;
د. شادي صالح باصرة
د. شادي صالح باصرة

ثوار اليمن..شكر الله سعيكم! 1121

2014-01-16 18:54:50


قبل الربيع العربي دائماً ما تمنت ثورة تغير من واقعنا الباهت والراكد والتي كان أخرها قد حدث أثناء طفولتي تلك التي جلبت لنا القذافي، و صالح، و بن علي, كنت دائماً ما ألوم أباءنا على حالنا وكيف اصبحنا مثل الأغنام عند الحاكم يرعاها ويورثها كيفما شاء, حتى اصبحنا لا نستذكر علم أي بلد عربي دون أن نرى صورة زعيمة تتوسطه في مخيلتنا. حتى قامت ثورات الربيع العربي تطالب بالحرية والكرامة واستبشرنا بها كل الخير؛ لأنها كانت عفوية وشعبيه وليست عسكرية كما كانت في السابق لكننا سرعان ما اكتشفنا السبب الذي جعل أباءنا يفضلون ذاك الركود والخنوع والطغيان من حكامهم على القيام بثورة, فهمت تماماً أن السياسة هي السياسة والموارد هي الموارد والخلل ليس في عقل الزعيم الملهم الذي تعامل معنا على أننا أغنام في مزارعه الخاصة إنما في تلك العقلية العربية القمعية العنصرية المليئة بالجهل، والتي مهما بلغ علم ودماثة نخبها لن تتغير, عرفت أن الحاكم في وطننا العربي دكتاتور لكن ليس على قطيع من الأغنام كما كنا نتصور بل على مجموعات من الذئاب المتسترة ببراءة ووهن الأغنام، حتى إذا تمكنت وسيطرت تحولت إلى وحوش كاسرة ما تلبث أن تفتك بحكامها حتى تفترس إخوانها وشركائها في الثورة, و يا ليتنا مثل الوحوش في الغاب لا تابة لأحد عشوائية في تحركاتها مزاجيه في قراراتها، فنحن وإن تلبسنا بثوب الفارس الثائر نستمر بالخنوع والانبطاح بانحناءات مختلفة لتلك القوى الخارجية التي كانت ومازالت تحرك المشهد الداخلي أو على الأقل تستغل مخرجاته.

ما يحدث في بلادنا العربية اصبح فوضى خارجة عن السيطرة باسم الحرية في مجتمعات مليئة بالجهل والفقر وأكثر ما تعوزه هو لقمة العيش والشعور بالأمن, أقولها والألم يعتصر قلبي، إننا اليوم ندمر أوطاننا بأيدينا وباسم الحرية البريئة منا لآنها في الأساس لم تعرف العقل العربي مهما تمدن، وتدين وتحضر وتلون, في اليمن شارك الجميع في إراقة الدماء اليمنية البريئة بداية بالرفاق في المحافظات الجنوبية ومروراً في صيف حرب 94 التي شاركت فيها كل القوى السياسية في الشمال بدون استثناء وبغطاء ديني مع الأسف، وختاماً بأحداث الثورة في 2011م ومسلسل الاغتيالات المستمر إلى يومنا هذا, فالكل ملطخ بالدماء ولو كنا منصفين فالشيء الوحيد الذي يمكن أن يتجادل به كل فرقاء العمل السياسي في الشمال والجنوب هو في فداحة الأخطاء وكمية الدماء التي سفكها كل تيار أو حزب سياسي في اليمن, لا يمكن أن نخرج من هذا النفق المظلم التي تعيشه اليمن إلا بالجلوس على طاولة الحاضر و المستقبل ونسيان كل الجراح التي كانت ومازالت تنزف إلى اليوم, فعلى الرغم من صعوبة تجاوز الماضي لكننا لا نملك بديلاً أخر غير الحرب التي حتى لو تمنيناها كُرها لإنهاء هذا الانقسام في اليمن والشعور بالضياع في انتظار المجهول القادم، لكننا نعلم يقينا أن حرباً كهذه لو بدأت لن ينتصر فيها أحد، فاليمن لم تشهد من قبل مثل هذا التمزق الطائفي الفئوي والمناطقي, وفي نفس الوقت لا يوجد قائد ملهم يلتف الناس حولة فالزمن قد تغيير يا علي لا يوجد حل اليوم غير طي صفحة الماضي وإيقاف كل القوانين التي تدعوا لاجتثاث أو عزل أي حزب أو فصيل سياسي، ولا اعتقد أن يخرجنا من هذا الفراغ السياسي إلا المجازفة بانتخابات يرتضي بنتائجها الكل مهما كانت النتيجة مؤلمه لأي طرف سياسي فهي ما سيقرره الشارع حتى لو ادعينا غباءه وجهله فهذا ما ابتلينا به في اليمن فنحن لا نستطيع استيراد شعب أخر لننهض باليمن.

 لكن قبل هذا كله يجب أن يتم حل القضية الجنوبية بشكل عادل وجريء يُمكن للجنوب من حكم ذاته وتمكينه من جزء كبير من موارده, بالإضافة إلى انتخاب هيئة وطنية لمجابهة أي تعسفات إدارية ووظيفية يمكن أن تمارس من أي حزب حاكم على متقلدي الوظائف الحكومية من أحزاب المعارضة لتكون الكفاءة هي المعيار عند توزيع المنح والوظائف المدنية والعسكرية مع مراعاة نسبة الثروة والسكان والمساحة الجغرافية لكل محافظة, وأخيراً تشكيل لجنان مشابهه لتلك التي أسسها الزعيم نيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا والتي كانت تعرف با "الحقيقة والمصالحة" والتي كان يجلس فيها المعتدي والمعتدى عليه للتصارح والتسامح أمام وسائل الإعلام.

 يكفينا من ثورات الربيع العربي إسقاط أبدية الحاكم والتوريث وأعتقد أن الوقت قد حان لنقول للثوار شكر الله سعيكم وإلى هنا وكفاية! وبدل تضيع أوقاتكم بالتهديد والوعيد وحالة الهيجان الثوري الدائم الذي تعيشوه في البحث عن بطولات جديده، والذي وصل به الحد ليثور الثوار على انفسهم ويخون بعضهم البعض، نتمنى أن تحولوا هذه الطاقة إلى هيئات ومؤسسات للضغط على الأحزاب لتنفيذ برامجها السياسية و الاقتصادية, إننا في بيئة فقيرة مليئة بالحقد والعنف وفي حالة هيجان طائفي وديني، لهذا إذا انفرط العقد لن يستطيع احد أن يعيد الأمور إلى نصابها، ومجرد فتوى صغيرة ولو من خارج الحدود، يمكنها أن تخلف أضرار ودماء أكثر من تلك التي يخلفها صواريخ أسكود الأسدية في سوريا، وستبقى أثار الحقد والكراهية بين الفرقاء لفترة أطول من تلك التشوهات التي تسببها الأسلحة الكيميائية بضحاياها. والنتيجة ستكون أطلال دولة لن يحكمها أحد وبلا شك سنبكي حكم صالح والإمام والاستعمار البريطاني حينها.

* باحث وعضو هيئة التدريس في جامعة صنعاء

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد عبد الملك المقرمي

2024-05-05 23:08:01

معاداة للإنسانية !

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد