دورة الخطباء واختيار الهتار
شائف الشرعبي

جاء انعقاد الدورة التدريبية لخطباء ومرشدي الجمهورية ليثبت أن اختيار القاضي حمود الهتار لوزارة الأوقاف والإرشاد كان دقيقاً للغاية ومقصوداً إلى حد كبير خصوصاً في ظل التحديات الماثلة أمام الخطاب الديني المتشتت في المنابر والذي أفرز بعض دو غمائية عمياء ظهرت إحدى عواقبها الوخيمة على شكل تمرد طائفي مسلح في بعض مديريات صعدة. .

الدورة التدريبية التي عقدت في إب على مدى عشرة أيام واختتمت يوم 21 مايو الحالي مثلت أول أداء حكومي ممنهج ومدروس لمواجهة فكر الإنغلاق والإتباع الأعمى والسبب ليس أن الدولة أًصبحت نابهة وحكيمة بل لأن شراسة ما واجهته من تمرد في بعض مديريات صعدة هومافرض عليها ذلك وجعلها تحسب للإنفلات المنبري الف حساب فمشعل التمرد هو خطيب بارع اسمه حسين بدر الدين وميدان الصرخة الأول كان الجوامع و«الجمع».

بدا وضحاً أن الدولة حرصت هذه المرة من خلال هذه الدورة ان تثبت للجميع أنها تخلت عن منطق الإقصاء الوعظي وضرب الأضداد ببعض فبدا واضحاً اطراح المعايير الحزبية في انتقاء المشاركين وكذا المحاضرين تم تجلى أكثر في عدم التمظهر المذهبي الذي صبغ على الوزارة في سابق السنوات بحيث بدت الدولة وكأنها للجميع وأن مصلحة الحكم هي في مصلحة المواطنين ورغدهم بحيث خرج المشاركون «على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم وانتماءاتهم السياسية» بقناعات أهمها أن الدفاع عن وجهة نظر الدولة وتسديد مسارها ليس تهمة يدمع بها الخطيب بقدر ماهي أحد مهام المنبر باعتباره كان على مدى القرون لسان الحاكم للمحكوم وصوت المحكوم ونصحه للحاكم ومن هنا تتكامل الرؤية وتتلاقح الخبرات دونما شرح في وحدة المجتمع ودون احداث هوة بين الوطنية والتدين. . . الخ.

والحقيقة ان المعضلة الوحيدة هذا التوجه الناضج هو أنه يظهر كم كان النمط الرسمي السابق قاصراً بل ومرشحاً للأزمات والإحتقانات سواء على المجال السياسي او المذهبي.

من هنا انبرى وبعنف لفظي وتكتيكي شديد بعض حماة النمط التوعوي الرسمي السابق في الهجوم على الدورة وعلى الوزير واتهموه بتبني التوجيهات الإخوانية والهجوم على «المدرسة الصوفية» ويصل الهجوم الناضج حد التناقض المفضوح حينما يقال أيضاً أنه يتبنى «استراتيجية الإخوان» في وزارة الأوقاف في ذات الوقت الذي يشجع السلفيين في الإسهام بالإرشاد «الرسمي» وهو أمر لا يجتمع بطبيعة الحال «وبسبب قوة الجرعة التي قدمتها الدورة في قضية الحوثي» بدا وكان اطرافاً حوثية استفادت من هذه الزوبعة خصوصاً أن الذي تولى المخابرات الإيرانية وهو صاحب نفوذ خفي في بعض مواقع الحزب الحاكم الإلكترونية.

فاللعب على الوتر الصوفي «بتياره الحضرمي» الذي يحظى باحترام الوزارة والدولة والمجتمع كان الغرض منه استعداء هذه الجماعة ضد الوزير الجديد. . وكذلك نجاعة أي هجوم ينطلق من باب الحرص على حكومة المؤتمر من الإختراق «الاصلاحي». . وكذا لما حول التيار السلفي من شوائب تتعلق بالجهاد والقاعدة. . . الخ والمؤسف حقاً أمران: أو لهما أن الأطراف الواقفة وراء الحملة هي قيادات من داخل الوزارة وأبرزهم، كما يبدو، شخص معروف لم يحضر الدورة وقد كانت تحرص التناولات الصحفية « المغرضة» أن تكيل له الثناء وأن تحرص على القول أنه يحدث خروقات ما كان لها أن تحدث لو كان موجوداً. . ووصل الحد إلى نشر مثل هذه التخرصات في صحيفة رسمية ويتوجب القول أن هذا الاسلوب فضح الأسماء الواقفة وراءه وازعج قيادة الدولة ذلك أن الوزير الهتار جاء وقف برنامج مدروس ومناقش على أعلى المستويات لكن الوزير بما قصر في إحاطة بعض المعنيين بطبيعة التفهم الرسمي الجديد لجملة التحديات الراهنة والأخطاء السابقة والذي يعتمد على عدم اقصاء أي من المشارب الوعظية أو أن ذلك الشخص «بسبب منهجية الاقصاء السابقة » قد قطع خيوط الجمالة والتفاهم مع شرائح منبرية عدة وبالتالي يصعب عليه تطبيق البرنامج الإنتخابي للرئىس على الوجه الواسع فقام بمحاولة بائسة حرصت على إظهار صوابية نهجه التقليدي وانتهت بتقوية مضاعفة لبرنامج الوزير الهتار.

الأمر المؤسف الثاني: هو أن هذا السلوك أظهر حكومة المؤتمر الشعبي العام فاقدة للحد الأدنى من الإنسجام الرؤيوي والتنسيق البرامجي كما أظهرت الدورة أن مرفقاً هاماً وحساساً كوزارة الأوقاف والإرشاد كان بامكانه ان يلعب دوراً حاسماً في أزمة الحوثي منذ نشوبها لكن ذلك لم يتم إذ لاشيء يعدل المنابر كورقة ضغط على المتمردين. . لكن أغلبها للأسف وقف على ارضية الحيرة او الحياد او التشفي السياسي الأمر الذي كان يتطلب التوعية الرسمية المنهجية من قبل الوزارة المعنية.

مع هذا لايزال الوقت مبكراً للحكم على نجاح الوزير الجديد من عدمه ذلك أن مثل هذه المكايدات التي واجهت أولى فعالياته في الوزارة أن تسبب له التشويش والإزعاج والأذى النفسي الذي قد يحد من حماسه بعض الشيء على ان التأكيد واجب بضروة أن يستشعر الطاقم القيادي في الأوقاف أن الظرف الوطني حساس للغاية وأن لا طائل من المكايدات التي أصبحت موضة الفاشلين خصوصاً في ظل تطور إعلامي في وسائل الإتصال ووعي المتلقي أصبح معه الجمهور ذا قدرة حادة على قراءة مابين السطور، وتمييز السمين من الغث.

في الإثنين 28 مايو 2007 09:53:38 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=55337