رسالة الشوكاني إلى المجتمعين في قاعته



د. كمال بن محمد البعداني


لو قدر لشيخ الإسلام الامام الشوكاني ان يحضر مؤتمر علماء اليمن هذه الأيام في القاعة المسماة باسمه «قاعة الشوكاني» بكلية الشرطة في العاصمة صنعاء فلا شك انه كان سيصاب بالإحباط عندما يحضر هذا الاجتماع وكان سيوجه عتاباً شديداً ومريراً إلى احفاده من علماء اليمن في هذه القاعة وكان سيقول لهم لقد تأخرتم كثيراً يا علماء اليمن. نعم تأخرتم كثيراً ثلاث سنوات والدماء تنزف والصحابة تسب والبيوت تهدم والاسر تشرد ومع ذلك فأنتم ما زلتم تشكلون لجاناً ومقررين لبحث هذا الموضوع لتبحثوا من هو الذي على خطأ.
يا سبحان الله عليكم! إلى الآن لا تعرفون من هو الذي على خطأ أصوات الباطل ترتفع ويجاهر بها اصحابها واصواتكم تنخفض وان تكلمتم فعلى استحياء فماذا دهاكم بالله عليكم؟! تحركت الحوزات من العراق وايران وانتم لا زلتم تشكلون لجاناً لبحث الموضوع الله المستعان عليكم ألستم على حق وهم على باطل نعم، هم على باطل فانا اعرفهم اكثر منكم وقد عانيت منهم الكثير اقرءوا كتابي البدر الطالع وسوف تعرفون ماذا حدث في شهر رمضان 1216ه هل تعرفون ماذا حدث؟! حسناً سوف اخبركم ماذا حدث فلقد احضر الرافضة في هذا الشهر رجلاً من جامع صلاح الدين إلى الجامع الكبير بصنعاء ليحدث الناس فأخذ هذا الرجل يسب صحابة رسول الله وزوجاته سباً مقذعاً هل تعرفون من يكون هذا الرجل؟! انه يحيى بن محمد الحوثي وعندما تم منع هذا الرجل وحدثت مصادمات داخل الجامع الكبير وخارجه واخذ اصحابه يسبون الاحياء والأموات ويرشقون البيوت بالحجارة ومنها بيت السيد اسماعيل الشامي الذي رجموا بيته وافرطوا في ذلك ثم قصدوا مدرسة الامام شرف الدين يريدون قتله فنجاه الله وتمكن من الهرب ثم هاجموا بيت السيد علي بن ابراهيم الامير وكل ذلك بسبب ان هؤلاء ليسوا مع الفكر الرافضي رغم انهم من آل البيت. ثم منعوا الناس من اقامة صلاة العشاء في الجامع الكبير بصنعاء إلا ان الامام المنصور علي بن المهدي عباس الذي كنت اشغل في عهده منصب قاضي القضاة وكان الناس يطلقون علي شيخ الاسلام وقاضي الزيدية كان هذا الامام حازماً فقد استدعى علماء صنعاء وعرض عليهم الأمر وكان هؤلاء العلماء عند مستوى المسؤولية فلم يقوموا بوضع تسع عشرة نقطة لحل الخلاف بين الامام المنصور وبين الحوثي كما حصل في عصرنا الحاضر من البعض منكم سامحهم الله ولم يقدموا اقتراحاً لإخراج كتبي واخراجي من صنعاء ولم يقترحوا بناء جامعة للحوثي ليقوم فيها بتدريس الفكر الاثنا عشري الرافضي، لم يفعلوا ذلك انهم اكدوا على الامام انه لا بد من معاقبة هؤلاء وتعزيرهم وفعلاً استجاب لهم فقد امر بجلد هؤلاء في الرابع من شهر شوال من نفس العام امام قصر الامام نفسه وقد شاهدت ذلك بنفسي وقد ضربوا بعد ان بطحوا على بطونهم لمدة يومين متتاليين ثم ضربت المرافع فوق ظهورهم وطيف بهم في الشوارع مقيدين بالسلاسل وتم نفي الجزء الاكبر منهم بما فيهم يحيى الحوثي إلى جزيرة زيلع التي كانت يمنية في ذلك الوقت ثم بلغنا انها اصبحت تتبع الصومال بعد غزو الانجليز لعدن والبقية منهم تم نفيهم إلى جزيرة كمران.
هؤلاء هم الرافضة يا أحفادي وهم أنفسهم الذين وقفوا في وجه محمد بن اسماعيل الامير الهاشمي الصنعاني ولم يشفع له انه من آل البيت فقد استقدموا له رجلاً من بلاد فارس يدعى يوسف العجمي وبعد قدوم هذا الرجل ادعى انه من آل البيت وسمى نفسه السيد يوسف واخذ يحدث الناس في الجامع الكبير رغم ان الذي كان يفعل ذلك هو ابن الامير نفسه والذي كلفه بذلك هو الامام المنصور الحسين بن القاسم وقد كلفه ايضاً إلى جانب الحديث بالخطابة ومع ذلك فما ان وصل هذا الداعية الدعي عام 1160 ه حتى التف حوله الرافضة ثم اخذ يحدث الناس في الجامع الكبير بصنعاء وبالتدريج اظهر عقيدته الاثنا عشرية واخذ يسب صحابة رسول الله وزوجاته فتصدى له ابن الامير الصنعاني وعلماء الزيدية في ذلك الوقت ومع ذلك ويا للسخرية فقد التف الرافضة حول هذا الرجل القادم من بلاد فارس ووجهوا الاتهام لابن الامير الصنعاني بانه ناصبي اي انه يناصب آل البيت العداء مع انه من آل البيت عليهم السلام فحدثت مواجهات ومصادمات في العاصمة صنعاء فأمر الامام المهدي عباس بن المنصور حسين بسجن مثيري الفوضى وفي مقدمتهم يوسف العجمي وامر بترحيله إلى بلاد فارس مسقط رأسه ثم قام بسجن ابن الامير خوفاً عليه من الرافضة فقال ابن الامير وهو في السجن:
وما حبسوني أنني جئت منكراً
ولا أنني نافست في الملك والكرسي
ولكنني أحييت سنة أحمد
وأبرزتها شمساً على العرب والفرس
نعم يا احفادنا! لقد تصدينا لهذا الفكر الاثنا عشري الدخيل على اليمن والذي عادة ما يحاول التسلل إلى بلادنا تحت عباءة الزيدية والزيدية منه براءة فلقد وقف علماؤها الحقيقيون في وجهه على مر التاريخ ووقفنا جميعاً ووقف قبلنا ابن الامير صنعاني والمقبلي والجلال وشيخ المجتهدين محمد بن ابراهيم الوزير ولم نقم بتشكيل لجان لنرى من هو على حق محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته ام هؤلاء القوم؟! ولم يكن هناك في عهدنا لقاء مشتركاً نخاف ان ينفرط عقده اذا تحدثنا ولا مؤتمر شعبي ننتظر منه توجيهنا حسب الحاجة. لا لم يكن كل ذلك موجوداً، فلقد كان التوجيه يأتي لنا من الكتاب والسنة.
هل تريدون مزيداً من التوضيح يا احفادي عن هؤلاء؟ اقرءوا مفكرات حسين الحوثي نفسه وملازمه وسوف تعرفون فكر هؤلاء القوم فقد قال في ملزمته المسماه زوراً وبهتاناً «دروس من هدي القرآن» بشرحه لسورة المائدة بتاريخ 16-1-2002م قال بالحرف الواحد «ان السلف الصالح هم من لعب بهذه الامة ومن اسس ظلم الامة وفرقة الامة لأن ابرز شخصيات السلف الصالح عندهم هم ابو بكر وعمر وعثمان وعائشة وهؤلاء كلهم فاشلون.
ثم يقول في نفس الدرس ان ابا بكر وعمر مخطئون عاصون ضالون ويتحدث ايضاً في نفس الملزمة ونفس الدرس ان هؤلاء الذين قالوا عنهم بأنهم عظماء وصحابة ويحرسون رسول الله في معركة بدر ومعارك اخرى هم اول من ينهزمون عندما تصول الصولة من جانب الكفار وهم اول من يهربون ويتركون رسول الله بالميدان، ثم يقول بالحرف الواحد ان الصحابة هم اعلام شر على مر التاريخ مخالفون لكتاب الله وهم ممن ضرب الامة واهان الامة ثم يقول ان المذهب الزيدي على ضلال وغيره من الكلام يا احفادي العلماء! الذي اخجل ان اذكره امامكم ولكن طالعوه انتم في ملازم هذا الرجل واسمعوه بصوته من اشرطته فاذا كانت هذه هي نظرتهم إلى صحابة رسول الله وزوجاته وهم خير الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد وصفهم الله في كتابه بقوله «محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضوانا» ووصفهم الله تعالى بقوله «السابقون الأولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه واعد لهم جنات تجري تحتها الانهار خالدين فيها ابدا ذلك الفوز العظيم». نعم اذا كانت هذه هي نظرة هؤلاء الناس لافضل الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف ستكون نظرتهم اليكم انتم المتواجدون في هذه القاعة المسماة باسمي والتي اقدم من خلالها احتجاجاً شديد اللهجة عليكم «حسب العرف السائد عند العرب والمسلمين في هذا العصر وذلك بسبب انكم لا زلتم تبحثون وتشكلون اللجان ألم يتضح لكم الامر بعد على مدار ثلاث سنوات من اندلاع القتال؟!.
اقول لكم جميعاً يا احفادي العلماء القادمون من حضرموت ومن عدن ومن شبوة ومن عدن ومن شبوة ومن صنعاء وابين والحديدة وصعدة وإب وتعز وحجة وغيرها من مدن اليمن اقول لكم اتقوا الله في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فهي امانة في اعناقكم لا تتبعوا احزابكم ولا أنسابكم ولا أهواءكم بل اتبعوا كتاب ربكم وسنة نبيكم لا تجعلوني انا وابن الامير وابن الوزير صاحب «العواصم والقواص» والجلال والمقبلي وغيرنا من علماء اليمن نحاججكم امام الله يوم القيامة ونقول امامه: يا رب! هؤلاء فرطوا في ما حافظنا عليه من الكتاب في بلاد اليمن والتي وصفها نبيك محمد بانها بلد الإيمان والحكمة.
وفي الأخير وما دمت ألقب بشيخ الاسلام وقاضي الزيدية فاني احب ان اهمس في آذان اخواني من بعض علماء الزيدية واقول لهم الله الله لا تجعلوا الرافضة الاثنا عشرية تدخل اليمن في عهدكم وتحت عباءة الزيدية والزيدية كما تعرفون انتم منها براءة واعلموا ان حب البعض منكم لهؤلاء هو حب مبتور لانه من طرف واحد فقط فهم لا يبادلونكم نفس الشعور.
اقرءوا كتاب «الكافي» للكليني وهو من اصح الكتب عندهم- والصحة منه براءة- انه يقول عن عبدالله بن المغيرة قال «قلت لابي الحسن عليه السلام ان لي جارين احدهما ناصبي والاخر زيدي ولا بد من معاشرتهما فمن اعاشر؟ فقال هما سيان فهذا نصب لك وهذا زيدي نصب لنا «حديث رقم 158 كتاب الكافي» ثم يقول الحاج الحائري احد ائمتهم في احكام الشريعة وهو يجيب على الأسئلة في الميراث وتغسيل الميت يقول في مسألة رقم «1128» «ليس على المسلمين تغسيل الكفار بجميع اقسامهم ومنهم الزيدية والنواصب» فيتضح من قوله هذا ان المتواجدين منكم في هذه القاعة اذا توفي الواحد منكم في بلادهم فلن يقوموا بتغسيله فانتم ما بين ناصبي وزيدي وكفار في نظرهم.
إلا انه في مسألة اخرى رقم «1129» يقول «المخالفون وسائر الفرق الباطلة من الشيعة والزيدية والواقفية والسطحية والكيسائية وغيرهم فهم كالكفار لكن الاحوط وجوب غسلهم» «احكام الشريعة المجلد الاول في العبادات الطبعة الثانية لجنة النشر والتوزيع جامع الامام الصادق الغسل مسألة «1124».
ويقول المجلسي احد ائمتهم الكبار في «بحار الانوار 43/37» كتب اخبارنا مشحونة بالاخبار الدالة على كفر الزيدية وأمثالهم.
ثم يتحفنا المجلسي عليه من الله ما يستحقه في «بحار الانوار 48/267» بتسمية يطلقها «الاثنا عشرية» على مخالفيهم من الزيدية والواقفة فيقول تعليقاً على احدى الروايات «كان الائمة وشيعتهم يسمون الزيدية والواقفة «الكلاب الممطورة» لسراية خبثهم إلى من يقرب منهم».
فهل بقي منكم الآن جمعياً انتم المتواجدون في هذه القاعة من يدافع عنهم فأذكره بقوله تعالى «ومن يتولهم منكم فانه منهم» وقبل ان اغادر قاعتكم هذه واعود إلى مرقدي في فناء مسجد الفليحي والذي نقلني اليه القاضي العمراني حفظه الله من مرقدي السابق في خزيمة بعد ان زحف العمران اليها اقول لكم الله الله ثم الله الله في كتاب الله وسنة رسوله لا تعودوا إلى مدنكم وقراكم إلا وقد ارضيتم الله ورسوله بقولكم كلمة الحق وهي ظاهرة جلية وان لم تقولوها فلا خير فيكم، وتذكروا ان لكم اخواناً وابناء يجودون بدمائهم في جبهات القتال لكي تظل بلادكم اليمن صحيحة العقيدة وعربية الهوية فادعوا لهم واحمدوا لهم ذلك، فلو استطاع احدهم اليوم ان يحدثكم لقال لكم:
يا عابد الحرمين لو ابصرتنا
                            لعلمت انك بالعبادة تلعب
من كان يخضب خده بدموعه
                           فنحورنا بدمائنا تتخضب

في الثلاثاء 15 مايو 2007 11:25:17 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=55328