;

قراءة في المشهد اللبناني.. حزب الله والاستراتيجية القادمة «2» 1168

2006-11-21 07:08:09

المتابع للاحداث في لبنان وخاصة اولئك المخدوعين بحزب الله والمتشيعين لنصر الله يطرحون عدة تساؤلات حول الدوافع الحقيقية التي تدفع حزب الله إلى تفجير الاوضاع والنزول إلى الشارع؟ ولماذا يسعى حزب الله لتعطيل المحكمة الدولية وطالما انه يعلن الموافقة عليها ويدعي انه بريء من دم الحريري؟.. صحيح ان حزب الله بهذا الموقف يدافع عن سوريا، لأن المحكمة الدولية موجهة لبعض القيادات العسكرية السورية المتورطة والمتهمة باغتيال الحريري، كما انه من غير المستبعد تورط بعض قيادات حزب الله في هذه الجريمة ومع ذلك فإن استراتيجية وتخطيط حزب الله في هذه المعركة السياسية ابعد من كل هذا :فحسن نصر الله لن يغامر نحو المجهول، ولا يهرول هذه الهرولة إلا في اجندة حزب الله.

الكثير.. الكثير من المفاجآت والامر ابعد من المحكمة وحكومة الوحدة الوطنية والانتخابات المبكرة، ان حزب الله يعيش ما بعد المقاومة والمناورة وما بعد بعد الازمة الحالية، انه يريد استثمار النصر الذي حققه واستمار الهيمنة الشيعية والسيطرة الفارسية في العراق ويريد التأكيد على ان الشيعة في لبنان اكثرية ويستحقون اكبر مما هم عليه الآن، ان ما يحدث هو تحرك شيعي منظم وعمل طائفي معمم، انهم يعملون بذكاء وتخطيط ودهاء يمتلكون الآن زمام عدة امور ويلعبون بعدة اوراق، انه عمل استباقي فالذي يقوم به حزب الله اليوم خطوة استباقية وضربة وقائية ونزول هجومي يستبق اي ردة فعل هجومية تطالبه بنزع سلاحه وتحديد موقعه، ان الشعور بالنصر والقوة والاستقواء بالسلاح والتلويح بالاكثرية ادوات ووسائل لترتيب موقع حزب الله والشيعة عموماً في سلم السلطة وهرم المسؤولية في لبنان على غرار ما حدث في العراق وما يمكن ان يحدث في البحرين، ان عامل الوقت هام جداً في المعركة التي يخوضها حزب الله في لبنان، والزمان والمكان ربما لن يكونا بنفس الظروف الراهنة لذلك نجد الرغبة الجامحة للنزول للشارع وتحريك الاتباع والانصار واعدادهم نفسياً وعملياً مع ان هذا النزول مهم ما كان سلمياً ومنظماً فإن الاوضاع الداخلية والاحتقانات الطائفية والسياسية تنذر بوقوع اعمال شغب وربما حرب ومواجهات، ذلك ان ما يحدث في لبنان لا يمكن بأي حال من الاحوال فصله عما يجري في العراق من حرب اهلية وصراعات مذهبية تلعب ايران الدور الكبير من ذلك، بالاضافة إلى الاحتلال الاميركي للعراق وتداعيات ذلك على الاوضاع اللبنانية في إطار محور الصراع الاميركي- الايراني في المنطقة، وفي كل الاحوال فإن حزب الله يسعى بكل امكانياته وقدراته لاسقاط الحكومة الحالية والوقوف ضد- المحكمة الدولية- وبغض النظر عن اي نتائج مدمرة أو اثار كارثية تترتب على ذلك المهم ان يكون للحزب حضور سياسي ودور في صناعة القرار يعادل حضوره العسكري والجماهيري ويؤكد انهم- اي الشيعة- اكثرية سكانية- زوراً وبهتاناً فما كان الشيعة في لبنان اكثرية على الاطلاق وما كان لهم قبل ثلاثين سنة اي شأن أو حضور سياسي أو اجتماعي مهم وموثر، انما هي قوة السلاح وحدة الخطاب وسرعة اللعب بالاوراق التي تريد ان تكرس واقعاً زائفاً وتفرض وقائع كاذبة، ان من اهم اهداف حزب الله- لا من هذه الازمة التي يصعدها والفتنة التي يقودها- نسف اتفاق الطائف الذي كان من اهم اسباب وقف الحرب الاهلية وامن واستقرار لبنان خلال السنوات الماضية وكان للشهيد رفيق الحريري دور كبير في هذا الاتفاق ومهما اختلفت الاراء حول الحريري إلاانه في إطار المعادلة اللبنانية- كان يشكل اكبر واهم شخصية سنية في مواجهة القوى الشيعية ولاشك ان اغتياله يصب في مصلحة -الشيعة- وخاصة حزب الله وامينه العام حسن نصر الله الذي يشكل اهم واكبر شخصية شيعية سياسية، وتشير بعض الدلائل والمعطيات إلى ان التقرير الدولي الذي سيوجه الاتهام في عملية اغتيال الحريري قد يوجه اتهامان لقيادات بارزة في حزب الله بالاضافة إلى القيادات السورية، واذا صدقت هذه التكهنات فهذا يفسر حالة القلق والارتباك والنزق والاستعجال الذي ظهر على حزب الله عند مناقشة -المحكمة الدولية- وعزم حكومة السنيورة الموافقة عليها فجاءت استقالة وزراء الشيعة لتعطيل هذا الاجراء، اضافة إلى كل هذا فإن حزب الله على علم ودراية بأن حدوث اي مواجهات اهلية وصدامات طائفية ستكون نتائجها مدمرة وتستدعي تدخل قوات اجنبية وقوى اقليمية وعربية وخاصة سوريا التي مازالت مؤثرة في القرار السوري بشكل أو باخر، ولاشك ان التحالف الايراني-السوري يؤثر بشكل واضح على توجهات حزب الله وبالتالي فإن ما يجري في العراق سوف ينعكس بشكل مباشر على الوضع اللبناني وربما تكون لبنان ميداناً لتصفية صراعات اخرى سواء على مستوى الملف الايراني النووي أو الدور الايراني في العراق وربط ذلك بالاقليات الشيعية في المنطقة، وفي هذا الإطار ينبغي علينا استيعاب المتغيرات وان المنطقة-حسبما يذكر د. عبدالله النفيسي- مفتوحة على كل الاتجاهات، وصلت ايران إلى البصرة واصبحت تحكم في البصرة فاذا ظل الوضع كما هو عليه فأبشروا يا عرب الجزيرة :بأن يندلق عليكم الكأس من البصرة شمالاً ومن الحوثي في صعدة جنوباً فعرب الجزيرة بين كماشتين جنوباً في صعدة وشمالاً في البصرة..!! ومن المهم التنبيه والتأكيد على ان حزب الله يعتبر احد اطراف المنظومة الشيعية في المنطقة وانه يتحرك في نطاق هذه المنظومة ويسير وفق استراتيجية شيعية ايرانية- طائفية مع شيء من التجمل والتحسين وفق ما يقتضيه الوضع اللبناني، وفي المحصلة النهائية فإن الخيار الكربلائي وفق ادبيات حزب الله يعتبر من اهم واوجب الخيارات متى ما استدعى الامر ذلك فكل ارض كربلاء وكل يوم عاشوراء، وحزب الله وامينه العام وكل قياداته وقواعده يؤمنون بالمهدي المنتظر والامام الغائب ويحلمون باقامة دولة شيعية تحت قيادة الولي الفقيه نائب المهدي المنتظر آية الله العظمى السيد علي الحسيني الخامنئي المرشد العام للثورة الايرانية، ولعل الكثير لا يعرف ان شعار حزب الله ونشيده الرسمي يقول في مستهله: قسماً بالمهدي والإمام الخامنئي، بل انه ومن غير المعروف فإن رئىس حزب الله والقائد الاعلى هو الولي الفقيه الامام الخامنئي واما الامين العام للحزب فهو الرجل الثاني الذي يدير شؤونه وتتشكل القيادة من مجلس الشورى ومكتب سياسي ومجلس مركزي وتتخذ القرارات بالاكثرية واذا اخفق الاجتماع يرفع الامر إلى المرجع الاعلى «1» ولحزب الله انشطة واسعة ومؤسسات قوية في التربية والاعلام والشؤون الاجتماعية وبدعم ايراني كبير وسخي وعلى غرار ما أنشأته الثورة الايرانية اقام حزب الله ما يمكن اعتباره فرعاً لمؤسسة- جهاد البناء- ومؤسسة الشهيدة- وغير ذلك من المؤسسات والمناشط والاعمال التي تعتبر دولة مصغرة بل دولة داخل دولة.

وفكرة اقامة دولة شيعية ليست بعيدة عن فكر وادبيات حزب الله وامينه العام حسن نصر الله الذي يؤكد على ان الحزب يهدف إلى اقامة دولة اسلامية في لبنان ولكن حزب الله يميز في تحركاته السياسية بين الفكر والبرنامج السياسي فيرى ان الفكرة السياسية لا تسقط اذا كان الواقع السياسي غير موات لتطبيقها كما هو الحال بالنسبة لاقامة دولة اسلامية في لبنان، يقول حسن نصر الله: نحن لا نطرح فكرة الدولة الاسلامية في لبنان على طريقة طالبان في افغانستان ففكرة الدولة الاسلامية في لبنان حاضرة على مستوى الفكر السياسي ونحن لا نستطيع اقامتها الآن لحاجتها إلى حماية «2» والتكوين الطائفي للنظام السياسي في لبنان ينعكس على جميع الاحزاب والتنظميات السياسية فالطابع الطائفي يغلب على العمل الحزبي والنشاط السياسي ومعظم الاحزاب اللبنانية اذ لم تكن كلها تتألف في الغالب من ابناء الطائفة وتتأكد هذه الرؤية الطائفية وتترسخ لدى- الشيعة- اكثر من غيرهم من الطوائف والاديان الاخرى وخاصة حزب الله الذي هو كيان طائفي في مناخ طائفي ومع انه يمثل- المقاومة- إلا انها مقاومة -مذهبية طائفية- محصورة في الشيعة ويرفض حزب اخراج المقاومة من كيانها الطائفي وسيقول بعض الناس ان في هذا الكلام مبالغة وربما طائفية مغايرة واقول لهؤلاء: إن طائفية ومذهبية حزب الله ظاهرة للعيان ولا ادل على ذلك واوضح من توقف المقاومة في جنوب لبنان على حدود مزارع شبعا- هل تعلمون لماذا؟ لانها منطقة شبعا- ومزارعها سنية..!! وليست شيعية فهل يعجز حزب الله وهو يمتلك هذه الترسانة من الاسلحة من تحرير مزارع شبعا؟؟ ولماذا تركها؟؟ لانها منطقة غالبيتها سنية؟! هل تعلمون ان موقف حزب الله من وثيقة الوفاق الوطني اللبناني التي وقع عليها في مدينة الطائف السعودية في 1989/10/22م وعرفت باتفاقية الطائف- كان موقفاً مهزوزاً، فقد وافق وعلى الاتفاق مع تحفظه على بعض البنود ولانه حينها لم يكن قادراً على المجاهرة بالرفض، واليوم يلوح حسن نصرالله ويقلل من هذا الاتفاق لانه جاء برعاية سعودية وجهود بذلها رفيق الحريري وسمعنا نصر الله في خطابه يوم امس الاول وهو يذكر قبول اتفاق الطائف مع انه اعطى الطائفة السنية اكثر مما تستحق!! هكذا تكلم السيد حسن نصر الله مع ان اتفاق الطائف شكل مدخلاً واقعياً للتسوية والخروج من الازمة لو صدقت النيات «3» ولو صدقت النية لدى حزب الله لكان من الاولى له والافضل للبنان الالتزام بالدستور واتفاق الطائف واستمرار الحوار الوطني، بدلاً من اسقاط الحكومة والتهديد بالشارع الشيعي وقلب طاولة الحوار تحت شعار علي وعلى اعدائي والخيار الكربلائي.

هوامش:

1- حزب الله- سيرة ذاتية- مجلة وجهات نظر، القاهرة، العدد التاسع عشر اغسطس 2000م.

2- حزب الله- النشأة والتطور، الجزيرة نت، 2006/7/16م.

3- النظم السياسية والدستورية في لبنان، الدكتور احمد سرحال ط1 1990م دار الفكر- بيروت.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد