;
محمد كليب أحمد
محمد كليب أحمد

المصفاة.. بداية الحل 1079

2017-02-18 01:45:29

لعله لا يخفى الحال الصعب الذي وصلت إليه الأوضاع المتردية في المحافظات المحررة وتحديداً مدينة عدن.. هذه المدينة الأم التي كانت مصدر الخير الأول لبقية المحافظات منذ قرون.
ولم تكن بريطانيا العظمى على جهالة بهذه النقطة الإستراتيجية، فأقامت فيها أضخم مصفاة في المنطقة آنذاك لتأمين استقرارها ووجودها في الشرق الأوسط بشكل عام، حيث كانت مكاتبها وشركاتها الضخمة في المنطقة بالكامل مركزها الرئيس (عدن) وتُـدار من عدن!
فالمصفاة كانت تمثل مركزاً استراتيجياً مهماً لتموين الأساطيل البريطانية وحلفائها والغربية أيضاً، وكانت ضرورة حتمية لتأمين تواجدها وإمداداتها بالوقود لتسيير نشاطاتها العسكرية والاقتصادية في المنطقة تحت راية التاج البريطاني.
  وبعد أن آلت ملكية المصفاة للدولة أصبحت من المرتكزات الاقتصادية الرئيسية للبلد ككل، فأمـّنـَتْ بالكامل – ولسنوات طويلة – توفير المشتقات النفطية ومن خلالها استطاعت الدولة تأمين الاستقرار المادي لمعاشات قطاعات عمالية وخدمية مختلفة كالجيش والتربية والصحة وغيرها..
وتوالت الأحداث بسرعة كبيرة، وهذه المنشأة صامدة صمود الجبال، حتى الحرب الأخيرة التي استهدفتها كغيرها من القطاعات الإنتاجية والخدماتية والحياتية أيضاً.
وبسبب الحرب أُستِنفذَ المخزون الاستراتيجي للوقود للمحافظات كافة، وأُحرِقـَتْ آخر مخزوناتها من النفط الخام والمشتقات النفطية.. وهنا كانت الكارثة.. فنفذت حتى الكميات المخصصة لاستهلاك المحطات الكهربائية والخدماتية، ولم يتم تدارك المشكلة بشكل عاجل لتوفير النفط الخام لإعادة دوران عجلة الحياة واستئناف نشاط المصفاة، الأمر الذي اضطر الجهات الحكومية- بأرفع درجاتها- لاستيراد تلك المشتقات كإجراء إسعافي عاجل لسد جزء من الفراغ الذي سببه توقف المصافي..
لكن ذلك الإجراء كان سبباً رئيسياً لنفاذ المخزون النقدي من البنوك لاستيراد تلك المشتقات بالعملة المحلية، والذي عكس نفسه سلباً على الالتزامات المالية للدولة تجاه القطاع الواسع من العمال والموظفين والقوات المسلحة الأمن وغيرها في ظل شحـِّة الموارد المالية وتردي الأوضاع الاقتصادية لتوفير السيولة المالية الكافية لسد هذا العجز الكبير.
الأسوأ من ذلك أن هذه الأم الرؤم والمنشأة المعطاءة التي أكل من عمرها الدهر وشرب، وأرهقتها السنوات والأحداث السياسية الماضية، أصبحت عاجزة عن توفير معاشات أبنائها وموظفيها، ولم يكن أحد يتصور ذلك من قبل، وغدت كل شاردة وواردة، وكل إعاقة أو حدث يرتبط أولاً وأخيراً بالمصفاة كسبب رئيس لتلك الأوضاع، فيبدأ الهرج والمرج والسخط والازدراء تجاهها وكأنها السبب الأساسي والأول والمباشر لتلك الإخفاقات والمعانات التي تلامس أبسط مواطن في قوته ومعاشه وتوفير الكهرباء والماء أيضاً.
تناسى الجميع – بما فيهم القيادة السياسية – السبب الأول والمباشر لهذه الأوضاع، وتناسوا عن عمد وبكل إصرار وتعنت الحلول الجذرية لتلك المعضلة التي تبدأ من المصفاة..
الإضرابات المتكررة وبشكل شهري من قِبـَل عمال مصافي عدن والتي تطالب بتوفير النفط الخام لإعادة تشغيل المصفاة والتكرير وإنهاء الأزمة المفتعلة والمستدامة، لم تلقَ أي ردود فعل سوى (الحلول الترقيعية) لتوفير جزء من معاشاتهم المتأخرة منذ أكثر من خمسة أشهر.. ويظل الوضع المتردي طافياً على السطح..
والجميع يعلم يقيناً وبكل مصداقية بأن الحل الرئيس والجذري يبدأ من هنا.. من المصفاة، ليس لتوفير المشتقات النفطية فحسب، بل أيضاً ليكون ذلك سبباً في توفير السيولة النقدية من العملة المحلية التي يتم سحبها من البنوك أو المبالغ التي يتم (شحتها) من دول الجوار لشراء تلك المشتقات على حساب بقية مظاهر الحياة المختلفة بما فيها توفير معاشات كل المرافق والقطاعات العمالية والخدمية للمناطق المحررة، وكذا الالتزامات المالية نحو الخدمات الأساسية للقطاع الإداري للدولة والجموع الغفيرة من منتسبي الجيش والأمن وحتى أفراد المقاومة الشعبية والشبابية وجرحى الحرب والشهداء أيضاً.
فهل من وقفة جادة لإيقاف هذه المسرحية الهزلية التي تجعلنا نتشكك في مصداقية الحكومة لاستقرار الأوضاع وتثبيت ركائز الدولة والتي تبدأ من المصفاة وتنتهي بالمواطن المنهـَك والموظف والمتقاعد الذي أصبح يشحت معاشه ويتضور جوعاً؟..

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

محمد الجماعي

2024-05-06 23:20:44

"فسيلة" الزنداني؟

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد