;
محمود الحمزي
محمود الحمزي

في الذكرى الثالثة لمذبحة جمعة الكرامة 1290

2014-03-18 10:05:58


جمعة الكرامة وما أدراك ما جمعة الكرامة... يوم مشهود في تاريخ اليمن الحديث، يوم لم ولن ينسى من ذاكرة شباب الثورة والأجيال القادمة، لبشاعة الجريمة، وفظاعة نفوس متوحشة حملت بين جنباتها الشر والشرور للوطن، ومارست الإرهاب أمام أعين العالم وعلى رؤوس شباب عزل لم يفرغوا للتو من انتهاء صلاة الجمعة آنذاك..

الحديث عن جمعة الكرامة، ليس من أجل إحياء الذكرى فقط بل لتسليط الضوء على الجريمة والقتلة وبشاعة ما حدث، والأهم أن يكون الحديث عن مجزرة الكرامة للتذكير المستمر بنبل المشروع، والذي ضحى من أجله شباب الثورة بأرواحهم ولتحقيق حلمهم المغروس في الـ11 من فبراير 2011م والذي تجلى تضحياتهم لأجله في مجزرة مذبحة الكرامة في الـ18 من مارس 2011م ، وظهر أنبل ما في اليمن بصورة بطولية، أرهبت أسوأ ما في اليمن آنذاك وهو صالح وبطانته والذين أدركوا بأن ما جرى ويجري آنذاك أثر على آمالهم بالتشبث بالحكم والبقاء فيه...

أنبل ما في الوطن قدموا أرواحهم فداء للكرامة التي رفعت شعار جمعة ذلك اليوم ولم يبالوا بالقنص والقتل المباشر بمواقف ربما كنا نقرأ عنها في بطون الكتب أو حكايات من الرعيل الأول لصور الثبات والفداء والرجولة، صدور عارية استقبلت رصاصات الغدر والخيانة والهمجية، وارتقت بعد ذلك أرواحهم في جنة الخلد وبقى ذكرهم خالد للأجيال ومعلَماً من معالم الحرية والتضحية للوطن...

اليوم ونحن في الذكرى الثالثة لمذبحة الكرامة، لا زالت ذاكرتنا الجُمعية حية تستطيع تذكر تفاصيل المذبحة وتستذكر حلم ربيعنا آنذاك، يوم أن حلمنا وكان حلمنا دولة بحد ذاته، كان حلمنا يتسع باتساع السماء، ولم يراودنا أي يأس من تحقيق ما نصبوا إليه، حلمنا بالحرية التي يستظل تحت جنباتها كل أبناء الوطن، وكان كل شباب الوطن وشباته في الساحات وغير الساحات، يرون حلم الدولة المنشودة بدأت ايقاعاته واضحة وعوده طري، لذا تسابق الشهداء لهدم الجدار، والذي وضعه القتلة كي يختفوا من ورائه، وكان معلمهم الأكبر يريد أن يرهب من خرج للساحات أو يفكر للخروج معهم بنهاية قاسية، وما أدرك بعاقبة مكره ومألات تفكيره اللا وطني، وصدق الله القائل:" ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين"،

 فانتصر شباب الثورة وشهدت الذاكرة الشعبية آنذاك قمة السقوط والانحدار الأخلاقي للنظام وكانت الجريمة المشهودة تتصدر شاشات التلفزة وكل وسائل الإعلام المحلية والإقليمية والعالمية، وكانت أيضاً حديث كل أبناء الوطن نساء ورجالاً صغار وكبار وخلال نصف ساعة حصدت آلة القتل أرواح أنبل شباب اليمن واستمرت بعد ذلك الجريمة ساعات قليلة وكان الشعب قد بدأ عقب الساعة الواحدة بعد ظهر ذلك اليوم، بدأ بمحاكمة عاجلة وعلنية لصالح ونظامه، بمشهد لم يتكرر من قبل أو من بعد، وأختتم الشعب بأكمله بل العالم آنذاك بمتابعة اعترافات صريحة وعلنية للجريمة بالمؤتمر الصحفي والذي بدأ صالح ووزير داخليته وكأنهما خلف القضبان وليسا بمؤتمر صحفي، كان المؤتمر الصحفي اعتراف كامل وموثق وسيد الأدلة بمن يقف خلف الجريمة وبتورطهم المباشر، وبدأ صالح يكيل التهم لجيران الساحة بصورة تتناقض مع توجيهاته المعلنة آنذاك بتشكيل لجنة تحقيق، فيما هو قد أصدر الحكم مسبقاً وأمام الملأ، فلذلك سارع الشعب للتخلي عن صالح وأنضم للثورة وطهرها النبيل، وتخلى عن صالح حتى المفسدين الذين ثار الشعب ضدهم لهول الجريمة، فكان مؤتمره الصحفي جريمة أخرى بجانب الجريمة التي ارتكبت بحق شباب عزل توزعوا بين كافة محافظات الجمهورية، بصورة تؤكد شعبية الثورة الشبابية وانتماءها للوطن برمته لا لحزب أو قبيلة أو طائفة، كما كان يروج البعض..

ما جعلني استذكر بعض من مشاهد الجريمة رغم أنها حاضرة في الأذهان هو لتذكير الرأي العام ليس إلا، ولكن الأهم والمهم هو أن نجعل من الذكرى الثالثة محطة ومشروع تقيم لمسيرة ثورتنا، وما ضحى لأجله الشهداء، بعيداً عن المكايدات الحزبية والمذهبية وكل الجيوب النتنه واللا وطنية، ولكي نصحح المسار الذي انتهجه شهداء الثورة وقدموا دماءهم بين محراب الحرية وقبلة الوطن الشريف، اليوم لا بد أن يتداعى شباب الثورة إلى كلمة سواء ويلملموا شتاتهم وتنصب الجهود في بوتقة واحدة كي نأمن على مشروع الثورة، المشروع النبيل الذي كان بين جنبات أرواح الشهداء: جمال الشرعبي والشهيد نشوان الفقيه والشهيد مازن البذيجي والدحان والحزمي والجحافي واليافعي والماعطي والحكيمي ورفاقهم الذين سقطوا في يوم الكرامة والمدينة الرياضية وكنتاكي والقاع ومحرقة ساحة الحرية وغيرها من المحطات الثورية والتي سقط فيها شباب الثورة قربان للتغيير المنشود ..

للأسف الشديد القتلة والمجرمون اليوم طلقاء ولم نرَ محاكمات عادلة لهم، ويا ليتهم كفوا آذاهم عن وطننا الحبيب، بل يعبثون بالوطن ومقدراته، وشباب الثورة خلف القضبان، بصورة تستدعي أن يكون للثورة موقف آخر وجديد، كي لا يذهب الوطن أكثر مما هو حاصل، والأغرب أن الثورة المضادة تتحرك يومياً بصورة ملفتة وتحقق بعض من أهدافها نتيجة الفتور الثوري، وغياب استشعار أمانة المسؤولية لدى بعض مسؤولي الدولة، تجاه اللحظة التاريخية الفارقة لليمن الجديد، صحيح لن يكتب للثورة المضادة النجاح، وستنتصر ثورة الشباب، شاء من شاء وأبى من أبى، لكن فاتورة تأخير تحقيق أهداف الثورة الشبابية، مكلفة وتستدعى انبعاث المارد الشبابي من جديد، كي يستنهض بالضمير الوطني لتحقيق حلم الربيع الذي اخترق البارود والرصاص يوماً ما...

اليوم وبكل صراحة لم تطمئن أنفسنا بما تحقق، وما كانت ثورتنا عداء شخصي، لإسقاط صالح، بل أكبر وأسمى، فصالح كان رمزاً للفساد والظلم والاستبداد والعبث بالوطن، ولكن نظامه لا زال حيّ يرزق، بل يعبث بالوطن ومقدراته، صحيح أننا خلال الفترة الماضية كنا نعذر الحكومة والرئيس بالإعداد والتحضير لمؤتمر الحوار، وأيضاً عذرناهم أكثر خلال مسيرة الحوار الوطني، لكننا اليوم وبكل أمانة نقول:

 "مسيرتكم لابد وأن تتغير عن ما قبل انتهاء مؤتمر الحوار، فمشاغلكم الحالية واليومية، ينبغي ألا تصرفكم عن تحقيق أهداف الثورة والانتقال للدولة المنشودة, ولابد من قطع يد كل من تسوّل له نفسه العبث بالوطن وآمنه ووحدته، ولا بد من الضرب بيد من حديد لكل من تسّول له النيل من الوطن وأبناءه ونظامه الجمهوري أيضاً".

حكومة الوفاق ينبغي أن تكون عند قدر المسئولية، وأن تكف أفواهنا للحديث عن موضوع ينبغي أن تكون قد حسمته من وقت مبكر، كالحديث عن رعاية أسر الشهداء والجرحى، فهذا أمر مخجل ومعيب أننا لازلنا نطالب برعاية أسر الشهداء والجرحى واطلاق المعتقلين في الذكرى الثالثة للثورة ولمذبحة الكرامة، فيا ليت شعري ما الذي يمكن أن يقوله الرئيس أو رئيس الحكومة أو شاب من شباب الثورة وقادة الأحزاب .. يا ليت شعري ماذا سيقولون لو بعث فينا أحد الشهداء، وقال لنا ما الذي فعلتم باليمن الذي ضحينا بأرواحنا من أجله وأين مسيرة ثورتنا؟.

 أظن بأننا سنكون بموقف الخزي والعار، وهو الموقف الذي نرزح تحت وطأته حالياً، فمشاريع الموت والدمار حالياً من تتسيد الموقف، واللا دولة هي من تقود اللحظة، صحيح أن ما بعد الثورات فترات انتقالية يتخللها الدخن والغبش والانفلات الأمني والاختلال في منظومة الدولة، لكن إلى هنا ويكفي ولا بد من تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار وانجاز مشروع الدستور بصور عاجلة لنعود للحياة الديمقراطية وقبل ذلك لا بد على الحكومة أن تتلمس قضايا الناس وهموم المواطنين اليومية فلا مجال للحديث عن الديمقراطية طالما ولم يتحسن وضع المواطن ولم يتغير..

 وختاماً لا بد من التذكير مراراً وتكراراً بمثل هذه المناسبة ببشاعة الجريمة وتوثيقها في الذاكرة الجمعية للأجيال القادمة ولا بد من تشكيل لجنة التحقيق بجرائم وانتهاكات 2011م واطلاق المعتقلين ورعاية أسر الشهداء والجرحى وتلك من مخرجات الحوار الوطني والتي لا بد من تنفيذها كي يكون شهداؤنا مطمئنون على مشروعهم ونطمئن أيضاً وأجيالنا القادمة للدولة المنشودة بدلاً من العبث القائم والحلم الذي يراد له أن لا يكون.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد