;
بشير عثمان
بشير عثمان

سيد تحريم الغناء 1214

2014-04-05 17:31:07

بداية وقبل كل شي أود أن أعبر عن مشاعري، اشعر بالقرف، والرغبة بالإستحمام، وكأننا نتوسخ عندما نبدأ الكتابة عن اشكال طائفية في اليمن، لكن للأسف لا خيار آخر سوى الحديث عن ما هو كائن، طبيعة موضوعي هذا تجبرنا على وضع النقاط على الحروف، والفرز بين جماعات الإسلام السياسي في اليمن، وبشقيها السني، والشيعي، وهو أمر لم أختاره بل فرضه واقع بائس لم نكن نتخيل قبل أعوام أن نتقاطع معه بهذا الشكل . لا يوجد من توصيف آخر للواقع اليمني، سوى أن الإسلام السياسي هو واقع الحال الصارخ، مع التأكيد على أن غالبية يمنية ساحقة لا تميل إلى الجماعات تلك، حتى وإن تضمنت الآراء الشعبية والنخبوية إصطفاف هنا أو هناك، فهو بتقديري إصطفاف مؤقت، ولا يعدو كونه تكتيكي، وخاصة في أوساط القوى اليسارية الوطنية، والحداثية الليبرالية؛ وحتى الغالبية الصامتة، أيضا نجدها مصطفة إلى حد كبير، هنا أو هناك، لكن إصطفافها أيضا مجارة لواقع الحال، وليس قناعات حتمية وتشكل واقع جاد . لا يلتزم الإسلام السياسي بشكل عام، بالنهج الوطني، ولا يقيم له إعتبار، بل أن الخط الرجعي للإسلام السياسي هو النقيض الموضوعي والتاريخي للمشروع الوطني اليمني، فالمشروع الوطني هو لمصلحة كافة اليمنيين، ويعلي من قيم الحداثة والتقدم والمواطنة،بمعنى هو فوق الأشكال الطائفية والمناطقية والهويات والمشاريع الصغيرة، أي أنه الجانب الوطني المتعالي على الأشكال الرجعية القبيحة في تاريخنا وواقعنا الإجتماعي . بعد وقت قصير من الوحدة، رأت سلطة صنعاء، أن الحل هو التخلص من الشريك الجنوبي، ودون إغفال الكثير من الأحداث، لم تستقر الدولة اليمنية بعد إقصاء الشريك الجنوبي، لم يستقر المجتمع اليمني بمعنى أدق، وأنقسم بشكل حاد، إبداع النظام السابق تجلى في إحتواء الإنقسام، وتبيثت الأمور فحسب على حالها، وكان عاجزا على أن يحل مشكلة الإنقسام اليمني- اليمني، الإنقسام الواسع، بين شمال وجنوب تحديدا، وبمعنى آخر بين قوتين: " وطنية تحملت عبء؛ ودفعت ثمن حملها المشروع الوطني، وأخرى، تطلعت إلى المزواجة بين الوطني والرجعي وبطريقتها الخاصة تلك افسدت الأمور، وتحت النار وبعد سقوط مركز النظام، ظهر حجم الشرخ والإنفصال بين اليمنيين. إبداع اليمنيين السابقين تجلى بإبداع فكرة المشروع الوطني، وبمجرد أن تم التعامل معه وفق فلسفة نظام صنعاء، افسدت الأمور تماما، ولم يعد هناك ضمانة ؛ ومشروع يدمج اليمنيين بعضهم ببعض، الإختراقات السابقة التي كان النظام قد قام بها، والسيطرة من خلالها، وخاصة بعد حرب 94 ، بمجرد سقوط النظام، ظهرت أنها إختراقات وأدوات إستبداد ووهم، وسرعان ما تزول ينكشف المجتمع على كل الإحتمالات، وهذا ما حدث . طائفية في الشمال، وجماعات رايدكالية في الجنوب، القاسم المشترك بينهما أنهما اصوليتان متطرفة، وإن ظهرتا بشكلين مختلفين، إلا أن المحتوى والمضمون واحد . الحوثيون جماعة رايدكالية، ذات مزاج أقرب للتشيع، من خلف هذا المظهر الطائفي، تظهر فكرة السيد، بكل مدلولها الثيوقراطي، ومحمولها التاريخي في اليمن، جماعة الحوثيين، هي واحد من أكثر الجماعات الشيعية تطرفا ورايدكالية، على المستوى الشيعي في المنطقة كلها . على الضفة المقابلة: القاعدة: لا تكلف نفسها العمل على إحلال السلام مع المسلمين أنفسهم، سواء كانوا شيعة أو سنة، وبالتالي أول ما يخطر ببال القاعة، هو الحرب مع جماعة الحوثيين. موقف لا تحسد عليه اليمن، التطرف والعنف القاعدي المفرط، يقابله رايدكالية وتطرف الحوثيين، أحد عناصر المقاتلين الحوثيين بالمناسبة : العنف . المتطرفون من كل شكل ولون، يجتمعون في اليمن، ويمتلكون فرصة وشروط صراع، لا يمكن أن تتوافر لهما في أي مكان في العالم، دولة ضعيفة، تاريخ مثقل بالتخلف، إنقسامات ثقافية وإجتماعية وسياسية عميقة، فقر وبطالة منقطعة النظير، كل شيء جاهز، ربما لهذا نشهد هذا الإصطفاف في اليمن، اقصد الإصطفاف الشعبي خلف سلفية- حوثية . بالمناسبة أيضا، تقتسم الجماعة الحوثية، مع الجماعات السلفية أفكار أصولية كثيرة، حرمت جماعة طالبان الغناء، والمحاكم الإسلامية في الصومال حرمت كذلك الغناء، وزادت على الغناء تحريم مشاهدة كرة القدم.. الحوثيون في صعدة أيضا تنظيم يحرم الغناء ويمنعه أيضا بالقوة . قبل أعوام أثناء زيارة إلى صعدة، وبالصدفة على خلفية غداء قبلي، جلس معنا مرافقينا من الشباب الحوثيين، أتذكر أمل الباشا، ونبيل سبيع حاضران، وحديث طويل عن الحياة في صعدة، ونحن نتحدث بشكل عشوائي تذكرنا مبارة برشلونة في اليوم الماضي، لم نشاهدها، فقد كنا هناك، أصدقاءنا الذي كانوا معنا من الحوثيين لم يجارونا في الحديث في تلك اللحظة بالذات، إلتقت وقلت لهم مستغربا من تشجعوا برشلونة أم الريال؟ - وما هوه هذا البرشلونا - أها .. لا تعرف برشلونة، فريق كرة القدم. طيب وميسي . - من ميسي؟ - غريبة! لا تعرفون ميسي وبرشلونة، كيف تقضون وقت فراغكم إذا، ماذا تعملون، هل تلعبون البطة مثلا، الدمنة، ايش من هويات تمارسوا؟ - والله يا أخي من يوم كنت مراهق وأنا متحمل البندق أقاتل علي عبد الله صالح، وما عرفت شبابي إلا مقاتل، ضاحكا، صالح حرمنا من المراهقة . الجميع صامتاً، حتى كسر مرافقنا " صادق"، ذلك الشاب الجميل والأكثر من رائع، الصمت، وهو يرمي بندقه ويقول هل تعتقدون أننا نريد الحرب، نحن نريد حياة طبيعية مثلكم . لا يوجد حياة طبيعية في صعدة، على الإطلاق، لا يمكن القبول بأن تقوم جماعة بتحريم واحدة من مظاهر الحياة الأكثر إنتشارا على سطح الكرة الأرضية وهو الغناء، لا يمكن التغافل عن عدم وجود فرصة أمام جيل كامل غير حمل الكلاشينكوف، والقتال المستمر . يبدو أننا نخون جيل كامل، نصنعه عنيفا، ومقاتلا بأنفسنا، لكن ماذا عن تحريم الغناء وكثير من الإهتمامات البشرية العادية التي تحرمها الجماعة بنفسها، أليس هذا صناعة لجماعة رايدكالية حقيقة، لماذا يمنع سيد صعدة الغناء هناك، ولماذا يشارك في الحرب ضد أجيال صعدة نفسها التي يقول أنه يحميها؟ . كتب " سامي غالب " قبل ايام على صفحته في الفيس بوك: " اليمن ليست "عمران"، واليمنيون ليسوا - ولا ينبغي لهم أن يكونوا_ موضوعا للاستقطاب بين فسطاطين؛ أنصار الله وأنصار الشيطان الأكبر. آخر ما يتمناه اليمنيون هو نسخة "زيدية" من تنظيم القاعدة ". في الحقيقة تحريم شخص، أو جماعة الغناء، على منطقة تتكون من مئات الآلاف من الناس ومن ثم فعلا ينفذ القرار، أولا، نستنتج مدى القوة الأمنية للجماعة وهيمنتها، أي جماعة. وثانيا، فاشية الجماعة، فلا يعقل أن يقوم شخص أو جماعة بتحريم الغناء، هذه ملامح حقيقة لأصولية متطرفة لم نشهدها سوى في الطالبان والمحاكم الإسلامية في الصومال، وكانت الجماعتان أكثر شكلين يوجه العالم عيونه نحوهما . في صعدة تختلف الثياب، وتختلف الأحذية، تختلف الطائفة، تختلف الظروف، وقد تختلف أمور أخرى، لكن الذهنية والسلوك ذاته، على سبيل المثال، يشبه سماع شخص لأغنية في صعدة، أخذ جرعة هيروين في نيويورك . جماعة الحوثيين ليست إستثناء، على جماعات الإسلام السياسي، فهي تساهم في صنع التطرف والأصولية الدينية والطائفية، ومثل غيرها من الجماعات، تنتهك القانون والحريات من أكثر من جهة، تمنع وتقصر الحياة العامة والخاصة، وفق رؤيتها، لا وفق الخيارات الخاصة للناس، وفوق هذا تجند الجماعة أطفال في معاركها، وتشن حروب بهم... وتصدمني أكثر من كل هذا، تفاهة التبريرات التي تروج لها، عن كل ما سبق .

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

محمد الجماعي

2024-05-06 23:20:44

"فسيلة" الزنداني؟

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد