلم ينجح النظام السابق في مشروعه التفكيكي وإلغاء المعارضة السياسية, لذلك اعتبر الإصلاح أن المشاركة في العملية الانتخابية هي الوسيلة الأكثر مواءمة لنهجه السلمي في التغيير, إلا أن مخرجات الانتخابات كانت تعبر عن عدم شفافية ونزاهة الأداة التي تسير بها العملية الانتخابية.
 استحوذ النظام السابق على الوظائف العليا للدولة, والثروة والسلطة وغض الطرف عن الممارسات اللا مسؤولة من قبل الأقرباء والمتنفذين سواء في المناطق الشمالية أو الجنوبية, واستطاع بفعل تلك الممارسات الممنهجة إشعال روح الكراهية, وظل يعززها باستمرار حتى بدت ظاهرة للعيان في كل مؤسسة, فأصبحت ثقافة يسوقها ويبرر وجودها وتبناها كل أقربائه ونافذيه باعتبارها أداة لتفتيت قوة المجتمع وتلاشي تطلعاته وتمزيق هويته الوطنية الجامعة, وأمام هذه الهجمة التدميرية في ضوء الممارسات اللاأخلاقية التي تتنافى مع أبجديات المسؤولية الوطنية, كان لحزب الإصلاح موقفه مع شركائه السياسيين بضرورة إعلان موقف يجسد الشراكة المجتمعية فكان الإجماع على النضال السلمي خير وسيلة والأكثر أمانا في الخروج من هذا التردي الاقتصادي والسياسي, فكانت الإشارات التي ترسل إلى النظام يعتبرها استفزازا لسياسته, ثم الهبة الشعبية التي جاءت منسجمة مع توجع الجماهير ومعاناتها إلا أن النظام السابق أصم أذنيه وكأن شيئا لم يكن, ومع إيمان الجميع بالتغيير كسنة كونية وضرورة لإسدال الستار على كهنوت الاستبداد وصنمية الأشخاص, وتطلع المواطن إلى موطن أكثر إشراقاً تتكافا فيها الفرص ويسوده العدل وكفالة حرية التعبير, ومع رياح ثورة الربيع العربي التي اقتلعت سدنة الاستبداد بدءا بتونس كان النظام يعلل بأن ما يجري في تونس له خصوصيته ولم يدرك أن الجمر اسفل الرماد مشتعلة, ورغم مقاومته لموجة التغيير إلا أن الوجه الآخر للنظام بدت معالمه في سلوكيات لا أخلاقية, فخرجت الجماهير للساحات تطالب بحقها في التغيير, فكان الإصلاح الموجه الفاعل لم يبخل بجهد أو تضحية قدم أفراده أرواحهم وعمدت تلك الشراكة بالدم فكان الإصلاح الشريك الحاضر في وضع لبنات المستقبل.
دخل الإصلاح في مؤتمر الحوار الوطني بمسؤولية وطنية مع شركائه في العملية السياسية دون تلكئ أو تحفظ رغم أنه لم يحظ بمشاركة تتفق مع حجمه السياسي, إلا أنه لم يعر ذلك أي اهتمام واتجه بكامل قوته التنظيمية لترسيخ مبدأ الحوار بين مكوناته والعمل على رفع مستوى وعي المجتمع بالحوار ودعوته للمشاركة بفاعلية باعتباره احد الضمانات لنجاح مخرجات الحوار الوطني, وحرص خلال فترة مؤتمر الحوار التي استمرت قرابة السته اشهر أن يعلي من المصلحة الوطنية, والعمل على خروج اليمن من مازق الإحتراب, فكان إلى جانب إعمال العقل خطوة بخطوة, يستشعر روح الانتماء لهذا الوطن الذي تكالبت عليه المصالح الشخصية وجرته إلى حروب متتالية طوال خمسين سنة, اليوم وبعد مضي ثلاث وعشرين سنة من تأسيه يستشرف المستقبل مع شركائه في العملية السياسية, برؤية واضحة تتجلى فيها قيم التعاون والتكامل على قاعدة الشراكة والثقة, التي تلبي تطلعات المواطن بمستقبل آمن يطمئن الجميع بالانتماء إليه..

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد