رؤية شرعية لمقصد الحرية والثورة على حكم الطاغوت الإمامي الكهنوتي وإقامة النظام السياسي الجمهوري الشوروي
الحلقة

الثالثة عشرة

بقلم/ حارث عبدالحميد الشوكاني

اذاً فمصطلح خليفة تدل قرآنياً على ثلاثة ابعاد لغوية:

1- انها زعامة ورئاسة سياسية لتنظيم العلاقات السياسية

2-انها تشير إلى تداول السلطة «واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح» لأن كلمة خليفة تدل على مخلوف وخالف

3- وانه خلافة بالله لا عن الله بدليل ان كل الايات تشير إلى ان الله استخلف آدم وداوود واستخلف قوماً عن قوم ووعد باستخلاف المؤمنين في كل اطوار الصراع السياسي التاريخي بين المؤمنين والكافرين.

- من خلال المعاني اللغوية لمصطلح خليفة للقرآن فإننا نفهم قوله تعالى «وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة».

- ان خلافة آدم هنا هي خلافة بدلاً عن الملائكة والجن بزعامة الشيطان- اي ان الشيطان كان هو الخليفة قبل آدم والقرائن التي تعزز هذا الفهم هي:


الحلقة
الثالثة عشرة




احتجاج الملائكة على قرار التعيين الإلهي لآدم خليفة بقولهم : «أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك» «البقرة 30»، ومما يؤكد شعور الملائكة على رأسهم الشيطان ان هذا الامر «جعل آدم خليفة» فيه دلالة على انتزاع الخلافة منهم وارتباط هذا وتعلقه بهم هو هذا الاحتجاج الملائكي وهذا الحوار السياسي الرائع بين الله والملائكة الذي سعى الملائكة من خلاله بقيادة ابليس الذي كان طاووس الملائكة إلى التشكيك في كفاءة آدم وجدارته بهذا المنصب وإلى أنه اكفأ منه من خلال اشارتهم الذكية إلى ابراز جوانب الضعف الانساني وإلى اهم عوامل القوة فيهم بقولهم : «أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم مالا تعلمون».
ب- ثم يأتي المشهد الثاني لقصة اول صراع سياسي شهدته الخليقة بين الملائكة والجن وبني آدم وقصة اول حوار سياسي يدور حول تداول السلطة السياسية مشهد ان الله سبحانه وتعالى لم يغضب من الملائكة والشيطان على هذاالحوار الساخن وانما حاورهم، وعندما شككوا في كفاءة آدم واظهروا انهم اجدر منه بقولهم «ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك» رد الله عليهم بما يثبت انه اكفأ منهم، ولم يكن رد الله رداً نظرياً وانما لكي يقتنعوا قناة كاملة انه اكفاء منهم ادخل الجميع في اختبار عملي «وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني باسماء هؤلاء إن كنتم صادقين قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض واعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون» «31-33» البقرة، والايات السابقة اوضحت لنا عدة امور:
أ- ان معيار ومواصفات هذا المنصب الاساسي هو العلم والكفاءة
ب- جرى الاختبار العملي بين آدم والملائكة متعلقاً بهذا المعيار «العلم»
ج- اثبت لهم عملياً ان آدم اكثر علماً منهم
د- لو حاولنا معرفة سر تفوق آدم العلمي لوجدناه في قوله تعالى «وعلم آدم الأسماء كلها» فالكل تعلم من الله تعالى، لكن ما تميز به علم آدم يكمن في قوله تعالى «الاسماء كلها»، فكلمة «كلها» اشارة إلى العلم الكلي الذي هو علم السنن، وهو العلم الذي يقود إلى الفهم الشامل، ويتولد عن هذا العلم الكلي خاصية التنبؤ واستباق الاحداث، ولا يصل إلى هذا الفهم إلا من امتلك خاصية التعليم الذاتي وملكه فهم قوية تحلل وتستنبط، اما علم الملائكة فهو علم جزئي وليس لهم خاصية العلم الذاتي ولذلك لا يعلمون إلا بقدر التلقين الإلهي لهم مباشرة وان في هذه القصة دروس بليغة في علم السياسة وفي علم الادارة اشرنا اليهما ولم نفصلها.
- وما نخلص به من المقاطع القرآنية السابقة في هذا الحوار من الملائكة مع الله ما يدل على ارتباط خلافة آدم بإلغاء خلافة الشيطان والملائكة احتجاج الملائكة ببيان جانب ضعف آدم وتزكيتهم لانفسهم «ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك» ثم تأكيد الله ان آدم عليه السلام أكفاء منهم علماً والتدليل على كفاءته بتجربة عملية لبيان الاكثر علماً لمعرفة الاكفاء وبالتالي الاجدر بمقام الخلافة.
ج- ومما يدل على ان خلافة آدم جاءت بدلاً عن رئىس الملائكة «ابليس» والملائكة ايضاً هو أنه بعد اثبات كفاءة آدم العلمية على الملائكة تم اصدار التوجيهات الربانية إليهم بالتسليم لخلافته واعلان طاعته من خلال الامر الإلهي بالسجود، والسجود هنا سجود الطاعة والاعتراف «وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا ابليس أبى واستكبر وكان من الكافرين»
د- من الادلة ايضاً على ان خلافة آدم كانت بدلاً عن الشيطان رئيس الملائكة هو قوله تعالى «وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا ابليس قال أسجد لمن خلقت طيناً، قال ارأيتك هذا الذي كرّمتَ عليّ لاحتنكن ذريته إلا قليلاً، قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاءً موفوراً، واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورَجِلِكَ وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا، ان عيادى ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلاً» «الاسراء : 61-65». . فمن الادلة القوية على ان آدم قد عين خليفة بدلاً عن الشيطان هو قوله تعالى «قال أرأيتَك هذا الذي كَرَّمْتَ عليّ لإن أخرتني إلى يوم القيامة لأحتنكنَّ ذريته إلا قليلاً» فقد اعتبر الشيطان تعيين آدم جاء بدلاً عن هذا الذي كرم عليه، وبهذا يتضح لنا ان قصة آدم وابليس هي قصة اول صراع سياسي في الارض وفيها العديد من الدروس السياسة اهمها:
أ- الحوار السياسي الرائع بين الله والملائكة، وان في هذا الحوار بين الخالق ومخلوقيه لدرس بليغ لكل الطغاة والمستكبرين الذين يأنفون من استشارة أو محاورة تابعيهم فضلاً عن محاورة مخالفيهم.
ب- ان تداول السلطة من اهم الاسباب للحروب والصراعات السياسية عبر التاريخ، وان الوصول إلى تداول السلطة سلمياً تجنيب لحياة الدول والمجتمعات من حروب مدمرة وهدر كبير للطاقات والامكانات في سبيل ارضاء قيادات سياسية تتنافس على السلطة.
ج- ان فتنة السلطة كانت سبب ارتداد الشيطان ومروقه وتكبره «قال ربِّ بما اغويتني لأُزيننَّّ لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين»، وان المرض الذي اصاب الشيطان هو حب احتكار السلطة السياسية في البطنين الملائكة والجن، ورفض تداول السلطة سلمياً مع آدم وبنيه، وجعل المبرر لرفض تسليم الخلافة لآدم هو وضاعة اصله ونسبه «قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين».
د- ان الاسلام لا يقيم وزناً للانساب، فعلى الرغم من ان الملائكة خلقوا من نور والجن خلقوا من نار وبني آدم خلقوا من طين، إلا ان الله فضل آدم عليه السلام وجعل معيار التفاضل بين الناس هو الكفاءة لا العنصر والنسب، بل يشعر المرء ان الله اختار آدم من طين عمداً، لأن الطين محتقر عند الاخرين، ليعطينا درساً في عدم الاعتداد بالانساب والاحساب، وفي كراهية الكبر والاستعلاء وجعل معيار التفاضل بين الناس هي المعايير الكسبية لا المعايير القسرية، فالعلم والتقوى معايير عملية وفي نفس الوقت يمكن ان يتسابق جميع الناس عليهما، اما اللون أوالعرق أو الوطن أو القوم فهي معايير قسرية ليس بيد الانسان اختيارها.
ه- ان عنوان مدرسة الشيطان هو قوله «قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين»، فالكبر والاستعلاء والتفاخر بالاصل والعنصر والنسب هو عنوان هذه المدرسة، وبالتالي فمن استكبر واستعلى على بني آدم وفسر الدين تفسيراً استكبارياً عنصرياً ممن قالوا «نحن أبناء الله وأحباؤه» أو ممن قالوا «نحن أبناء رسول الله وأحباؤه»، فهم تابعون لمدرسة الشيطان وان لبسوا لبوس الدين وهم «آل الشيطان وذرية إبليس» لا آل الرسول.
وان المنهج القرآني على النقيض من هذه المدرسة الشيطانية الاستكبارية الاستعلائية مدرسة «انا خير منه»، وتقسيم المجتمعات إلى سادة وعبيد ومستكبرين ومستضعفين وحصر الحقوق السياسية والاجتماعية في طبقة السادة المستكبرين وحرمان العبيد المستضعفين من هذه الحقوق، لأن منهج القرآن ومقصده البارز يتمثل في الانتصار دوماً للطبقة المستضعفة ومنحها حقوقها السياسية والاجتماعية بصريح القرآن «ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين، ونمكِّن لهم في الأرض».
و- على إثر الخلاف بين الله والشيطان برفض الشيطان لتداول الخلافة سلمياً انقسم العالم إلى ساحة للصراع السياسي بين الله والشيطان، وبموجب حرية الارادة التي منحت من الله للجن والانس بخلاف الملائكة امهل الله الشيطان إلى يوم القيامة لقيادة التمرد ضد الله واديانه السماوية التي ما تنزلت إلا لتحقيق الانظمة الطاغوتية الاستبدادية التي تراعي مصالحها الانانية وتلغي مصالح المجتمعات والشعوب، قال تعالى «والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات» «البرقة 257».
- حيث طلب الشيطان من الله إمهاله إلى يوم القيامة «قال فاخرج منها فإنك رجيم، وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين، قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون، قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم « 78 -81».
- «قال رب بما اغويتني لأزينن لهم في الارض ولأغوينهم أجمعين، إلا عبادك منهم المخلصين» «الحجر 39-4».
- بعد هذا التمرد الشيطاني والإمهال من الله سبحانه وتعالى، ولم يكن هذ الامهال حباً من الله لفتنة البشر- تعالى عن ذلك، وانما علة هذا الإمهال رغم الخطر المترتب عليه على البشرية عبر التاريخ هو حرية الإرادة كما اسلفنا.
الولاية العامة لله- اي لشريعته المقدسة، ومن الشريعة المقدسة يتم تنظيم الدولة المسلمة والعلاقات السياسية بين المؤمنين «الولاء بين المؤمنين حباً ومناصرة وربط مصير بمصير».
- «ومن يتولَّ الله ورسوله والذي آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون» «المائدة 56».
- والنظام السياسي الشيطاني واتباعه وهم المنافقون الذي ادخلهم الشيطان عبر التاريخ إلى الاديان ليهدموها من داخلها وهذا هو حزب الشيطان.
- «الم ترَ إلى الذين تولوا قوماً غضب الله عليهم » «المجادلة 14» -المافقون الذين يتسربون إلى الاديان بمنهجية الشيطان الاستكبارية العنصرية ويتسربون إلى التنظيمات «ما هم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون، اعد الله لهم عذاباً شديداً إنهم ساء ما كانوا يعملون، اتخذوا إيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله فلهم عذاب مهين، لن تغنى عنهم اموالهم ولا أولادهم من الله شيئاً أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون، يوم يبعثهم الله جميعاً فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون، استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون، إن الذين يحادُّون الله ورسوله أولئك في الأذلين، كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز» «المجادلة 14-21».
- هذه الايات الواضحة اكدت ما قلته من انقسام العالم إلى ساحة للصراع السياسي بين حزب الله وحزب الشيطان، وكان هناك الوعد الرباني الدائم بغلبة ونصرة حزب الله على حزب الشيطان عبر تاريخ الصراع السياسي الدائر بينهما «فإن حزب الله هم الغالبون» «كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز».
- وهذا الصراع السياسي بين حزب الله وحزب الشيطان اصبح محور الصراع التاريخي والمستقبلي في المنظور القرآني
- وجاء التحذير القرآني من عبادة الشيطان اكثر من التحذير من عبادة الأصنام الحجرية «ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم، ولقد أضل منكم جبلاًً كثيراً أفلم تكونوا تعقلون، هذه جهنم التي كنتم توعدون» «يس 60-63».
- وليس المقصود بعبادة الشيطان هنا عبادة الشعائر وانما عبودية الولاء والتبعية لمنهجه الاستكباري الطاغوتي العنصري
- «وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه، أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلاً» «الكهف 50».
- وحزب الشيطان وذريته هم اتباعه بالمنهج الاستكباري «أنا خير منه»، الطاغوتي، وهم خليط من الجن والإنس «وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الإنس والجن» «الانعام 112».
- وابرز اتباع الشيطان هي الفئة المنافقة تتسرب إلى الاديان وتسعى لتأويلها بما ينافي مصالح مجموع الامة عبر ادعاء احتكار السلطة السياسية والثروة والمعرفة بمنهجية عنصرية استكبارية «فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله «آل عمران 7».
- ومما يؤكد ان الفئة المنافقة تسعى لتفسير الدين تفسيراً مصطلحياً على فئة محدودة من دون بقية الناس، وانهم يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً هو قوله تعالى في وصف المنافقين «أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين» «البقرة 16»، فقد جعل القرآن ابرز صفة المنافقين هي تحويل الدين إلى صفقة تجارية بتفسيره تفسيراً نفعياً استكبارياً طاغوتياً يبرر لهم احتكار السلطة والثروة.
- هذه الفئة المنافقة وصفها القرآن بأنها فئة شيطانية بقوله «واذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزءون» «البقرة 14» «وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن». . فجنود الشيطان عبر التاريخ هم الفئة المنافقة الذين يتسربون إلى الاديان ويكتمون حقائق الوحي، وبتأويل الكتب السماوية بمنهجية شيطانية طاغوتية استكبارية استعلائية عنصرية تحتكر السلطة والثروة وتقسم المجتمع طبقياً إلى مستكبرين ومستضعفين.
« إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمناً قليلاً أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار» «البقرة 175».
- وبهذه المنهجية في الفهم سندرك عندئذ كيفية تأثير الشيطان الذي يصل إلى حد قوله تعالى «ولقد أضل منكم جبلاً كثيراً أفلم تكونوا تعقلون» وقوله تعالى «لأحتنكن ذريته إلا قليلاً» «الاسراء 62».
- فاذا أدركنا أن الصراع التاريخي بين وحزب الله وحزب الشيطان، في جوهره سياسي، سندرك عندئذ لماذا جاءت الاديان عبر التاريخ لتطلق ثورات تحررية سياسية اجتماعية على حكم الطاغوت والاستبداد -حكم الشيطان حكم احتكار السلطة السياسية والخلافة، حكم الاستكبار والنزعة العنصرية «انا خير منه»، وتعاقب رسل السماء عبر التاريخ لقيادة حركات تحرر سياسية لاجتناب حكم الطاغوت ونصرة المستضعفين على المستكبرين.
قال تعالى «ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أنِ اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت» وسنفهم عندئذ محورية قوله تعالى « ونريد ان نَّمنَّ» على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين» والوعد الرباني التاريخي بالخلافة في الأرض للفئة المؤمنة المستضعفة على المستكبرة، قال تعالى «وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمُكِّننَّ لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً»، وستجد في قصص الانبياء والرسل في القرآن الصور التطبيقية الحية لهذا الوعد الإلهي باستخلاف المستضعفين على المستكبرين بإخراجهم من حكم الطاغوت من الظلمات إلى النور، قال تعالى «والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات» صدق الله العظيم.


 
احتجاج الملائكة على قرار التعيين الإلهي لآدم خليفة بقولهم : «أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك» «البقرة 30»، ومما يؤكد شعور الملائكة على رأسهم الشيطان ان هذا الامر «جعل آدم خليفة» فيه دلالة على انتزاع الخلافة منهم وارتباط هذا وتعلقه بهم هو هذا الاحتجاج الملائكي وهذا الحوار السياسي الرائع بين الله والملائكة الذي سعى الملائكة من خلاله بقيادة ابليس الذي كان طاووس الملائكة إلى التشكيك في كفاءة آدم وجدارته بهذا المنصب وإلى أنه اكفأ منه من خلال اشارتهم الذكية إلى ابراز جوانب الضعف الانساني وإلى اهم عوامل القوة فيهم بقولهم : «أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم مالا تعلمون».

في الأحد 17 سبتمبر-أيلول 2006 10:54:10 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=55103