;
سليمان عياش
سليمان عياش

لصوص بلا مرتبة الشرف! 1131

2014-12-13 15:22:51


اقتحم لصٌ ألماني بيتاً من أجل سرقته، ليجد بداخله جلّيسة أطفال أرغمها على السكوت مستخدماً سلاحه الشخصي، لكنه انسحب من البيت فور رؤيته طفلين في البيت يعرضان عليه مصروفهما حتى لا يؤذيهما، الأمر الذي جعله خجولا من نفسه لينسحب من البيت دون ارتكاب السرقة.

لعل لصوص اليوم وخاصة في بلدنا اليمن لم يقرؤوا أو يتمعنوا في مثل هذه القصة وأمثالها الكثير، فالحقيقة التي لا يدركها اللصوص أن اللصوصية مهما كان حجمها ونوعها فإن لها أخلاقاً ومحددات وفروض عند وقوع اللص في إحداها تخلى عن لصوصيته وتنازل عن مآربه مهما كان حجمها .

اليمن مليء باللصوص بكافة أشكالهم، لصوص بدرجات مختلفة، وبرتب متعددة، وفي مواقع محددة، كلصوص المؤسسات الحكومية والخاصة، لصوص المال العام والذين لهم القدرة على التخفي خلف قناع العمل من أجل الشعب، ولكن محل كلامنا في هذا الموضوع سيكون حول اللصوص المجهولين أفراداً كانوا أم جماعات والمستهدفة ممتلكات المواطنين بأنواعها..

كثيرة هي السرقات ككثرة اللصوص الذين امتهنوا اللصوصية كرزق سهل، وبرعوا في إتقانها وأدائها باحترافية عالية، تبقيهم خارج المساءلة القانونية والشعبية - وأين سيتخفون من المسائلة الإلهية- فحوادث السرقة هذه الأيام زادت حدتها، وتوسع انتشارها، وكأنها صارت روتيناً يومياً يتسلسل أمام أعين الناس لتطال أرزاق الناس، بل قد يصل الحد إلى قتل النفس المحرمة من أجل عرض من الدنيا قليل، فلا يكتفي اللصوص معدومي الضمائر بسلب المال بل يسلبون أرواحاً بريئة تعيل العشرات من الأطفال والبنات، يا لها من كارثة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.

لا يملك اللص أي ذرة إنسانية - مع أن اسمه يكفي لنفي هذه الصفة- حين ينهب المال ويسلب الأرواح البريئة.

لو كان السارق قد سلب ما يريد من المال وترك التعدي على النفس البشرية كان أقل ضرراً - وانا لا أبرئ السارق مما سرقه من المال- ولكن فداحة الجرم وعظم المصيبتين يقول ذلك، لأن هناك بعض من تعرضوا للسرقة والنهب وتركوا للسارق الحرية ليأخذ ما يريد شرط إبقاءهم أحياء، ولكن نفوس اللصوص الحقيرة وأرواحهم الشيطانية، ووحشيتهم الحيوانية - واعتذر للحيوانات إذ قد لا ترتكب جريمة كجرائم البشر المخططة والمنظمة- أبت إلا أن تلطخ يديها بدماء الأبرياء وتعكر صفو حياة أسر كان العائل الوحيد لها وما أكثر ذلك.

الوقائع والشواهد كثيرة لمعرفة فداحة ما حدث ويحدث للناس دون أي وازع أخلاقي لدى البشر المتحولون الى وحوش تنهش ممتلكات وأرواح الأبرياء دون جرم أو سبب سوى نهم نفسها الحقيرة للمال والترفيه وحب الدنيا وزينتها.

لقد غفل أو تناسى بعض البشر- المتجردين من الإنسانية- وهم السرق واللصوص ما قاله الإسلام حول هذه الجريمة البشعة، والتي قد تكون مقدمة لجرائم أكبر، وكما جاء في مجلة البحوث الإسلامية في كلامها عن حرمة التعدي على المال وأثر قطع يد السارق فقد اهتم الإسلام بالأموال اهتماماً عظيماً وحماها حتى جعل المال شقيق الروح ومساويا لها في الحرمة؛ فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كل المسلم على المسلم حرام؛ دمه وماله وعرضه" . وقال أيضاً في خطبته المشهورة: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ، كحرمة يومكم هذا ، في بلدكم هذا ، في شهركم هذا" رواه البخاري .

والشريعة الإسلامية المحكمة تهدف من وراء ذلك إلى حماية الجماعة وحفظها حتى تقضي قضاءً تامًّا على خطر يهدد الناس في أموالهم، وما يتبع ذلك من ترويع وإذلال .

فلقد أحكم الشارع الحكيم وجوه الزجر الرادعة عن هذه الجناية وشرعها على أكمل الوجوه، مع عدم مجاوزة. فقال تعالى: "والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالاً من الله، والله عزيزٌ حكيم" صدق الله العظيم.

فإن هذا النص يدل على أن العقوبة مكافئة ومساوية للجريمة بكل آثارها الناتجة عنها، مما تحدثه السرقة من ترويع وإفساد، وكل ما يُمكِّن السارق من تحقيق مآربه، ولو أدى ذلك إلى القتل، فإن طبيعة السارق موسومة بالشراهة والنهم، فلا يهمه إلا ما يحصل عليه من أموال الناس، من أجل ذلك شَدَّد الشارع في تلك العقوبة حتى يردع الإثم ويطمئن الأمن، ولكن للأسف الشديد أن مثل هذه الحدود قد غابت عن مجتمعنا، وهذا ما أدى للمزيد من الجرائم في الازدياد والانتشار نتيجة لانعدام العقوبة الصارمة والحدود الرادعة من قبل الأجهزة المختصة.

لا يخفى على أحد التأثير الكبير والدور الغائب الذي قد تلعبه الأجهزة الأمنية والقضائية في الحد من انتشار جرائم السرقة، والتي تنتهي بقتل الأبرياء، فالواجب الغائب للمواطنين من قبل أجهزة الأمن والقضاء والدور المناط بها هي حماية أرواح الناس وممتلكاتهم من التعدي والاستغلال من قبل من لا يخافون الله ولا يقدرون حرمة للنفس البشرية التي يسعون لإهدارها متى ما سنحت الفرصة لذلك، ولكن ذلك للأسف الشديد يكاد يكون معدوماً نتيجة لعشوائية الدولة وعبث بعض من يريدون لليمن خراباً وتدميراً... وللكلام بقية في حلقة تالية بإذن الله.

(فضلاً لا تنسوا النبي من الصلاة وأبي من الدعاء)

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد