التطهر الوحدوي وتصحيح الوحدويين لا تصحيح مسار الوحدة

حسن الأشموري


تطهر الوحدويين وتصحيح الوحدويين هو الحدث الغائب عن الوحدة في كل أعوام الوحدة ، ستة عشر صيفا مر وستة عشر خريفا مر وستة عشر شتاء مر وستة عشر ربيعا مر ، ستة عشر عاما بكل الفصول مرت من الوحدة بحسابات الزمن المتدحرج ومن الآن نتهيأ لاستقبال وحدة كل الفصول للعام السابع عشر ترى أي فصل منها سيتحول لنشهد تصحيح الوحدويين فقد بدا أنهم لن يطهروا أنفسهم بالاختيار الذاتي ، ليس هناك خطأ في مسار الوحدة هبة الله الكبرى لليمانيين فمسارها هو المنعة والعزة والرخاء ، ولهذا نتحدث كل يوم عن الوحدة أعظم إنجاز يماني تحقق منذ سقوطنا بسقوط الحضارات الثلاث المعينية والسبئية والحميرية ، إلا أننا جميعا نكتفي فقط بقراءتها كمنجز وضعنا هذا المنجز دائما في الدهشة من الوحدة وفي الوحدة ونسينا أن نطهر من يقودون المندهشين، نحن مندهشون كل يوم وكل عام من الوحدة وأنسانا الاندهاش الدائم وغيبوبة الفرح تصحيح الفاسدين في جسم الوحدة الرسمي والحزبي ، وهؤلاء الفاسدون بصيغهم المخربة لا يختلفون اليوم عن الانفصاليين القدامى بزعامة على سالم البيض الذي كان رجلا وحدويا بالكامل ، و ترك الوحدة منفصلا ليختار العيش في هامش ما تبقى له من مساحة بسيطة جدا تعد بالثواني من يوم 22 مايو عندما قال نتبع علي عبد الله صالح إلى الوحدة، لكنه خرج في يوم آخر من مايو آخر عندما أعلن الانفصال في 21 مايو بعد أربع سنوات من الوحدة التي ستستمر بدونه وبدوننا أيضا ، وتخلى بقرار الانفصال البيض عن كل اليمانيين وعن رفيقه طويل العمر من أجل الانفصال ، ولأن اليمانيين وطويل عمرهم لا يتوارثون الحقد والكراهية فلقد حافظنا على مكانة البيض هناك في تاريخ 22 مايو في تلك الثواني البسيطة التي أشرت إلهيا ، لا يمكن لأحد إخراجه من تلك اللحظة بالتحديد عندما رفع صالح راية الوحدة كان إلى جانبه، وكلنا في اليمن مع ذكرى كل مايو نرفل بالفرح مع حزن شارد على البيض لأنه خرج من سعة التاريخ إلى ضيق الانفصال، منفصلا ليتسبب في الموت والخراب وكل مبرراته تلك لا يمكن لها حينذاك واليوم وغدا أن تصمد أمام البحث والمراجعة والنقاش، وبقى رفيقه صالح محافظا على يوم 22 مايو لم يغيره إلى يوم 7 يوليو الإعادة الثانية لتحقيق الوحدة في ألف ساعة حرب لأن تلك الحرب على الانفصاليين كان للحفاظ على يوم 22 مايو ، وليس للإتيان بيوم آخر بديلا عن 22 مايو ، تصرف طويل العمر الرئيس علي عبد الله صالح كان نبيلا ومسؤولا في قيادته التاريخية ،لم يلحق بمن يجيرون عظائم أيام الشعوب لنرجسيتهم ولإرثهم ولصالحهم الفردي ولأهوائهم هو هكذا طويل العمر في موقف التاريخ والأحداث ، ولكن هل كان أملنا فقط في الوحدة أم كان لما تنبثق عنه هذه الوحدة من اكتمال المنجزات العملاقة في التعليم والصحة والطب وتوفير العمل و الأكل والزاد واللبس النظيف ، نعم الوحدة وضعتنا في الطريق الصحيح لكن لماذا كثرت النتوآت في هذا الطريق طيلة ستة عشر عاما من السير فيه ولماذا تجمعت الكثير من الشرور في هذا الطريق رغم صالح القائد الذي يخبر السير ، أين إعاقة المسير ومن المسبب نحن الشعب أم هم ومن يقود ، فقد توالى سيرنا في الوحدة ونحن مهددون بالسقوط فيه إما من مؤامرة الإرهابيين الحوثيين أو من تنظيم القاعدة أو غيرهم من الطامحين في المجتمع الحزبي أو والقبلي أو من الفاسدين الذين يستثمرون الوحدة كشركة مقاولات خاصة في الأوساط القيادية المدنية أو في الأوساط العسكرية حيث تحول الكثيرين من قادة حراس الدستور والوحدة من حماة للأرض إلى التجارة بالأرض ليبيعوا أراضي في عدن وحضرموت وأبين والحديدة وصعدة ومأرب وصنعاء، يبيعون أراضي يمنيين آخرين حتى التلال يبيعونها ، وفي كل ذلك يحمل اليمانيون عاهات المسيرة بصبر وهم يتقدون بأمل النصر، وبهذا الحال لم تشهد اليمن في كل تاريخها رجال فاسدون مثلما يشهده زمن الوحدة، كبرت اليمن فكثر الفاسدين توسعت الإدارة فاسترخى الفاسدون متعددي العلاقات والدعم ، فاسدون مدنيون قدموا من الجامعات ولا أعرف ماذا كانوا يدرسون هناك وأي قيم كانوا يتلقونها وقدموا من مؤسسة الجيش ومن الأمن والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني، قدموا لا ليديروا الدولة وإنما قدموا لسرقة يماني كان دائما مسروقا على حقب زمنية متباعدة سرقه الأئمة كل الأئمة في الماضي بذريعة حق البيت النبوي وسرقة السلاطين بحق التميز الاجتماعي والمشايخي وسرقه الاشتراكيون عندما حكموا وقتلوه عندما لم يحكموا وسرقوه في الجمهوريات الخمس حسب تعبير العظيم عبد الله البردوني طيب الله ثراه لكن تلك السرقات لا تشبه سرقات اليوم لا في الكمية ولا في النوعية، لصوصنا بالأمس كانوا يتوارون بعد كل سرقة غالبا ما تكون سرقة لبناء بيت أو لقطعة أرض أو من أجل سيارة أما اليوم فإنهم يسرقون لتأسيس شركات للآباء وشركات للأبناء وشركات للأنساب وشركات من أجل حتى العشيقات أحيانا ناهيك عن القصور وكلهم ينفخون النفير للحرب على الفساد ويتهمون آخرين بالفساد ومع إعلان كل حرب عليه يستولي هذا الفساد على أراضي جديدة في المعركة معه، لأنه لا يمكن الدخول على حربه بفاسدين، واليمانيون لن ينتصروا على الفساد بقادة حرب فاسدون، والحل هو الحسم بتصحيح حال الوحدويين ممن يمارسون وظائف مناصب الدولة العليا لنبتعد عن عيب غياب المنجزات فالعيب دائما يكون فيمن يمارس الحكم إذا ما كان الحديث عن انجازات الدول والشعوب، فإبراهام لنكولن عندما وضع أميركا بعد أربع سنوات صعبه من الحرب من أجل الوحدة في طريق البناء لتصبح على ماهي عليه اليوم لم يكن بمفرده كان القادة العسكريون والمدنيون يشعرون بالمسؤولية الأخلاقية نحو أميركا ومواطنو أميركا إلى جانبه دون نيات الانتفاع الذاتي ، وأنا أورد لنكولن وحرب وحدته لعلاقة عن بعد بين وحدته ووحدتنا وإن كان وحدويونا بالتأكيد لم يشبهوا قادة ووحدويي لنكولن ، رغم أن وحدتنا في اليمن بالضبط لا تتشابه إلا مع التجربة الأميركية حيث اتفقت الولايات الأميركية على الوحدة أولا ووقعوا عليها ولكن لاحقا انفصلت قيادات جنوبية فحاربهم الشماليون والوحدويون الجنوبيون إلى جانبهم لتتحقق الوحدة بالدماء ، نحن تماما في اليمن كحال تلك الوحدة في التجربة واختلفت فقط بيننا وبينهم أمانة وهمم القادة فلم يكن لنكولن بحاجة لتصحيح قادته لصلاحيتهم ولصلاحهم بعكس اليمن القائد طويل العمر الذي لا يختلف حوله اليمانيون كثيرا فالخلاف دائما على وزراء مدنيين وعسكريين وعلى سلسلة كبيرة من القيادات العليا والمتوسطة وتلك الشخصيات التي تسرق ويقنعوك أنهم يسرقون بحماية طويل العمر أو مقرب من طويل العمر، وغالبية يسرقون ويمارسون المحسوبية والرشوة ثم يقولون لك إن الكل ينتفع منها ولا تعرف من هم الكل المنتفع من الموبقات هذه ، وهؤلاء جميعا اللصوص في تسيير دولة الوحدة ركنوا إلى العبث بالوحدة لشعورهم أن عيون طويل العمر دائما منشغلة عنهم في قضايا العروبة وفلسطين والعراق ولبنان ونووي إيران ومشاكل دارفور والصومال فتفرغوا هم لإخراج الوحدة من مضمونها الفعلي ليضمنوا مكانتهم المالية والوظيفية وللكعبة رب يحميها أو فلتذهب الوحدة إلى الجحيم لنستقر حينها هناك ، ولكن بمقابل هؤلاء الفاسدين في فصول الوحدة لابد من الفصول الخضراء ولابد من يمن آخر لا يشبه يمن الفاسدين المحسوبين على الوحدويين، وفي عيد الوحدة السابعة عشر لن يكبر فرحنا إلا بغسل أقدام كل من رهن وقته وعمره من أجل الوحدة وكل أولئك الذين بكوا فرحا عندما رفع طويل العمر راية الألوان الثلاثة للوحدة ، هناك شخص دائما يهزني من بين كل الذين بكوا من القادة في تلك الثواني التي غيرت اليمن والجزيرة العربية والعالم العربي لا أعرف أسمه نسى سألت عن اسمه نسي الجميع اسمه لأنهم أيضا كانوا يبكون ،هو هناك يبكي دائما مع وفي كل عام مازال يبكي لحظة رفع طويل العمر للعلم الوحدوي لذلك الشخص حيا أو ميتا ولمنديله الأبيض الذي يمسح دموعه به ، ولكل الذين قتلوا من أجل الوحدة من عدن وحضرموت وأبين وشبوة وصعدة ومارب والجوف والحديدة وصنعاء وإب وكل اليمن أسمحوا لي أن أغسل أقدامكم استرشادا بغسل المسيح لأقدام حوارييه في ليلة العشاء الأخير فانتم أنبل بني البشر .

في السبت 19 مايو 2007 09:24:53 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=55330