دنيا ما لها صاحب
أحلام القبيلي
أحلام القبيلي
إذا حلت أوحلت, وإذا كست أوكست, صحتها إلى سقم وشبابها إلى هرم ووجودها إلى عدم " إنما الدنيا متاع الغرور" وهي على ما فيها محبوبة مرغوبة.
ولما سئل أحد الصالحين لماذا نحب الدنيا ونكره الآخرة؟
قال: لأنكم عمرتم الدنيا وخربتم الآخرة فكرهتم أن تنتقلوا من دار العمران إلى دار الخراب.
ومر عمر بن عبدالعزيز على المقابر فقال: أما الأموال فقد قُسمت وأما الأزواج فقد نُكحت هذا خبر ما عندنا فما خبر ما عندكم؟
ثم قال: أما أنهم لو نطقوا لقالوا : إن خير الزاد التقوى.
الا موت يباع فاشتريه:
لا يوجد شيء أقسى من الموت إلا أن يعيش المرء حياة غاية أمانيه فيها أن يموت ولعل المهلبي كان يعيش هذه الحالة عندما قال:
إلا موت يباع فاشتريهِ
فهذا العيش ما لا خير فيهِ
ألا رحم المهيمن نفس حرٍٍ
تصدق بالوفاة على أخيه
والقبر هو القيامة الصغرى وأول منازل الآخرة ,,, من نجا منه فما بعده أيسر وأهون منه وكلنا سنموت قال تعالى" كل من عليها فان" والفائز والرابح والكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت.
وطوبى لمن عمل صالحاً فإن يوم موته يوم عرسه ويوم فرحه يوم خروجه من سجنه أي سجن الدنيا إلى رحاب أوسع ومن الله أقرب ، وكما يقول جدي حفظه الله: " إن عمله صالح وإلا فقد ودف" .
ربي خير من أبي:
جاء في الحديث أن فتاة يهودية في عهد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم أسلمت وحسن إسلامها ثم بعد ذلك ماتت على الإسلام فجاء أبواها اليهوديان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالا:
يا محمد نريد أن نعرف ما إذا كانت ابنتنا في الجنة أم في النار؟
فذهب بوالديها إلى قبرها ووقف الحبيب على قبرها ونادى يا فلانة بنت فلان , فسمعوا صوتاً من داخل القبر يقول : لبيك يا رسول الله.
فقال لها الحبيب المصطفى : يا فتاة أجيبي أباك.
فقالت الفتاه: يا رسول الله لا أجيبه وهو يهودي
فقال لها : ولمَ؟
قالت: لأني وجدت ربي خيراً من أبي؟
وقيل لإعرابي إنك ستموت , قال : والى أين سأذهب؟
قالوا إلى الله تعالى , فقال : لا أكره أن اذهب إلى من لا أرى الخير إلا منه.
وأنا مع سفيان الثوري القائل:
لا يكره الموت إلا مريب لأن الحبيب على كل حال لا يكره لقاء الحبيب ، ولست مع المرأة العجوز التي سئلت لما تخافين الموت ؟ فقالت : لو أسأت إلى إنسان لكرهت لقاءه حياءً فكيف وقد عصيت الله، بأي وجه ألقاه ؟
الموت ليس نهاية:
ولما علم الصحابة والتابعون رضوان الله عليهم المعنى الحقيقي للموت وأنه ليس النهاية بل جسر بين حياتين.. لما أخذت زوجة بلال بن رباح رضي الله عنه تولول عليه وهو في سكرات الموت وتقول:
وا بلالاه واحبيباه وازوجاه وهو في سكرات الموت قال لها: بل قولي وا طرباه وا فرحاه غداً ألقى الأحبة محمداً وصحبه.
إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين فلا يخاف لقائه ولا يكره جواره.
صاحب الأموات ترتاح:
والأموات خير من الأحياء ومصاحبتهم فيها دواء لكل داء ولذا كان بهلول بن عمر يجلس في المقابر فلما سئل يا بهلول لماذا تحب الجلوس في المقابر؟
قال: أقعد عند قوم لا يؤذونني وإذا غبت عنهم لا يغتابوني.
مع تحياتي أنا أحلام القبيلي
وكيل آدم على ذريته
alkabily@hotmail.com


في الأربعاء 13 أكتوبر-تشرين الأول 2010 10:08:19 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=62643