;
عارف العمري
عارف العمري

وترجل الفارس السبئي 1058

2016-10-12 13:36:06


لم تكن هناك محطة حزن في حياتي تشبه محطة الحزن على حارس العاصمة وبطل الجيش اليمني حميد القشيبي قائد اللواء 314 عندما اغتاله الانقلابيون في مدينة عمران، إلا الحزن على البطل السبئي الشجاع حامل لواء الجمهورية الذي صمد في وجه الانقلاب وواجه مشروع الدمار والتخريب بعزيمة لن تلين وهمة تناطح قمم السحاب اللواء الركن / عبدالرب الشدادي قائد المنطقة العسكرية الثالثة.
لم يكن اللواء عبدالرب الشدادي هامة تفرد بها إقليم سبأ في زمن قل فيه الأبطال وندر فيه الشجعان فحسب’ بل هو بطل الجمهورية الثانية، ومؤسس الجيش الوطني وقبلة الهاربين من جحيم الانقلاب، كان ركناً يأوي إليه كل مضطهد وأسد يجمع في عرينه أسود الشرعية وأبطالها من كل محافظات اليمن.
ماذا يمكن أن أقول عن الشهيد وكيف لأحد أن يملأ الفراغ الذي تركه في روحي وفي نفوس كل من عرفوه، كان رجلا في أمة، مبادرا لنجدة المظلوم والملهوف، لا يمكن لمن لجأ إليه في حاجة أن يعود خالي الوفاض، ولم يعهده احد جبانا أو ساعيا وراء منصب أو شهرة أو مال، كان كريما حد الإسراف وشجاعا حد التهور ووفيا لأصدقائه ويحترم كلمته ووعوده وفيا بعهوده، ما دخل في قضية إلا حلها ولا في مشكلة إلا أوجد لها حلا، عاش للناس فترك في نفوسهم أثرا بعد رحيله، كان يحلم أن يرى دولة يسودها النظام والقانون فبذل جهده في طرد كابوس الانقلاب عنها’ وتطهيرها من جراثيم السياسة وأدران الانقلاب ومخلفات الماضي، فكان لديه خياران لا ثالث لهما إما النصر للجمهورية التي ضحى من اجلها اليمنيون في الثورة الأم، وسكبت من اجل بقائها دماء الشباب في ساحات الحرية والكرامة في 2011م،  فكان خيار النصر أو الشهادة فحقق الله له ما أراد، استشهد وهو رافع الرأس مرفوع الهامة يزأر كالأسد وينازل العدو منازلة الأبطال، تبحث عنه فتجد مكانه في الصفوف الأولى للمعارك، لأنها بالفعل مواقع الأبطال فيها تتخندق الكرامة وتولد الحرية وتعطي صاحبها شهادة الصدق ووسام الشرف، استشهد في المكان الذي يليق به ان يستشهد فيه، ورحل عن الدنيا ولم يخون شرفه العسكري أو يلوث سمعته بالتواطؤ مع الانقلاب.
لم يجرؤ خصوم الشدادي على منازلته في الميدان، ولم تكن لهم من الشجاعة ما يمكنهم لان يحضروا يوماً واحداً في معركة من المعارك، لقد غادروا مواقع الشرف عندما عرفوا أنهم ليسوا أهلا لها، ولا روادا في مدرستها، فاختبئوا في الكهوف وتواروا خلف أنابيب الصرف الصحي وذهب بعضهم ليلتقط الصور مع الفاتنات ويتمايل في المراقص، وفي الوقت الذي كان البطل الشدادي يظهر حاملاً سلاحه في قلب المعركة يقتحم الصفوف ويسابق الموت، يظهر خصومة في صور تذكارية مع الجميلات خارج أسوار البلد.
لقد تمرد الفقيد الشدادي على الانقلاب وأوامر قادته، تمرد حين كان التمرد فضيلة، ورفض الأوامر العسكرية حين كانت ممهورة بالذل والخنوع، واجه الانقلاب عندما تعامل بعض قادة الجيش معه كأمر واقع، ونظم الصفوف حين كان كرسي الجمهورية يهتز وكرامة الجيش تهان تحت وطأة الغازين القادمين من الكهوف والخارجين من سراديب الانتقام، وجعل من ثباته وصموده مع أبطال المقاومة الشعبية من مأرب مأوى للمضطهدين وميدان للانطلاق نحو الهدف الأكبر المتمثل في استعادة الجمهورية وعودة الشرعية، وكانت مأرب بحق هي عاصمة اليمنيين حين ضاقت عليهم بعض المدن التي تمترست خلف الانتقام أو انجرفت في سيل المناطقية، كانت صحراء مأرب رياض للهاربين من جحيم الانقلاب، وحرارة الشمس الساطعة فيها عطرا يفوح عبقه حرية ونضال.
في وداعه الأخير لا شيء سوى الحزن يعم عاصمة إقليم سبأ، في حضرت روحه الطاهرة الدموع تغني عن الكلام، والصمت يسود الموقف، وآلاف من الرجال تتوق إلى وسام الشهادة الذي ظفر به، وفي المقابل تتسابق همم الرجال إلى استكمال نضال الشدادي، فمنه تعلموا أبجديات الحرية، ومن مدرسته تخرج الآلاف من الأبطال، وفي ظلال سيرته العطرة ستستلهم الأجيال القادمة روح الحرية وتردد الألسن اسطوراته التي ستفرد لها المجلدات، وسيكون لاسمه مكان بارز في سفر التاريخ ومجلدات الأيام.
فتحية لمأرب الصمود ولرجالها الأبطال الذين يجودون بأرواحهم في كل مكان دفاعاً عن الجمهورية التي ناضل من أجلها آباؤهم وأجدادهم، وسلام على مأرب التي فتحت ذراعيها لكل أبناء الوطن، وسلام على كل حر أبي يقاوم الظلم والتمرد ويناهض الانقلاب والإمامة في كل مكان.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد