التجمع اليمني للإصلاح بين المشترك والمعترك.. دعوة للمراجعة !!
يأتي انعقاد الدورة الاعتيادية لمجلس شورى التجمع اليمني للاصلاح هذا الاسبوع وسط ترقب وتطلع كبيرين لما سيخرج به اعضاء مجلس شورى الاصلاح وخاصة ان هذه الدورة مع كونها اعتيادية بانعقادها، إلا انها استثنائية وهامة من حيث زمانها والمطلوب منها، وتزيد هذه الاهمية عندما ندرك ان اعضاء مجلس شورى الاصلاح ملزمون بمناقشة الانتخابات الرئاسية والمحلية ونتائجها الكارثية على -التجمع- ومساراتها العجائبية وتحديداً- الموقف الذي اتخذه الشيخان -الاحمر والزنداني- اثناء الانتخابات، هذا الموقف الذي يتطلب توضيحاً وتفسيراً من قبل الشيخين لمجلس الشورى من دورته هذه، وللهيئة العليا للاصلاح في اقرب جلسة تعقدها الهيئة، بالاضافة إلى ملف الانتخابات والنقاط الساخنة فيه فإن مجلس الشورى مطالب بمناقشة ملف- المؤتمر العام الرابع- وخاصة فيما يتعلق بتغيير قيادات الاصلاح وفق اللائحة الداخلية للاصلاح، وبالتالي تغيير وازاحة الشيخين من موقعهما «رئىس الهيئة العليا ورئىس مجلس الشورى» وانعكاس ذلك على موقف الشيخين اثناء الانتخابات وخاصة موقف الشيخ عبدالمجيد الزنداني وجامعة الايمان ليس فقط من الانتخابات الرئاسية وانما من التوجهات الاصلاحية ازاء بعض القضايا والمسائل التي تتعارض وتتقابل مع قناعات وتوجهات الشيخ الزنداني، وهنا تبرز اهمية هذا التساؤل: ماذا يريد الاصلاح وإلى اين الاتجاه؟ ومتى يفتح ملف المراجعة والنقد الذاتي بصورة علنية وبكل شفافية فلم يعد يجدي الفكر التبريري وترحيل الملفات الساخنة إلى مراحل قادمة؟! وهذا يعقد القضايا ويضاعف الاخطاء.. فلابد مما ليس منه بد، لابد من المراجعة والنقد الذاتي، فلا يكفي البكاء على الاطلال، واتهام الطرف الاخر انه سبب الفشل في الانتخابات وسبب كل المشاكل والازمات، فالاصلاحيون اليوم «وحسبما ذكره الزميل نبيل الصوفي» يكثرون من العويل من تصرفات السلطة بينما كانوا بالامس يعملون في ظروف لايمكن مقارنتها بما يحدث اليوم ابداً.. ولكنهم- يقول نبيل الصوفي- كانوا اصحاب مشروع مكتمل الوضوح وهو كان حاجة الامس، ونتيجة لهذا يطالب- الصوفي- من الاصلاحيين اليوم ان يستيعدوا ذواتهم اولاً وذواتهم كحزب.. الشارع ينتظر مشروعاً سياسياً يمكن ان يعيد للفاعلية الاصلاحية علاقتها بالانجاز..كلام الزميل العزيز نبيل الصوفي -الذي أتفق مع ما ذهب اليه- حول استعادة الذات، واعادة الفاعلية وربطها بالانجاز، وخاصة ان التجمع اليمني للاصلاح قدم تجربة اسلامية لا نظير لها في العالم العربي والاسلامي!! حقاً كانت تجربة الاصلاح ومساره حتى مؤتمره العام الثالث «2002م» غاية في النجاح والانجاز والحكمة والاتزان، وفي لحظة دخلنا حالة من الاضطراب والاستعجال وكأننا بلا رؤية ولا منهج.. وظهرت في بعض الاحيان الرغبة باستدعاء المصائب والمآسي، والدخول في نوع من المغامرة والمقامرة، وخوض المعترك في إطار المشترك بصورة مبالغ فيها وخطوات مخيفة نتائجها تجلت وبرزت في تراجع الاصلاح في الانتخابات المحلية، ووفق استبيان- صحيفة الوسط- المعارضة- فقد رأى غالبية المشاركين في هذا الاستبيان أن تحالف الاصلاح مع الاشتراكي اثر سلباً على نتائج الانتخابات!!.

فهل من مدكر !! حسنا. لاشك بوجود بعض الايجابيات في تجربة اللقاء المشترك- ولكن السلبيات كانت اكثر والمفاسد اعظم.. لقد رأينا الاخوان المسلمين في مصر يتحالفون ويتعاونون مع احزاب المعارضة اليسارية والماركسية والقومية والناصرية وكان هذا- التحالف- مرحلياً محدود السقف في اهدافه ووسائله، تعاون الاخوان مع الاحزاب الاخرى في اجراء اصلاحات سياسية أو القيام بتعديلات دستورية وغير ذلك من الفعاليات أو الندوات والمظاهرات، ولما حان وقت الانتخابات شارك فيها الاخوان بصورة انفرادية، فمع مطالب الاحزاب الدخول بقوائم انتخابية موحدة ومشتركة في معظم الدوائر -أو حتى بعضها -إلا ان الاخوان المسلمين رفضوا هذه المطالب وقرروا خوض الانتخابات دون تحالفات ونافسوا الحزب الوطني الحاكم والاحزاب المعارضة وحققوا نتائج مذهلة وسط مضايقات شديدة وتصرفات بلطجية..!! حصل الاخوان على قرابة ربع مقاعد البرلمان بينما لم تحصل احزاب المعارضة الاخرى اي نتائج تذكر، بل انهم سقطوا بجدارة وحققوا عظيم الخسارة، حتى كبيرهم الذي علمهم الحزبية واليسارية فقد سقط- خالد محيي الدين- سقوطاً مدوياً- امام مرشح الاخوان المسلمين- وهكذا نجح وفاز الاخوان في مصر، وكذلك خسر واخفق اصلاح اليمن، ومرشحوهم الذين نسوا انهم اسلاميون واصحاب مشروع متميز ومغاير للمشاريع الاخرى، واذكر الاصلاحيين ما ورد في برنامج العمل السياسي بهذا الخصوص..!! اننا ندرك انه لن يكتب النجاح لأي برنامج مالم يكن منبثقاً عن عقيدة الشعب وقيمه الاصلية، مرتكزاً على الحقائق والوقائع التي يعيشها المجتمع، مستوعباً لشبكة العوامل الداخلية والخارجية التي تؤثر على مجريات الامور.. برنامجاً يأخذ بسنة التدرج ويراعي عامل الزمن في خطة الاصلاح والتغيير المنشود.

هذا هو توجهنا وبرنامجنا الذي ندعو إليه ونلتزم به وسنعمل على تنفيذه من خلال وجودنا في السلطة أو المعارضة..!!.

{ البرنامج السياسي للتجمع اليمني للإصلاح!

هذه هي استراتيجية الاصلاح طويلة المدى وهذا هو برنامجه ومنهجه العام الذي استطاع به ومن خلاله ان يشكل رقماً صعباً في الحياة السياسية ويمسك بالمعادلة الصعبة والموازنة الحقة بين ما هو استراتيجي ومنهجي وبين ما هو آني ومرحلي، وهكذا كان الاصلاح يسير من مرحلة إلى اخرى، ومن نجاح إلى اخر، ومن توسع إلى تميز .. حقق -الاصلاح- نجاحه.. واثبت وجوده.. وعزز موقعه الحقيقي عندما كان يراعي عامل الزمن في خطة الاصلاح والتغيير المنشود، وحافظ الاصلاح على توازنه عندما كان يأخذ بسنة التدرج وقانون المرحلية، نجح الإصلاح عندما كان ينحاز لقضايا الامة الكبرى والمصيرية بوضوح وقوة، وعندما كانت من اولويات مشروعه الحضاري مواجهة التغريب الثقافي والاجتماعي والتبعية والتخلف والمشروع الصهيوني- الاميركي.

لقد افتقد الكثير من الناس اسلوب الاصلاح وسياسته في المعارضة الملتزمة بقواعد الشرع والمتمثلة بمبادئ وضوابط الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهو لا يعارض لمجرد المعارضة والمماحكة وانما يعارض السياسات الخاطئة وينكر السلبيات الواضحة، وفي الوقت ذاته يقف إلى جانب السلطة ويمدح ويثني على السياسات الصائبة والاعمال القائمة والخطوات السليمة، وعندما غابت أو اختفت الاطر المرجعية والمعايير الشرعية، لقد كان الاصلاح الوحيد في الساحة السياسية بل والدعوية والذي يميز بوضوح الخط الفاصل بين الثوابت والمتغيرات، ويحدد ما يجوز الخلاف فيه ومالا يجوز، ما يصح التحالف فيه ومالا يجوز، حقاً ان تشكيل الاحزاب اسهل من المحافظة على تطورها ونقاوتها..!!.

في الجمعة 15 ديسمبر-كانون الأول 2006 10:12:20 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=55110