;
محمد سيف الدولة
محمد سيف الدولة

إخلاء سيناء مطلب صهيوني 789

2014-11-08 13:28:21


هذه الدعوة لإخلاء شمال سيناء من السكان، التي انطلقت في كل أجهزة الاعلام في نفسٍ واحد، بعد دقائق معدودة من الجريمة الارهابية البشعة "المتكررة" هناك، والتي أدت إلى استشهاد 30 من جنودنا، هي دعوة خطيرة ومرفوضة.

1) فهي أساساً مشروعٌ صهيونيٌ قديم، طلبته إسرائيل وأمريكا من الإدارات المصرية المتعاقبة منذ عدة سنوات، وأجمعت جميعها على رفضه.

وخلاصة المشروع هو أن يتم إنشاء منطقة عازلة أو حزام أمنى بعرض من" 5 " إلى "10 "كيلومترات بموازاة الحدود الدولية بين مصر واسرائيل، وعلى الأخص بين مصر وقطاع غزة.

على أن يُحظَر على المدنيين التواجد فيها، وتقتصر على القوات المصرية, بالإضافة إلى قوات MFO؛ وهى القوات الأجنبية الموجودة في سيناء لمراقبتنا والتي تخضع للإدارة الامريكية وليس للأمم المتحدة، وآخر مدير لها كان هو السفير ديفيد ساترفيلد الذى تولَّى منصب القائم بأعمال السفارة الأمريكية بعد آن باترسون.

ولقد أشارت بعض الدراسات المصرية والإسرائيلية القديمة لهذا الشريط العازل باسم "الطريق الأمريكي"، نسبة إلى ما أشيع من تولى سلاح المهندسين بالجيش الأمريكي لأعمال الدراسة والتصميم والاعداد للمشروع.

***

2) إن إسرائيل التي تعتبر سيناء منذ عقود طويلة منطقة عازلة بينها وبين مصر وليست جزءًا من مصر، لم تكتفِ في اتفاقيات كامب ديفيد بإكراه النظام المصري وإجباره على تجريد ثلثي سيناء من السلاح والقوات، بل تُطالب اليوم بإخلاء الحدود من السكان، بذريعة حماية أمنها.

***

3) ورغم أن البيانات الرسمية تحدثت فقط عن إخلاء الشريط الحدودي الموازي لقطاع غزة، الا أن الحملة الإعلامية لإخلاء كل شمال سيناء التي بدأت بعد دقائق معدودة وبلسان واحد من كافة القنوات الفضائية بمشاركة كل هذا العدد من الخبراء العسكريين والاستراتيجيين، يؤكد على انها حملة موجهة من السلطة، لتمهيد الرأي العام لهذه الاجراءات الخطيرة، التي ستبدأ بالشريط الحدودي ثم قد تتسع حسب الأحوال والظروف.

***

4) إن تعداد محافظة شمال سيناء لا يتعدى 400 ألف نسمة، بينما كان في مقدور مشروعات التنمية "المحظورة" زيادة هذا العدد الى ثلاثة مليون نسمة. وهو العدد الذى حدده مناحم بيجين عام 1979، حين سألوه عن سبب خروجه من سيناء، أجاب ((سنضطر إلى الانسحاب من سيناء لعدم توافر طاقة بشرية قادرة على الاحتفاظ بهذه المساحة المترامية الأطراف . سيناء تحتاج إلى ثلاثة ملايين يهودي على الأقل لاستيطانها والدفاع عنها. وعندما يهاجر مثل هذا العدد من الاتحاد السوفيتي أو الأمريكتين إلى إسرائيل سنعود إليها وستجدونها في حوزتنا))

هذه هي العقلية الصهيونية، التي ترى في سيناء منطقة خالية عازلة ومعزولة، تحتاج لمن يستوطنها، فنأتي نحن اليوم وبدلا من تعميرها ندعو إلى إخلائها من السكان.

إن موازين القوى العسكرية تستطيع أن تهزم الجيوش، ولكنها لا تملك الاستيلاء على الأراضي واستيطانها لو كانت عامرة بالسكان، انظروا كيف انسحبت اسرائيل من جنوب لبنان ومن غزة، وتذكروا كيف تصدى أهالي السويس لإسرائيل في 1973 وقبلهم أهالي بورسعيد للعدوان الثلاثي في 1956.

إن الشعب والسكان والأهالي، سواءً كانوا حضرا أو بدوا هم خط الدفاع الحاسم والأخير عن الأوطان حين تنهزم الجيوش أو تتقهقر أو تختل موازين القوى الاقليمية والدولية.

***

5) إن القوى الوطنية المصرية طالما طالبت النظام منذ عقود طويلة بضرورة تحرير سيناء من قيود كامب ديفيد، وحذَّرت من أن بقاء هذا الوضع سيعرِّضها لكافة أنواع الأخطار والشرور والأشرار، بدءا بالاختراق الصهيوني والإرهاب والتهريب وتجارة العبيد والأعضاء البشرية...إلخ ، وكررت مطالبها بعد قتل اسرائيل للجنود المصريين في أغسطس 2011 وفى اعتداءات 2012 و2013 ، ولكن لا حياة لمن تنادى!.

وحتى حين دفعت مصر بقوات إضافية إلى سيناء في الشهور الأخيرة، فإنها تفعل ذلك بعد استئذان اسرائيل وموافقتها على عدد القوات وعتادها وتسليحها ومهماتها ومدة تواجها وموعد انسحابها.

إن لعنة سيناء هي "كامب ديفيد" وقيودها، وما دامت قد بقيت مكبلة مقيدة وناقصة السيادة فستظل محرومة من الأمن والاستقرار والتنمية، فأي تنمية أو تعمير هذا الذى يمكن أن يتم بدون حماية كاملة من الدولة وقواتها المسلحة على غرار ما يتم في باقي محافظات مصر؟!!.

***

6) كما أن الدعوة إلى هذا الإخلاء الجزئي أو الكلى لشمال سيناء، فيما ظهر بأنه تلبية واستجابة للمطلب الإسرائيلي الذي لطالما رفضناه، أثارت الشك لدى الكثيرين، من أن تكون الجريمة الارهابية الأخيرة وكل ما سبقها تم بتخطيط ودعم أو باختراق إسرائيلي، وفقاً لقاعدة ابحث عن المستفيد.

***

7) كما أن انطلاق هذه الدعوة من فرضية أن مصدر الخطر هم الفلسطينيين في غزة التي لا تتعدى حدودنا المشتركة معها 14 كيلومتر، في حين أن حدودنا المشتركة مع اسرائيل هي أكثر من 200 كيلومتر، وهى صاحبة التاريخ الطويل من العدوان والاختراق والتجسس والتآمر. هذا بالإضافة الى أن الفلسطينيين يخضعون لقيود صارمة لدخول مصر من معبر رفح المغلق معظم الوقت أو الأنفاق التي تم هدم غالبيتها مؤخرا، أما الاسرائيليين الذين يدخلون سيناء بالمئات يومياً من معبر طابا، بدون تأشيرة، وفقاً لاتفاقية طابا الموقعة بين مصر واسرائيل عام 1989. فمن الأولى بالشك والتصدي، أخوتنا الفلسطينيين أم اعداءنا من الصهاينة الإسرائيليين؟

***

8) وهم يدافعون عن دعوتهم بالإخلاء، بأن له سابقة في 1967 حين تم تهجير أهالي مدن القناة. وهو تشبيه باطل ومخل، فالتهجير حينها تم لحماية المدنيين من اعتداءات الطائرات الاسرائيلية في غياب كامل لسلاح الدفاع الجوى المصري، أما إخلاء سيناء من سُكانها فيتم بافتراض أنهم أنفسهم مصدر الخطر.

والتعامل مع أهالينا في سيناء على أنهم مصدر خطر على الامن القومي، وأنهم حاضنة طبيعية للإرهاب، هو إدانة للدولة والنظام المصري أكثر منه إدانة للأهالي، لأنه يحمِّل النظام مسؤولية إيصالهم إلى هذه الدرجة من العداء للدولة المصرية، بانتهاجها سياسات التهميش والتفقير والاضطهاد الأمني.

ولكنهم والحمد لله ليسوا كذلك، فهم لا يقلوا وطنية على أى محافظة أخرى، بل إن دورهم في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي 1967 ــ 1973 مشهودٌ له من الجميع.

***

9) إن تجنُّب وتجاهل الحل الوحيد القادر على انقاذ سيناء، المتمثل في تحرير مصر من قيود كامب ديفيد، واللجوء بدلا من ذلك الى الحل الإسرائيلي بتهجير وإخلاء السكان من شمال سيناء جزئياً أو كليا، يكشف عن الفرق المهين والمؤلم بين النظام الذى يخشى إسرائيل ويعمل لها ألف حساب، وبين النظام ذاته الذي يستخف بشعبه فيفعل به ما يشاء بما في ذلك تهجيره قسرياً.

***

10) ولو أصرَّت الدولة على اللجوء الى هذا الحل، فستنقل مواجهتها مع بضعة مئات من الارهابيين الى مواجهة مع مئات الآلاف من الأهالي والتي قد تتحول الى عداء تاريخي تتوارثه الأجيال يمثل ابلغ الخطر على قضايا الولاء والانتماء والهوية والأمن القومي في سيناء.

***

11) وأخيراً وليس آخراً، فإن لدى الذاكرة الوطنية المصرية جُرحاً غائراً، من كوارث انفراد الدولة بإدارة ملف الامن القومي في سيناء والصراع ضد إسرائيل، بدءا بهزيمة 1967، وانتهاءً بفاجعة كامب ديفيد التي سرقت النصر العسكري وانتهت بالاعتراف بإسرائيل وتجريد ثلثي سيناء من السلاح، والعجز عن التحرر من قيودها على امتداد 35 سنة، والتي هي السبب الحقيقي وراء سقوط كل هؤلاء الشهداء هناك، بالإضافة الى انحيازها لإسرائيل في حصارها واعتداءاتها المستمرة على الفلسطينيين، وبالتالي فان أحداً لن يستطيع أن يعطي بعد اليوم تفويضاً على بياض لأي نظام في ملف سيناء أو في غيره.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد