;
أسامة سليمان
أسامة سليمان

دستوراً ميتاً..يستعطف شعبًا حيًّا 1097

2013-12-20 18:47:16


من يستمع لخطاب الرئيس الانقلابي المؤقت ,وهو بين حاشيته ومعه دعاة الانقلاب يدرك مدى حالة الخزي والهوان التي وصلوا إليها، وأنه يستدر عطف الشعب المصري أن يصوّت بنعم على دستور مجهول لا يعرف مواده أحداً، ولا يعطي له حق الاختيار سواء بنعم أو لا.

 وقد سبقه من قبل السيد عمرو موسى رئيس ما يعرف بلجنة "الخمسين" المطعون على شرعيتها وتكوينها بحديث متكرر حول ضرورة تصويت الناخبين بنعم، سالباً هو الآخر حق المصريين في التصويت بنعم أو لا.

 يلي ذلك دعوة كل رعاة مشهد الانقلاب يوم 3 يوليو الشعب بالتصويت بنعم وهو نوع من النفاق والاحتيال, في محاولة لاستعطاف الشعب المصري أن يغفر لهم ما قد عطّلوه أو تم حلّه سابقاً بدون وجه حق، واستمراراً في الاعتداء على إرادته حتى بعد ثورة والتي كانت منهوبة قبل ثورة يناير.

 ويزيد الإعلام كعادته- الطين بلّة- باستباقه الدعاية في اتجاه واحد للتصويت بنعم، وممارسة الكذب على الشعب بعبارات استعطاف خادعة في أن المستقبل والرخاء وحل كل الأزمات في أن تقول نعم، وهذا ما لم يحدث مع كل الدساتير التي أُقرت سابقاً.

 وهو نفسه الإعلام الذي كان يدعو الشعب منذ عام فقط بالدعوة للتصويت بلا في دستور الشعب 2012 ولم ينخدع الشعب وقتها ولم يلتفت أو يتأثر بغلاة الإعلام والعلمانيين فيما يزعمون رغم ممارستهم حرباً شعواء لا هوادة فيها على الجمعية التأسيسية وأعضائها المنتخبين وعمدوا إلى إظهار مغالطات لم تكن في الدستور وفسروا مواده على غير الحقيقة ونشروها في مواجهة مواد الدستور المقترحة، ومع كل ذلك شارك الشعب بكل حرية وإصرار وحشدوا أنفسهم أمام صناديق الانتخابات.

 وكانت نتيجة التصويت بنعم 64% بكل نزاهة وشفافية حيث تم فرز الصناديق في اللجان الفرعية وليست اللجان العامة، وكذلك صوّت كل ناخب أمام لجنته وليس أمام أي لجنة خارج دائرته، وتم كل ذلك تحت بصر الرقابة المحلية والدولية حتى يغلق باب التزوير نهائيّاً.

 فهل هم فاعلون ذلك في أي انتخابات قادمة بعد الانقلاب؟ أم أن الذي انقلب على الحكم وسرقه لن يتورع في التزوير وإلغاء أي ضمانة تحقق نزاهة التصويت؟، وأن من يقتل شعبه بهذه الوحشية في كل الميادين والمساجد والجامعات ويحبس الآلاف من شرفاء الوطن تحت مزاعم ملفقة لن يمنع نفسه من الغش والتزوير ؛حتى يكسب لنفسه شرعية يظن أنها تعفيه من المسئولية أو تبقيه في السلطة رغم أنف الجميع.

 وكما تعودنا من دور مشبوه لرجال المال الموالين للانقلاب في ضخ أموالهم من أجل بث دعاية إعلامية باهظة الثمن نراها الآن في إعلانات الشوارع وفي الفضائيات وغيرها من أجل التصويت بنعم قبل أن يتم الانتهاء من وضع وثيقة الدستور وقبل عرضها على الشعب حتى يقرأها ويقارنها بغيرها وعلام يُستفتى.

 الآن فقط يستعطفون الشعب بكل ما أوتوا من قوة وبوسائل مشروعة وغير مشروعة، بمن فيهم المعارضون والمطالبون بعودة الشرعية وهذا ظاهر من خطاب رئيسهم المؤقت، وهذا مكر المنافقين الجبناء حتى يخدعوا الشعب كما خدعوه مرات ومرات في كل استحقاق قال فيه الشعب كلمته ولم يأت على مرادهم.

 هنا يثور سؤال لكل ناخب: هل يشارك أم يقاطع؟ هل يقول لا أم يقول نعم؟

 ابتداءً لا يمكن لأحد كان من كان أن يفرض على مواطن خياره حتى لو كان يعمل أجيراً عنده فهذا حقه كمواطن وهذه سلطته الوحيدة التي يملكها تجاه أي نظام سياسي ولا يمكن أن يسلبه أحد.

 ثانيًا: يلزم إعادة النظر في كل ما تم من خداع وعنف ممنهج من مؤسسات الدولة والتي شاركت بقوة في الانقلاب قبل أن يأخذ أي ناخب قراره بشأن الاستفتاء.

 ومنه الخداع الممنهج من الإعلام والنخبة العلمانية المؤيدة للانقلاب كالزعم بأن نعم تقود للاستقرار والرخاء والمستقبل! وتناسوا أو تغافلوا أن الانقلاب على إرادة الشعب في دستور 2012 هو الذي قوض الاستقرار ولم يكن الشعب حتى من خرج منه في 30 يونيو بحاجة لدستور جديد، وأتى بالأزمات وغلاء الأسعار وزاد من عجز الموازنة مئات المليارات وكبّل الدولة بديون تطال الأجيال القادمة في مستقبلها واستقلال قرارها.

أو الزعم بأن نعم دعوة للتوافق بين أطياف الشعب الواحد فأين التوافق؟ وقد قتلت سلطة الانقلاب الآلاف واعتقلت وطاردت وأقصت وجرحت عشرات الآلاف؛ حتى قسّمت هذه الوثيقة المشبوهة المواطنين إلى أكثر من شعب أقصت القسم الأكبر منه وهذا ثابت رسميّاً وموثق دوليًّاً من خلال صناديق الانتخابات في كل الاستحقاقات السياسية السابقة.

أما عن العنف الممنهج من مؤسسات الدولة فنراه كل يوم سواء من المؤسسة الأمنية والعسكرية التي تستخدم العنف غير المبرر بقوة الدبابة والمدرعة وتحرض البلطجية وتطلق الرصاص الحي بالمخالفة لكل القوانين والمواثيق الدولية وما أفرزته من قتل واعتقال تمارسه بحق المطالبين بالشرعية ويعاونها مشاركا ومتآمراً أو مضطراً كارهاً المؤسسة الصحية المتمثلة في الطب الشرعي أو المستشفيات أو الإسعاف بتقارير تعفي القتلة من المحاسبة وتهدر حقوق الشهداء والمصابين.

أو من عنف المؤسسة القضائية المتمثلة في النيابة العامة وما تقوم به من توجيه اتهامات عديدة للمعارضين لم نر لكثرتها مثيل وبدون أدلة إلا محضر تحريات من ضابط لا يسمن ولا يغني من جوع وقد كانت قبل ثورة 25 يناير لا تعتد به وكذلك قبل الانقلاب كانت إخلاءات السبيل للمواطنين والمعارضين لا حصر لها.

أو عنف القضاة من خلال الأحكام الجائرة والمسيسة التي فاجأت العالم كله كالحكم على طلاب الأزهر وحكم فتيات الإسكندرية وغيرها من الأحكام وهو من أقسى أنواع العنف إذا أتى مما ينتظر منه تحقيق العدالة.

أو بتسلط الجهاز الإداري للدولة من خلال تشريعات تحث على ممارسة العنف ضد المواطنين كقانون الحبس الاحتياطي الذي يجيز حبس متهماً قد يكون بريئاً وتغييبه خلف القضبان طيلة عمره إن شاءوا، أو قانون منع التظاهر وفرض حالة الطوارئ، أو إعطاء الحق لنفسها في إقصاء أي مواطن من وظيفته بل وملاحقته إذا كان له رأي معارض، ومنع مشاركة أي مواطن في أي وسيلة إعلامية يحمل وجهة نظر مخالفة.

أو بنفاق بعض الأحزاب والقوى السياسية في الخداع والتحريض على ممارسة العنف مع المتظاهرين، والتي تتغير مواقفها سلباً وإيجاباً حسب أهوائها ومصالحها الشخصية ولو على حساب الوطن، وهذا يظهر جلياً في مواقفها من دستور 2012 الذي أيده البعض منهم ودعا الناخبين لقول نعم وعارضه البعض الآخر وحشد الناخبين لقول لا، ليجتمعوا سويّاً متآمرين ومأمورين تحت ضغط عنف قادة الانقلاب في أن يوافقوا على الوثيقة المزعومة رغم مخالفتها لمبادئهم البندولية ومواقفهم المزدوجة، بل ويسابق كل منهم الآخر دعوة الناخبين وحشدهم لقول "نعم" ما يفقدهم ما تبقى لهم من مصداقية وأي وزن شعبي.

ولا يغيب عنا تقلب المؤسسات الدينية كمؤسسة الأزهر الشريف أو الكنيسة المصرية باختلاف اتجاهاتها الثلاثة فقد شاركا بقوة في دستور 2012 وكان لهم جهد كبير لا ينكره أحد في التوافق بين كل الأطراف والاتفاق على مواد متوازنة في إطار إعلاء الصالح العام والحفاظ على هوية المصريين واحترام قيمهم وثقافتهم، بل أزعم أنهما كانا رأس حربة في التوافق ودعوة الناخبين للمشاركة والتصويت بنعم! فماذا حدث بعد ذلك؟

كيف يُستخدما في المشهد الانقلابي على إرادة الشعب يوم 3 يوليو المدبر وهم فيه شركاء، ثم يُستخدما في وضع هذه الوثيقة المشبوهة كالتي نقضت غزلها بعد قوة أنكاثا! والآن يستخدما لحشد الناخبين في المشاركة والتصويت بنعم دون أن يوضحا لجمهورهما الذي يثق فيهما لما هذا التبدل وهذا التغير سوى ما سمعنا من بعض قياداتهم أنهم خُدعوا أو بيعوا بأبخس الأثمان ولا يستطيعوا قول ذلك في العلن.

ما سبق هو تأكيد لوأد في المهد لمولود ولِدَ ميتًا أي فاقدًا للحياة بفقدانه شرعيته كما أنه مجهول النسب إلا من سلطة انقلابية التي هي في الأصل باطلة ومقطوعة النسب مهما طال بقائها لأنها اعتدت على إرادة الشعب في رئيس منتخب ودستور مستفتى عليه ولم يمر سوى 6 أشهر حتى تم الانقلاب عليه وتعطيله.

أما السؤال المعلوم إجابته مسبقًا "لماذا المقاطعة" وأنها الأفضل من المشاركة والتصويت بلا؟

أقول لمن يريد المشاركة بغض النظر عن قول "نعم أو لا" إن التزوير قد بدأ بالفعل مبكرًا سواء قبل وأثناء الاستفتاء أو بعده.

فالتزوير المبكر قبل الاستفتاء قد بدأ باعتقال ومطاردة الرموز التي تستطيع تفنيد وفضح ومعارضة هذه الوثيقة المشبوهة وقد كانوا أعضاءً في الجمعية التأسيسية لدستور الشعب 2012، وكذلك التوجيه الإعلامي المبكر في اتجاه واحد، وكذلك الإغراق المبكر من الدعاية الموجهة بنعم بمبالغ باهظة الشعب أحوج ما يكون إليها، بل يزيد الأمر تزويراً بتوجيه السلطة الانقلابية ممثلةً في رئيسها المؤقت ورئيس لجنة الخمسين الذي يفترض حيادهما وعدم ممارستهما للدعاية بالتصويت بنعم أو أبقاه في حوزة المؤقت لبضعة أيام عقب انتهاء اللجنة منه ولا نعلم لذلك مبرراً.

 

والتزوير يوم الاستفتاء قد أعلن عنه بالفعل من خلال التصويت في أي لجنة ولو خارج دائرته الانتخابية ما يعني إمكانية التلاعب عن طريق الناخب الدوار على أكثر من لجنة دون رقيب.

 

وكذلك قرار اللجنة العليا للانتخابات أن فرز الأصوات سيكون في اللجان العامة وليس في كل لجنة فرعية كما هو معمول به في آخر استفتاء، ما يعيد الشك في التلاعب بالنتائج.

 وكذلك إحجام الجهات الدولية ومنها مؤسسة كارتر التي كانت حاضرة في كل الانتخابات والاستفتاءات السابقة، وكذلك المحلية إلا ما هو معلوم تبعيته للانقلاب.

 أما النتيجة فقد نوقشت وقررت بالفعل ومنها أن تفوق نتيجة الاستفتاء ما أسفر عنه دستور 2012 أي ستتجاوز نسبة التصويت بنعم 64%، وأن يزيد عدد الناخبين عن 17 مليون ناخب.

 

أخيراً.. هل يقبل الشعب المصري أن يشارك في الاستفتاء ويُجبر على قول نعم بالخداع تارة وبالتزوير تارة أخرى؟

 أحسب أن إقرار دستور القتلة لا يشرعن الانقلاب ولا يضيف له شيئاً بقدر ما هو استمرار النضال السلمي في مشوار عودة الشرعية حتى يكون الشعب بحق مصدر السلطات وليس كما يريد الانقلابيون أن يكون الشعب مطّية لمن يريد سلب حريته وفرْض من يحكمه بقوة الدبابات وإخضاع المؤسسات وخداع المواطنين وقتل المعارضين.

 *
محافظ البحيرة المستقيل وعضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد