فعل القاعدة وعقل السلطات.. اليمن تهدد العالم بحراً.. وجوا
نبيل الصوفي
نبيل الصوفي

ربما لايدرك الكثير معنى ان تتناول اخبار العالم اليمن طيلة خمس عشرة ساعه كمصدر محتمل لطرود مرسلة بالجو، اثارت الفزع الامني في ثلاثة من اهم محطات العالم الجوية.
قبل ثلاث سنوات اغلقت القاعده من جهة وتصرف الحكومة البليد، البحر على اليمنيين.. تتذكرون ارتفاع التأمنيات البحرية بسبب القاعده.. ومالاتعلمونه ان السفن السياحية لاتقبل دخول الشواطئ اليمنية ولو للاستراحة يوم ونصف اليوم..
هم يهمهم مثلا وجود مستشفى مجهز.. محكمة تجارية عالية الكفاءة.. خدمات نوعيه في الميناء.. وحين لايجدون شيئا من هذا فان مدغشقر او جيبوتي تفي بالغرض. السفن السياحية ليست عربيات نقل بضاعه.. هي تحمل اغلى مافي الدنيا.. البشر ومنهم من الكبار مالا ومكانة..
مساء أمس، طار اسم اليمن جوا.. عانيت بشكل شخصي من محاولة تلميذ انور العولقي، ابوحمزة استهداف طائرة امريكية نهاية العام الماضي.. كنت في امستردام.. وكان اسم اليمن يلف عيون موظفي المطار.. هو لايزال طرياً على أسماعهم كمصدر للتهديد. حتى امام محلات الصرافة حين يكون بيدك عملة من ابو مائة يورو يفحصونها بشكل استثنائي.
لكن ابو حمزه ذاك، اخذ بسياق مختلف.. او لنقل كانت جنسيته الامريكية ودينه الاسلامي كافيان لابقاء اسم اليمن تاليا.. في حادثتي طرود دبي ولندن، هما قادمان من اليمن.. وخلال ساعات من الاعلان عنهما كان الاعلام يلوك اسم اليمن كمصدر للتهديد الجوي لأمن العالم.
كان الدكتور عبدالعزيز السقاف مؤسس اليمن تايمز، رحمه الله يقول: لنتعاون حتى نجعل اليمن مواطنا عالميا صالحا.. لم تكن تعقيدات الارهاب قد خلقت حين قال ذلك الكلام.. هو كان يتحدث عن التنمية ومكافحة الفساد والتخلف. غير ان القاعدة والحكومة اليمنيه معا يواصلان اغلاق هذه البلاد.. واليوم جوا بعد البحر امس اما البر فله حكاية أخرى. اليمن صار مواطن عالمي اكثر خطورة يادكتور.
ومن المثير للاستغراب التام، ان هذا الاغلاق ليس تعبيرا عن المواقف السياسية الدولية، فالمواقف السياسية الرسمية لم يحدث ان دعمت اليمن كماتدعمها الان.. لم يحدث ان اعلنت دولة مثلا كمافعلت فرنسا عشية مقتل احد مواطنيها على يد مواطن عثر على تسجيلات انور العولقي في جهاز كمبيوتره. لقد قالت انها مع اليمن حكومة وشعبا ضد الارهاب الذي قتل الخبير الادري في شركة النفط النمساوية. لم تضف هذه الدولة اي اتهامات.. ومثلها الان تقف بريطانيا التي تحولت بعثتها الدبلومسايه الى جدار قصير تقفز عليه القاعده كلما نسى الناس الحادثة الأولى.. واليمنيون حكومة وشعبا وامنا ينسون سريعا، بل وسريعا جدا.
لكن الاغلاق والقلق من اليمن يتحول الى قرار غير سياسي.. من الناس.. من الشركات.. وهو وضع مثير للرعب.. علينا ومنا.
لاشك ان الامن القومي، سيتجه صوب مكاتب فيدكس.. الشركة التي اعتقل احد موظفيها قريبا بسبب اكتشاف مادة محظور الاتجار بها في طرد منها قبل الخروج من مطار صنعاء.. وان موظفيه الانيقين في مطار صنعاء بالذات سيكونون ومن صباح الان قد شددوا حضورهم على المطار الذي استلموه من الامن السياسي قبل عامين ربما..
لكن هل سيقف الامن القومي، وقبله رئيس الجمهورية.. رئيس الحكومة هنا لم يعد له سلطة على جهاز اعلى منه مكانه وفاعليه ايضا. هل سيقفون بجد أمام الحادثة لكي تكون الاخيرة؟.. أشك وبعمق.
قبل اقل من شهر اطلعت على شكوى صديق محترم من خروج اثيوبية من المطار ذاته رفقة احد المناوبين وهي مرسلة بعهدة شخص اخر كان ينتظرها في بوابة المطار، حتى اكتشف انها سلمت لاخرين في سياق تجاره بالاقامات. لم تحظى هذه الشكوى بأي توقف أمني لديها، ظل القائمون على القضية يكتفون بالتركيز على جنسية الفتاه والكفيل.. هي اثيوبية وهو يمني.. اذا لا لدى الأولى سفارة ذات قدرة على التهديد ولا قيمة لليمني لدى أجهزة أمن اليمن! هو ليس شيخا.. هو ليس تاجرا.. ولا من الابناء.
لم يقبل احد التوقف عند خطورة التساهل الامني في المطار.. ولم يفتح اي تحقيق في الحادثة.. وسكت الشاكي بعد اطمئنانه على حال مكفولته. والتنازل عن الكفالة.
امن المطارات لاتحتاج ضباط امن يعكرون مزاج المسافر من أو الى اليمن.. العالم صارت لديه تقنيات راقية لكنها لاتعمل إن لم تمكن الذهنية التي تدير هذه الاليات راقية اصلا.
بعد حادث الـ11 من سبتمبر بأقل من تسعة أشهر كان علي العودة لليمن عبر مطار نيويورك.. كنت قلقا من الاجراءات، ربما لم تكن اليمن قد حظيت بالسمعة التي كانت يومها ضد المملكة العربية السعودية، لكن في النهاية هذا هو مطار الولاية الأكثر تضررا في العالم من الإرهاب الاسلامي.
بعد دخولي الطائرة، قلت: اذا القلق من مطار صنعاء.. في نيويورك، انتهت اجراءات شديدة ولكن بمهنية عالية.. لا تشعرك بالتضايق.. في مطار صنعاء فان صالة التشريفات التي يسافر منها كل ذوي النفوذ هي وحدها تشبه مطارات العالم.. اما صالاتنا نحن الرعية فتشبهنا تماما.
الطرود لم ترسل عبر صالات الركاب.. وفيدكس هي المسؤلة الأولى عنها.. ثم تأتي اهمية اصلاح امن المطارات اليمنية وأهمها مطار صنعاء.
لقد مرت حادثة ابو حمزه بسلام.. هذا لم يحدث بالأمس.. وهاهي طائرات العالم قلقة من اي شيئ قادم من اليمن..
وبيد حكومتنا وحدها.. تخفيف قلق العالم من البلد الذي تحكمه.. والاجراءات لاتحتاج تشديد امني يضاعف من الاهانة التي يخاف منها اي مسافر من او الى صنعاء.. بل تحتاج تحديثا للعقليات التي تدير الامن والبلاد برمته..
حرام مايحدث لهذه البلاد، على يد القاعدة وبعقلية السلطات.
نقلا عن نيوز يمن
في الأحد 31 أكتوبر-تشرين الأول 2010 02:39:37 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=62730