وأنا أتابع مخرجات اجتماع مجلس الوزراء الموقر أثناء وقوفه على أوضاع عاصمة الثقافة وتكليفه لمعالي وزير الثقافة ومحافظ محافظة تعز بإعداد تقرير وخطة اعتمادها عاصة للثقافة للعام 2014م ، وقفت أمام كل تلك القرارات والنقاشات ومعي إلى جانبي صديقي "هيثم" الذي ما كان منه إلا أن علق بسرعة البديهة "تعز عاصمة القمامة"..

لم يكن تعليق "هيثم" الذي أيدته على صوابيته من فراغ، وإنما من خلال واقع لمسناه وشاهدناه أثناء مرورنا من تلك المدينة الحالمة ظهر السبت الفائت ونحن نخط طريقنا الشائكة أثناء عودتنا من عدن مروراً بمحافظة لحج.. إلخ.

مررنا بالراهدة وصولاً إلى الحوبان والدمنة ، وحوض الأشراف وشارع جمال وحتى بير باشا ومفرق شرعب وما بعدها ، وغيرها.. إلا أنها للأسف تعيش أوضاعاً سيئة لا تسر الناظرين أو الزائرين.. على الرغم من لطافة الجو وطراوة الطقس في تلك المناطق إلا أن "الغبن" هو عنوان جهة الزائر أو المتتبع المتمعن في معنى مسمى (تعز).

حُبيبات الحصى الثابتة فيما تبقى من طريق الراهدة خدير الدمنة تحديداً كفيلة بمفردها بارتجاج المخ والدماغ وارتخاء الأعصاب وتفكيك الرُكب والعظام للمسافر، أما السيارة فسرعان ما تقضي تلك الطريق شبه الإسفلتية على عجلاتها!!, فقد أصبحت الحُفر عنوان تلك الطرقات، وثبتت مكانها وزادت من عنفوانها على المارة.

وبينما أنت في الإبل- اسم لمنطقة- تلمس وتلحظ نتوء فرشات الإسفلت التي أصبحت سواقي ومطبات ، وفيها لم أسمع إلا صرخات تعجب من زميلنا "همدان" الذي أبدى عجبه قائلاً (تِيّه طريق تعز؟).. ويرد عليه آخر بالقول "المهندس لابد من حبسه في السجن المركزي"، فيما شكري يعيد العتب على المقاول ومن استلم الطريق!, وكان الإجماع بأنه لا توجد هناك سلطة وإن وجدت فالطريق كفيلة بتحديد مستواها وصنوفها.

جمال لم يكن كما جمال.. خالٍ من كل جمال إلا مما عُرف سلفاً عن الطريق, بالإضافة إلى أكوام وتلال وهضاب وعمارات القمامة في جمال وكل تعز, حيث تجد إحراق بقايا الأشجار في جزر الشوارع بمبرر إحراق القمامة!!.

"المترات" الدراجات النارية هي الأخرى تميزت حمولاتها بين ثلاثة ركاب وأكثر.. إلى جانب أنها تميزت بكثرتها غير المسبوقة في المدينة.. فوضوية السير والازدحام.. انعدام لدور الجهات المعنية بتنظيم كل ما سبق في حياة الناس.

ومن جانب آخر، كزائر تواجهك اللوحات الإعلانية على مداخل المدينة التي تشير إلى أنك على وشك الدخول إلى "تعز.. عاصمة الثقافة" تليها أخرى "أنت في عاصمة الصناعة.. وعاصمة التنمية للقطاع الخاص"!!, إلخ من المسميات التي للأسف الشديد لا تجد لها أي معنى على أرض الواقع.

ومع أن الرحلة كانت شاقة إلا أنها ممتعة للجميع، وسط العناء والمشقة حتى وصلنا إلى مدينة حجة، وقد كان الأخ نواف أكثرنا استمتاعاً، ذلك لأنه لم يصب بالغثيان أو يطرش أثناء السفر "نتيجة الوعورة"!.. حقاً الواقع والتاريخ مع ما يقال اليوم في الدولة والإعلام لا تسر أحداً منا بأي حال من الأحوال..

وحقاً إنها بلدة الإفقار والافتقار والقمامة والتدليس والاحتكار والوساخة بكل جدارة واقتدار... فقط زيارة لك عزيزي القارئ والحكم لك في النهاية على مدينة أحمد بن علوان والحكيمي وهايل والنعمان وعبدالفتاح وأيوب والفضول وكرمان.. ويكفينا هِدار!, ولابد من رد اعتبار الحالمة.