;
د. السيد مصطفى أبو الخير
د. السيد مصطفى أبو الخير

الموقف القانوني للأحداث الراهنة في مصر (2/2) 1348

2014-01-23 19:46:06


نتناول في الجزء الثاني من المقال المحاكم الدولية وغير الدولية المختصة بمحاكمة قادة الإنقلاب ومساعديهم جنائياً على جرائمهم ومجازرهم في حق الشعب المصري منذ الإنقلاب العسكري الدموي والسطو المسلح على إرادة الشعب المصري في 30/6 و 3/7/2013م حيث أرتكب قادة الإنقلاب ومساعديهم في حق الشعب المصري العديد من المجازر منها مجزرة الحرس الجمهوري ومجزرة الجندي المجهول ومجزرة رابعة والنهضة ورمسيس وقتل وقنص يومياً لشباب مصر في الجامعات وفى شوارع مصر تشكل هذه المجازر جرائم دولية خطيرة فهي جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وجرائم إبادة جماعية.

يحاول قادة الإنقلاب الهروب من الوقوف أمام المحاكم لمحاكمتهم على هذه الجرائم بزعم أنهم يحاربون الإرهاب وتلك حجة تم دحضها في الجزء الأول من المقال هنا نبين المحاكم المختصة بمحاكمة قادة الإنقلاب ومساعديهم حيث توجد عدة محاكم دولية وغير دولية مختصة بمحاكمة هؤلاء المجرمين وهذه المحاكم هي:

أولاً: المحاكم الوطنية: تختص العديد من المحاكم الوطنية بمحاكمة قادة الإنقلاب على جرائمهم ومجازرهم بداية تختص المحاكم الجنائية المصرية بذلك طبقاً لقانون العقوبات المصري لارتكابهم الجرائم الواردة في الكتاب الثاني الباب الأول من قانون العقوبات المصرى الواردة فى المواد ( من 77 حتى 85) وهى الجنايات والجنح المضرة بأمن الدولة من جهة الخارج وقد تأكد ذلك من أقوال مسئولين أمريكيين وصهاينة وأوروبيين يعترفون فيه أنهم اشتركوا في الإنقلاب على الشرعية في مصر وهذه الأقوال مسجلة بالصوت والصورة ولا مجال لإنكارها والجرائم الواردة في الباب الثاني من الكتاب الثاني في المواد ( من 86 حتى 102) من ذات القانون بشأن الجنايات والجنح المضرة بأمن الدولة من جهة الداخل والجرائم الواردة في الباب الخامس في المواد ( من 120 إلى 125) من ذات القانون بشأن تجاوز الموظفون حدود وظائفهم وينطبق ذلك على كل من وزراء الدفاع والداخلية وكل موظف تآمر وأشترك في الإنقلاب العسكري وارتكبوا أيضاً الجرائم الواردة في الباب السادس وهي الإكراه وسوء المعاملة من الموظفين لأفراد الناس الواردة في المواد (126 إلى 132) وهذه تنطيق على أفراد الشرطة والجيش الذين يقتلون ويقنصون ويجرحون الشباب في الشوارع والجامعات وارتكبوا أيضاً الجرائم الواردة في الباب السابع بشأن مقاومة الحكام وعدم الامتثال لأوامرهم والتعدي عليهم بالسب وغيره في المواد (من 133 إلى 137) من قانون العقوبات المصري وقد أرتكب ذلك كل من وزير الدفاع والداخلية ومن معهم من حيث اختطاف الرئيس الشرعي وحبسه بدون وجه حق فضلاً عن عدم التعامل معه حيث صرح وزير الداخلية بأنه أمر مساعديه بعدم التعامل مع الرئيس الشرعي المنتخب فقد قال وزير الداخلية أيضاً كنت (أعيد جهاز أمن الدولة دون علم الرئيس الشرعي مرسي) وقال نائب رئيس جهاز أمن الدولة(كنا نخفي المعلومات عن الرئيس الشرعي مرسي، وصرح رئيس جهاز المخابرات العامة (كنا نراقب ونتصنت على اتصاﻻت الرئيس الشرعي مرسي).

 - كما تختص محاكم الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949م: فقد طالبت هذه الاتفاقيات الدول الأطراف فيها أن تبذل دور فاعل في ملاحقة ومعاقبة مرتكبي الجرائم الدولية كما، وتعهدت والتزمت الدول الأطراف بملاحقة ومحاكمة مرتكبي الجرائم الدولية، علما بأن كافة دول العالم مصادقة على هذه الاتفاقيات والبروتوكولين الإضافيين لعام 1977م، ورد في نص المواد المشتركة الخاصة بالمخالفات الجسيمة، وكذلك نص المواد المشتركة الخاصة بمسئوليات الأطراف المتعاقدة، والتي لا تجيز التحلل من المسئولية، ويمكننا القول أن محاكمة وملاحقة مرتكبي الجرائم الدولية أصبحت من النظام العام في القانون الدولي أي من القواعد الآمرة فيه والتي لا يجوز مخالفتها ويقع كل اتفاق على مخالفتها باطل بطلاناً مطلقاً, وقد نصت على ذلك في الفصل التاسع في المواد من 49 إلى 52 من اتفاقية جنيف الأولى وأكدت ذلك أيضاً المادة (149) من اتفاقية جنيف الرابعة.

- ومحاكم الدول الأطراف في البروتوكول الأول 1977م: وهي كافة دولة العالم بما فيها كل الدول العربية والإسلامية عليها التزام بأن تبذل دور فاعل في ملاحقة ومحاكمة مرتكبي الجرائم الدولية والعمل على منع كافة الانتهاكات الجسيمة للاتفاقيات الأربعة والبرتوكولين الإضافيين لعام 1977م، وقد بين البروتوكول السالف ذلك، ووضح كافة المخالفات الجسيمة الواردة في اتفاقيات جنيف، وبينت مسئولية القادة الجنائية في القوات المسلحة لأي دولة في ارتكاب الجرائم الدولية والانتهاكات الجسيمة، وبين واجباتهم وقد نص على ذلك في المواد من (86 إلى 90) من هذا البروتوكول, وقد نصت المــادة (91) (يسأل طرف النزاع الذي ينتهك أحكام الاتفاقيات أو هذا اللحق "البروتوكول" عن دفع تعويض إذا اقتضت الحال ذلك, ويكون مسئولاً عن كافة الأعمال التي يقترفها الأشخاص الذين يشكلون جزءاً من قواته المسلحة.)

- محاكم الدول الأطراف في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948م: فقد نصت المادة الثالثة (على الدول الأطراف في الاتفاقية أن تبذل دوراً فاعلاً في منع ومعاقبة مرتكبي جريمة الإبادة الجماعية.) وقد ألزمت المادة الخامسة من الاتفاقية الدول بأثبات ذلك في دساتيرها وقوانينها الوطنية.

- محاكم الدول الأطراف في اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية 1968: وقد ألزمت هذه الاتفاقية الدول الأطراف فيها أن تبذل دوراً فاعلاً في منع أي تقادم مسقط لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية باعتبارهما من أخطر الجرائم في القانون الدولي ، ليبقى مرتكبوها محل ملاحقة ومعاقبة دائمة, ففي المادة الثالثة نصت على( أن تتعهد الدول الأطراف في هذه الاتفاقية باتخاذ جميع التدابير الداخلية، التشريعية أو غير التشريعية اللازمة لكي يصبح في الإمكان القيام، وفقاً للقانون الدول، بتسليم الأشخاص المشار إليهم في المادة الثانية من هذه الاتفاقية) بذلك وترتيباً على هذه الاتفاقية وتلك المادة فإنه مهما طال الأمد فلن تسقط هذه الجرائم بالتقادم ويجب محاكمة مرتكبيها.

ثانياً: المحاكم الجنائية الدولية يعرف القانون الدولي ثلاثة أنواع من المحاكم الجنائية هي المحكمة الجنائية الدولية, والمحاكم الجنائية الخاصة, والمحاكم الجنائية ذات الطابع الدولي فضلاً عن أنه أعطى الدول حق محاكمة الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم في دول أخرى وهو ما يعرف بمبدأ الاختصاص القضائي العالمي وهناك أكثر من خمسين دولة على مستوى العالم أعطت لمحاكمها هذا الاختصاص على رأسها دول الاتحاد الأوروبي، وذلك تطبيقاً لنص المادة (86/1) من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977م وأيضاً اتفاقيات جنيف الأربع فقد ألزمتهم بنص المواد المشتركة بين الاتفاقيات الأربع وهى المادة (49) من اتفاقية جنيف الأولى والمادة (50) من اتفاقية جنيف الثانية والمادة(129) من اتفاقية جنيف الثالثة، والمادة(146) من اتفاقية جنيف الرابعة ويعنى هذا المبدأ ملاحقة المتهمين باقتراف المخالفات الجسيمة أو الآمر باقترافها وتقديمهم إلى محاكمها أياً كانت جنسيتهم أو تسليمهم لطرف آخر معني بمحاكمتهم، وهناك العديد من القضايا رفعت تطبيقاً لذلك في العديد من الدول.

- أولى هذه المحاكم هي المحاكم الجنائية الخاصة التي ينشئها مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة مثل محكمتي يوغسلافيا السابقة عام 1994م وروراندا لعام 1993م حيث يمكن لمجلس الأمن تشكيل محكمة دولية خاصة يكون كل قضاتها من دول أخرى وفى حال تم استخدام الفيتو لمنع تشكيل مثل هذه المحكمة يمكن اللجوء إلى الاتحاد من أجل السلم الذى نص في المادة الأولى منه على أنه حال فشل مجلس الأمن في أتخاذ قرار في مسألتهم السلم والأمن الدوليين بسبب الفيتو تعود اختصاصاته إلى الجمعية العامة وبذلك يمكن تفادي الفيتو في مجلس الأمن وأعتقد أنه من السهولة إصدار قرار بذلك من الجمعية العامة فحتى الآن لم يعترف بالإنقلاب العسكري سوى أربع دول والكيان الصهيوني فضلاً عن أن الاتحاد الأفريقي قد جمد عضوية مصر فيه وتلك يمكنها أن تسهل عمليه إصدار قرار ملزم من الاتحاد من أجل السلم في الجمعية العامة بتشكيل محكمة جنائية دولية خاصة لمحاكمة قادة الإنقلاب ومساعديهم على الجرائم السابق ذكرها في حق الشعب المصري خاصة وأن النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية قد نص في الديباجة على أن هذه الجرائم تشكل خطورة على المجتمع الدولي بأسره .

- ويمكن تشكيل أيضاً محكمة جنائية دولية ذات طابع مثل محكمة قتلة الحريري بلبنان يشترك في تكوينها قضاة من مصر وقضاة من خارج مصر لمحاكمة قادة الإنقلاب ومساعديهم على الجرائم السابق ذكرها.

- والمحكمة الجنائية الدولية: يمكن لأياً من الدول المصادقة على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية أن تحرك الدعوى الجنائية ضد قادة الإنقلاب العسكري لمحاكتهم على جرائمهم السابق ذكرها طبقاً للمادة (14) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وقد تم هذا الأمر بالفعل ضد قادة الإنقلاب ومساعديهم، ويمكن للمدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية أن يحرك الدعوي من تلقاء نفسه طبقاً للمادة (15/1) من ذات النظام الأساسي التي نصت على(1 – للمدعي العام أن يباشر من تلقاء نفسه على أساس المعلومات المتعلقة بجرائم تدخل في اختصاص المحكمة.).

ترتيباً على ما سبق فإن هناك العديد من المحاكم الدولية والوطنية التي يمكن من خلالها محاكمة قادة الإنقلاب العسكري في مصر مهما طالت المدة حيث أن الجرائم المرتكبة والسابق ذكرها لا تسقط بمضي المدة بل تظل قائمة ولا يفلت من العقاب عليها أي متهم بها مهما كانت وظيفته حتى رؤساء الدول لا يمكنهم الإفلات من المحاكمة على هذه الجرائم طبقاً للمادتين (27 و 28) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لذلك يجب عدم اليأس والقنوط من طول مدة بقادة قادة الإنقلاب خارج دائرة الاتهام والتحقيق والمحاكمة والعقاب على جرائمهم في حق الشعب المصري لأن نصر الله قريب وآت وتلك سنة الله في كونه ولن تجد لسنة الله تبديلاً ولا تحويلاً وإن غداً لناظره لقريب, وأنَّا لمنتظرون.

 علما بأن انتظار الفرج من الله عبادة نأمل أن يتقبلها الله سبحانه وتعالى من الشعب المصري العظيم.  

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد