تصرفات فردية مسيئة
على محمد الحزمي
على محمد الحزمي

لا أدري لماذا نجد أحياناً تصرفات تسيء إلى المجتمع ككل ولا يحاول أحد أن يعالج مثل هذه الظواهر ، وعلى من تحسب هذه التصرفات الطائشة وهذه المزاجية في وطن تتعدد فيه الطبقات الاجتماعية حسب المستوى المعيشي بالرغم من أن الرب واحد والدين واحد واللغة واحدة والوطن واحد والمصير واحد.
سيارة تسير بسرعة جنونية وأمام مرأى الجميع وتثير الهلع في الشارع للمارة والناس ، وتلتف لتجد طفلاً لم يتجاوز الرابع عشر يقودها ، وبعيداً عن الحديث حول قوانين المرور ورخصة القيادة تصاب بالإحباط حين تجد أن هذه السيارة تحمل لوحة خضراء وأنها ليست حتى ملكية شخصية !!!
سيارة شاص أخرى ولكن آخر موديل وشبح يقودها أحدهم وكأن الشارع ملك له وحده فقط دون الناس والويل والثبور لمن يحاول حتى أن يقول له لماذا هذا التصرف ، بل والأعجب حين تجدها أيضاً تحمل لوحة خضراء ، ولا أدري هل هي للبلدية أم لأي مصلحة عامة ، المهم أنها ليست ملكاً شخصياً لأحد ، وإلا لما كان تصرف بهذه الطريقة المسيئة .
عادة تجد كلمة من حق الدولة ، وكأن حق الدولة أصبح في متناول الأطفال والطائشين وعديمي الذوق ، وليس حقاً عاماً للجميع فالدولة دولة الجميع والحكومة حكومة الشعب واختيار الشعب وليست أملاكاً متروكة للعبث .
انظروا وشاهدوا في الشوارع فقط على سبيل المثال سيارات القمامة والتي لم يصل عمرها إلى ست سنوات وأصبحت العديد منها متوقف في أحواش البلدية والسبب الإهمال والتصرفات الشخصية واللامسؤولية ، وانظروا ما تم صرفه قريبا من سيارات للقمامة آخر موديل وهي عربات مخصصة لنقل القمامة وليس لمشاوير المدير الفلاني أو المشرف الفلاني ونقل التراب من أرضية بسبب أن صاحبها صاحب صاحبنا الذي أكرمه الله وأصبح مشرفاً أو مراقبا في البلدية .
قد نقول أحياناً حين نجد سيارة شرطة تمشي بسرعة جنونية وتهور أن هذا واجب وطني والضرورة تحتم عليهم القيام بمهامهم ، ولكن أن تأتي سيارة نجدة لتنقذ أشخاص من حادث مروري وتقوم بدهس فتاتين كانتا تقطعان الشارع ، وهذا ما حدث قبل أشهر في محافظة إب وأغلبكم بالتأكيد سمع أو قرأ عن الحادثة .
لا غرابة أن تجد إحدى السيارات والتي تحمل لوحة تعود إلى أي جهة حكومية يقودها طفل أو تصبح يوم الجمعة وكذا في العطلات الرسمية والأعياد وسيلة نقل خاصة لأنه لا رقيب ولا حسيب ويصبح سائق هذه الحافلة هو صاحبها وليس مجرد عامل وموظف عليه مهمة معينة ، وتصبح هذه الوسيلة ملكاً شخصياً من وجهة نظره القاصرة ، لتبرر له كل هذه التصرفات .
هنا لا أتحدث عن الجميع فهناك أناس يستحقون الشكر ولو أن هذا هو الأصل في التعامل ليكون قدوة لغيره من المواطنين وليس العكس ، وهؤلاء بالطبع ليسوا ممن يأخذ السيارة ليطوف بها الشوارع طولاً وعرضاً ويجمع شلة من الأصحاب معه في السيارة ويمشي وصوت الأغاني تنزعج منه القلوب قبل أن تنزعج منه الآذان .
لعله يأتي يوم من الأيام ونجد بعض المرافق الحكومية تقوم بتوعية السائقين وكذا من تصرف لهم وسيلة نقل حكومية بالتصرف بشكل إيجابي يعكس مدى الحفاظ على المال العام وعدم العبث به لأنه من الممتلكات العامة للجميع والجميع بالتأكيد هم الشعب وليس الجميع بمعنى أسرة المذكور وأصحابه وأقاربه من قريب وبعيد ، ولعلنا نجد يوما من الأيام من يسمع حتى النصح بدلا من النزول من فوق السيارة والتهديد بالضرب والقتل واستعراض العضلات والسبب كله أن السيارة ذات لوحة تتيح لصاحبها المرور دون السؤال حتى أوراقها أو تصريح القيادة أو رخصة القيادة أو ما يتعلق بكل هذا ، وأن تجد بعض السيارات التي كانت تحمل لوحات خضراء وغيرها ممن تعود لبعض المرافق الحكومية بعد فترة وجيزة قد أصبحت "خصوصي" وعلى عينك يا حاسد ، ولكن البعض قد يتمسك باللوحة التي تتيح له أن يسرع ويتجاوز إشارات المرور ولا يتوقف إلا في رغبته هو ، وكذا تجعل من بعضهم يستفيد من الصرف الشهري من البترول ، حتى لو احتفظ به لوقت الإجازات من أجل خروج الأسرة وزيارات الأقارب والذهاب إلى حديقة الثورة والسبعين ووادي ظهر ودار الحجر وشلال بني مطر ، إن لم يكن قد أخذه وباعه أو سافر به إلى قريته وبالطبع من حق الدولة ، ولا أحد يقول لحق الدولة شيئاً لأنه ولا تجد من يقول هذا حق عام ويتطلب من الجميع الحفاظ عليه ، وكفى فقد تضايقت كثيراً وأنا أتذكر بعض المواقف المشابهة والتي دعتني إلى الكتابة في هذا الموضوع ،ودمتم بخير.
مرسى القلم :
يا صديقي وش علينا لو نطـوّل في السّبات
فـاز عاشق أو تعــثّر يا رفيقي وش علينا
وكل واحد يوم يرحل ما يفكر باللي آت
يرتضي يحمل جراحه مثل ما حنـّا رضينا
الطريق اللي عليها كم رسمنا أمنيات
وفي عذاب الوقت تهنا يا رفيقي وانطوينا.
a.mo.h@hotmail.com
في الأربعاء 20 أكتوبر-تشرين الأول 2010 01:10:27 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=62670