;
فيصل علي
فيصل علي

عفاش في ذكراه الأولى 847

2018-12-05 03:05:30

النهايات السعيدة غير متوفرة إلا في مخيلات الأطفال والمراهقين واليمنيين الذين تغلب عليهم العواطف ووفقاً لها يتخذون مواقفهم الآنية، منذ 1918 وهم يحلمون بسعادة طويلة الأمد وسلام دائم وخبز ومرق وقت الظهيرة، وأوراق قات تساعدهم على استجرار الحلم بقية اليوم، وشيئاً من القهوة في الصباح ولقمة مغمسة بالسمن واللبن بعد الضحى، وفي الليل تذهب بهم الحسرات ويراجعون تقلبات الزمن، وقلما تجد يمنياً ينام بدون هموم تبدأ بتوفير الخبز وتنتهي بتوفير الأمن والسلام. لم أدرك في تاريخ اليمن المعاصر أكثر من سُنة التدافع عند هذا الشعب، وكذلك الصبر على المصائب، وقوة التحمل والتكيف مع مختلف الظروف والبيئات، وهذه مواصفات أقرب لمادة الحديد منها لمواصفات إنسان يبحث في الحياة عن حياة. لا حياة ولا سلام ولا أمن ولا خبز ولا استقرار بدون دولة، والدولة في اليمن ليست سوى حلم في بعض الأحيان وفي أغلب الأحيان كابوساً، لماذا كابوس ؟؟ لأنها دولة جبايات وإتاوات منذ عهد من لا عهد لهم ولا ميثاق ولا ذمة ولا أمانة ولا خلق قويم، وهم الذين حكموا اليمن منذ 1918 إلى أن أطاحت بهم وبسلالتهم وبمذهبهم السياسي البائس ثورة 26 سبتمبر 1962، وبعدها أُطيح بالحالمين الثوار جميعاً. وعندما بدأ حكم العسكر منذ 1974م، تغيرت الظروف ومرت بالشمال حالات من الرخاء أعقبتها حالات من الشدة، بينما لم تمر بالجنوب منذ الستينيات سوى حالات الشدة. عندما أعتلى العرش علي عبدالله صالح، بدأ حياته ككل العسكر بالدم وانتهت حياته بالدم، ومعه ذهب حلم الكثير من الناس خاصة بعد تحقيقه للوحدة بقرار شجاع وجرئ صار بطلاً قومياً يومها، و"لأن الحلو ما يكملش" فقد أضاع كل ما تبقى للناس من أحلام. عندما يفقد الناس أحلامهم يثورون، لذا كانت ثورة 11 فبراير سلمية خلعته أو استغنت عن خدماته، لكنه فهمها كما فهم ممارسة السياسة بحسب عبارته المشهورة "الرقص على رؤوس الثعابين" لم يتوقف عن الرقص حتى أخر لحظة من حياته، ولم يمنح نفسه مكافأة نهاية الخدمة، سبع سنوات قضاها بدون البنك المركزي والجيش كان يستطيع خلالها كتابة مذكراته ورقصاته كلها، لكنه أبى التوقف عن الرقص حتى "بالغدر"، ومثلما له أعداء إلا أن له أحباباً وهناك من لم يقبل إنهاء عقده كموظف دولة، فهو عند أحبابه كان السلطة والقوة والدولة. بالأمس قبل عام ويوم كنت في قناة عربية أنعى للأمة عفاش وكاد يخنقني الحزن بسبب الطريقة التي قُتل بها الرئيس السابق للبلاد، استوقفني المذيع وسألني لماذا تقول :"رحمه الله؟! "، قلت له :"ماذا أقول في حالة رجل من قومي قد أفضى إلى ما قدم؟!، ليس من عرفنا الاجتماعي الخصام مع من مات، انتهى خلافنا معه واليوم عزاء"، قلت له بالحرف: " لا أستطيع أن أخرج عن العرف الاجتماعي وأن أتحدث في عزاء الرجل بما يخالف طقوس العزاء، كان المذيع مندهشاً، وكان بجواره رفيق ثوري من رفاق ثورتنا ضد عفاش وكان هو الآخر مندهشاً من حديثي، أنا لا أخاصم الموتى، فمازال لديَّ القليل من العقل والكثير من العاطفة والمزيد من العادات القبلية، وكما يقول ديستوفيسكي: "بكوا في أول الأمر ثم ألفوا وتعودوا... إن الإنسان يعتاد كل شيء. يا له من حقير". يومها دار الجدل حول الأمر فمنهم من شمت وقلة من صمتوا والأقل من ترحموا على عدو ميت، كنت من هذا النوع الأقل، ومازال الجدل اليوم قائماً، فهناك من تحركه عواطفه حتى لو أدعى الأخلاق أو القيم الإنسانية وحقوق الإنسان ودعا للسلام، وهناك من ينظر للسلام مع فضلات التاريخ الذين مازالوا لهذه اللحظة يمارسون الانقلاب بأبشع صوره، لكنه لا يريد التوقف عن الخوض في الجدل حول ميت. يقول قائل :" إن الله قد تحدث عن المستبد فرعون في القرآن ونحن نتحدث عن المستبد عفاش، فهل القرآن أخطأ في الحديث عن فرعون؟! ".. جل الله في علاه، قلت لأحدهم :" القرآن تحدث عن فرعون بعد ألفي سنة من غرقه، يعني لم يعد له أهل ولا أنصار ولا جماهير ولا يتامى، بينما لعفاش بنات حزينات وأبناء مشردين وأقارب وأنصار وجمع غفير من المخدوعين به وبأنه الدولة وبأن الثورة ضده هي أم المصائب، وهؤلاء شركاء في البلد التي ننتمي إليها جميعا ً"، قال :" ما أضاع البلد غيرك أنت والفلسفة والتاريخ والنفاق"، قلت له :" فعلاً يا صديقي". بالمقابل هناك من يعتقد أن عفاش بطل وشهيد وأنه دافع عن الجمهورية والبلد، وهذا النوع إما ملحوس أو "شلوه الجن واتمطروا به" يا دولة يا جمهورية يا بطيخ.. خلاص لقد أنهى تاريخه بيده وأنهى حسنة الوحدة التي حققها بتحالفه مع عيال الشيطان الرجيم والكلاب الضالة الذين يدعون أن اليمن ضمن تركة ووصية وصك مُنح لهم من السماء، هؤلاء يجب أن يصمتوا طويلاً كما أن على من يلعنوا عفاش الميت أن يصمتوا هم أيضاً، الصمت سيد الموقف بلا منازع إن كان تبقى للطرفين من عقل. لم يعد انقلاب الهاشمية السياسية هو الوحيد الذي يخشاه الشعب فهناك مشكلات أخرى ومعضلات لن تتوقف إن لم يتم توحيد الصف اليمني، اتركوا التاريخ يضع أحكامه واهتموا بتوحيد جهودكم. عفاش كتب نهايته بيده، فماذا عنكم هل تؤمنون أن كل منكم سيكتب نهايته بيده؟؟، البشر قد لا يختارون البدايات - أو لا يحسنون اختيارها- لكن النهايات حتماً من صُنعهم، فليصنع كل واحد منكم نهايته.. "و رحمة الله خير من لعنة الله".

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد