;
إسماعيل حامد
إسماعيل حامد

فاستخف قومه فأطاعوه 1414

2013-10-10 10:29:09


حينما قص علينا القرآن الكريم قصة فرعون، ذكر لنا فيها سمات وصفات الطغاة عبر العصور، فأوجز لنا القصة في آية فريدة "فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قومًا فاسقين"، وحينما ننظر كيف كان هذا الاستخفاف سنجده أنه لم يأت دفعة واحدة، ولكنه مر بمراحل عدة حتى وصل إلى الصورة القصوى التي بينها القرآن في قمة الاستخفاف الفرعوني ومعه قمة الطاعة من العبيد، ومن ذلك:
 - مصادرة الحريات وتكميم الأفواه: استخف قومه حينما ألغى حرية التعبير عن الرأي واعتمد رأيه فقط مرجعية لقومه "ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد" ورغم ذلك أطاعوه وانقادوا له وقبلوا تكميم الأفواه.
- مصادرة البلاد ومقدراتها: استخف قومه حينما جعل من نفسه مالكًا للبلاد "أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي" ورغم ذلك أطاعوه وخضعوا له وسلموا له كل شيء من مقدرات البلاد.
 - التفويض بقتل المخالفين: استخف قومه حينما طلب منهم التفويض بقتل معارضيه "ذروني أقتل موسى وليدع ربه" ورغم ذلك أطاعوه. 
 - الاستهزاء من إله الكون: استخف قومه حينما سخر من ربه وخاطب هامان "فاجعل لي صرحًا لعلي أطلع إلى إله موسى" فأطاعوه وبنوا له الصرح.
 - نسبة الألوهية إليه: استخف قومه حينما جعل من نفسه إلها يعبد "ما علمت لكم من إله غيري" ورغم ذلك أطاعوه وعبدوه من دون الله.
إنه نهج الطغاة في كل عصر، يستخفون بالجماهير، ويعزلونهم عن كل سبل المعرفة، ويسيطرون على الإعلام، ويوظفون رجاله كي يزيفوا لهم الحقائق بعد حجبها عن الشعب، ويبثون لهم ما يشاءون من معلومات كاذبة خادعة عن طريق المؤثرات المصطنعة، وبالتالي يسهل استخفافهم، ويسيطرون عليهم، ويذهبون بهم ذات اليمين وذات الشمال، وكما يقول شهيد القرآن سيد قطب: ولا يملك الطاغية أن يفعل بالجماهير هذه الفعلة إلا وهم فاسقون لا يستقيمون على طريق, ولا يمسكون بحبل الله, ولا يزنون بميزان الإيمان، فأما المؤمنون فيصعب خداعهم واستخفافهم واللعب بهم كالريشة في مهب الريح، ومن هنا يعلل القرآن استجابة الجماهير لفرعون فيقول "إنهم كانوا قومًا فاسقين".
 
وهكذا يفعل الانقلابيون اليوم بشعب مصر، يستخفّون به ويستهزئون به ويزيفون له الواقع والحقائق، وينقلبون على الشرعية ويطلبون من الشعب التفويض بالقتل ويبشرونهم "بكرة تشوفوا مصر" فيعتدون على المتظاهرين السلميين ويسفكون الدماء ويقتلون الركع السجود ويدنسون المساجد ويحرقون الجثث ويعتقلون النساء، ويتهمون الشرفاء بالخيانة ويلصقون بالأحرار صفة الإرهاب، والسذج من الشعب يقتنعون بما قال لهم الطغاة ويطيعونهم وينقادون لهم كما تقاد البعير، ولكن تبقى الحقيقة بارزة بأن الطغاة لا يطيعهم إلا الفاسقون المفسدون من الشعب وعبيد البيادة، سواء كانوا نخبًا سياسية أو إعلامية أو ثقافية أو فنية أو كانوا من العامة أصحاب خفة الأحلام أو قلة العقول أو المخدوعين بسحر الإعلام الكاذب.
أما الشرفاء الأحرار من الأمة فقد عصمهم الله من أن يلعب بهم أو يسخر بهم هؤلاء الطغاة ولا النخبة الملتفة حولهم ولا الإعلام المروج لأكاذيبهم ولا الجماهير المخدوعة بهم، وأدركوا الحكمة التي نطق بها الرئيس الشرعي محمد مرسي حينما قال لهم: "اوعوا يضحكوا عليكم اوعوا الثورة تتسرق منكم"، ولذلك نجد فعاليات الغضب ضد الانقلابيين تزداد يومًا بعد يوم؛ حيث يفيق الشعب من سباته وغفلته وينتبه للخداع الإعلامي الذي يفرض عليه، وبدأ الشعب يدرك أن هؤلاء الطغاة ومن معهم كذبة وقتلة ومجرمون، هذا هو إذًا الشعب المصري الحر يتحرر من سطوة الطغاة ولا يقبل الضيم ولا يعطي الدنية من وطنه ولا شرعيته ولا دينه، ولا يرضى لنفسه بعيشة العبيد تحت بيادة العسكر حتى ولو كان ثمن موقفه ذلك المزيد من الدماء، ما دامت في سبيل الحرية والكرامة واسترداد الشرعية، وسيبقى الشعب على هذه الروح المقاومة للانقلابيين في انتظار نصر الله وكلمته ووعده وتحقق النذير الإلهي للطغاة المجرمين ومن معهم "فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين, فجعلناهم سلفًا ومثلاً للآخرين"، "ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبًا".. والله أكبر ولله الحمد.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد عبد الملك المقرمي

2024-05-05 23:08:01

معاداة للإنسانية !

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد