العالم الغربي العلماني فصل بين السياسة والدين، لكنه ما قام بالفصل إلا بعد أن أدرك خطورة دينه المحرف وهيمنة الكنيسة والتي وقفت عائقا لتطوره في عصوره الوسطى المظلمة فيَمم وجهه شطر ديننا الإسلامي وأخذ منه كل مستلزمات النهوض والتطور والتقدم بل وكثير من المبادئ الإسلامية وحينما وصل هذا الغرب إلى أوج قوته بدأ ينادي بالعلمانية لأنه يدرك وبقوة أن الدين الإسلامي هو مصدر قوة العرب والمسلمين - من واقع تجربه - فإذا ما تمسكوا به ظهر العالم العربي والإسلامي ندا قويا له ومهيمنا على مجريات كثيرة.
وهاهو اليوم يبعث دعاة العلمانية من أبناء جلدتنا يروجون لها ويظهرون كل إخفاقات المسلمين ويبرزون أبرز عثراتهم بل وينبشون في مصدريه (القرآن والسنة) فيقومون بالتأويل حسب أهواء علمانيتهم ويتتبعون المختلف فيه من أحكام ليلبسوا ويشككوا في قدره هذا الدين الإسلامي على أن يكون ضابطا لإيقاع الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وركيزة أساسية للتقدم والتطور والمنافسة حتى لقد بدأوا يفرزون المسلمين جماعات وطوائف وفرق وكلها في نظرهم متشددة ومتعصبة إلا من وافقهم على بتر هذه الدين وجعله محصورا في المسجد يدعا فيه للحاكم بطول فترة حكمه وأن يرزقه الله البطانة الصالحة -التي تعينه بالمضي في العلمانية - والحرص على طاعته وعدم التدخل في شؤون الدولة والحكم بل ولقد مضى دعاة العلمانية لتقزيم علماء المسلمين المعتبرين والتقليل من علمهم وتشويههم بحجة حرية النقد والدفاع عن الحقوق والحريات وليس ذلك إلا مسلكا من المسالك التي تسلكه العلمانية للدول العربية والإسلامية.
