ليتني أملك غير هذا !!
على محمد الحزمي
على محمد الحزمي

ليتني أملك غير هذا القلم والذي أتجرع مرارة عواقب ما يخط أحياناً، فقد كان مادحاً وقيل منافقا، وأحسست لفترة أنه كان ناقداً فقيل أصبح حاقداً لأنه لم يحصل على شيء ،وحين اقتربت من الإنصاف اتهموني بالانحياز وتغيير الحقائق ، ليتني أملك غيره ، لكان أفضل لي ولمستقبلي ولأسلوبي ولشخصيتي ككاتب جاهل لولا انه يفقه حروف الأبجدية العربية وإلا لكان أمّيا بكل جدارة واستحقاق ، ولحظيت بمصاحبة أصحاب الجاه وصدق أصحاب بعض المناصب بوعودهم بالالتقاء وشرح الأوضاع التي تحتاج إلى الشرح من أجل الكتابة عنها، ولكن هو قلم يكتب ألوان الطيف ولا يعرف ترتيبها ويسعى إلى تحقيق غاية هو لا يفقها ، ولا يدري إلى أين سيصل يوماً من الأيام ، والاحتمالات كثيرة أقربها الوصول إلى غياهب جبّ الحياة المليئة بالصعاب ، ليتني أملك غيره لكنت أمتدحت فلاناً ونظمت في فلان وفلان بدلاً من الذهاب إلى أعلى الطموح دون صعود درجات سلم الغاية عبر وسائل مقبولة من وجهة نظر البعض وإن كانت هذه الوسائل من وجهة نظري ممقوتة ومرفوضة قطعاً، ليتني أملك غير هذا القلم والذي لا أدري أنا ما هو لونه الحقيقي وكيف يكتب ولمن يكتب ومن أجل ماذا يكتب ؟!!ولكن ليس لي سواه.

ليتني أملك غير هذا القلب ، والذي لم يهن عليه التفكير في الرحيل عن هذا الوطن ولا عن الخروج والبحث عن المستقبل ولم يستمع إلى كلام العقل ، ليتني أملك غير هذا القلب والذي يحاول أن يرسم الوفاء في اللاوفاء ، ليته كان يتلون بألوان المشاعر التي أصبحت الآن في الكثير من الناس ، ولكان استطاع أن يجمع الأحباب والأعداء تحت مسمى الحب ، ولكن قد يكون قليل الأحباب ولا تجد له أعداءً ومن أجل هذا تجده لم يصل إلى أدنى مراتب المشاعر الصادقة ، فهو حين يحب لا أدري من يحب ومن أجل ماذا ؟ هل يبحث صدقا عن شريكة حياة تكون لها مستقبل أكثر من حظي العاثر أم أنه يريد أن يحقق مقولة الله وشريعته في الأرض ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا) أم سيكتفي بالخرط ليل نهار وأنا سيارتي كذا ومواصفاتها كذا وأنا عندي في البيت كذا وكذا وأنا مصاريفي أحسن مصاريفي وأنا عيالي أحسن عيال ، أقصد عيال أم العيال وسيارة أم العيال ومصاريف أم العيال لأنها موظفة وأنا اشتغل في قطاع خاص، هو قلب بائس ضاقت به دروب الحياة حتى أنه حين فكر أن يحب تجاوز كل مسافات الواقع والمعقول ليقول للناس.. إنه أصبح عاشقاً، ولكن ليس لي غيره .

ليتني أملك غير هذا الوطن والذي تتقاذفه الهموم هنا وهناك ، وكأنه الوحيد على وجه الكره الأرضية وهو لا يحمي أبناءه ، ولا تجد فيه مأوى ، أي وطن هذا الذي لا تجد فيه معنى للكرامة وإن وجدتها يوماً، امتهنتها الأيدي العابثة باسم الحفاظ على المكاسب والحقوق ، أي وطن هذا الذي تنام وأنت لا تحلم بمستقبل بقدر ما تنحصر أحلامك في يوم واحد هو يوم غد ولا سواه ، أي وطن لا يجد أبناؤه العزة وقيمة الذات إلا في حال الخروج منه ، ومتى ما كانوا في حضن غيره عرف بقيمتهم وكأنه لم يتعلم من حكمة ، لا نعرف قيمة الأشياء إلا حين نفقدها" أو أنه بالغ كثيراً في تصديقها فأصبح يريد أن يفقد كل أبنائه من أجل أن يحن إليهم ، ولكن للأسف ليس لي سواه.

ليتني أملك عقلا غير هذا العقل ، فاعتقد إنني كنت سأفكر في كل خطوة أخطوها في حياتي قبل أن أصبح أنا ، وحتى وإن كنت سأصبح "هو" بدلا من "أنا" ، هل تعتقدون أن الوضع سيكون أفضل، ولكن هو عقلي واذا أردت استبداله فلا مجال غير الجنون.

ليتني املك اسما غير اسمي ، على أقل تقدير كنت سأبتعد قليلاً عن قضية تشابه الأسماء وابتعد عن اتهامي بأني موظف على أعلى مستويات الدخل الوظيفي في بلادنا أو على الأقل كنت سأحظى بعضوية لجنة كذا واتحاد كذا ومجلس كذا ونادي كذا ،وأنا للأسف ليس لي سوى هذا الإسم.

ليتني أملك حظاً غير هذا الحظ ، فكل ما عرفته بحياتي ولمدة ستة أشهر متواصلة دون انقطاع هو مبلغ عشرة ألف ريال كراتب رسمي ، انتظره بشوف وألبس كرفتة وبدلة عند توجهي إلى محل الصرافة في ذاك اليوم المشهود ، وهو بالطبع لا يفي حتى بمتطلب الإيجار للسكن المتواضع الذي أقطنه وحيداً، ولا ترضى أن تقطن فيه معشر الدواب ممن أكرمنا الله عنهم بالنطق والعقل والحديث والكلام الذي "لا يودي ولا يجيب"، ليتني أمتلك غير هذا الحظ ، فقد كنت سأحظى بتكريم الوزير فلان لأني صاحب كتاب كذا ، ولأني أول صاحب حرف يتجاوز حدود الزمن من داخل الزمن وليس من خارجه ، أول شخص يتجاوز حدود الواقع من داخل الواقع وليس من خارجه وبالطبع أول شخص يتجاوز حدود العقل وللأسف من منطق العقل والعقلانية والتي لم تورث لي سوى ما صار لي وليت لي غير هذا العقل.

في النهاية هذا أنا وهذا قدري وهذا هو نصيبي في الحياة ، إعمل لتصل وإلا لن تتحرك من مكانك ، ولكن هل تعتقدون أني سأصل مثلا بعد عشرة آلاف سنة؟ وهل سأجد الوقت الكافي لهذه المدة الزمنية التي لا تعتبر قصيرة لشخص يعيش في أمة متوسط أعمارها في السبعين والثمانين وتجاوز الثلاثين وهو بدون هذا ، فقط يبدو أنه وكما قيل : وما نيل المطالب بالتمني ، ولكن توخذ الدنيا غلابا ، ولا أدري كيف للغلابى أمثالنا أن يحلمون فقط ولو بالحصول على شيء يستحق أن يكون فيه حروفهم لترى عدداً أكبر من القراء إن كان هناك قراء بالفعل ، ولكن سأكتفي بالقول هذا أنا .

مرسى القلم /

هم يسألوني قلت في القلب مضمون***ختم المحبة كل عام ٍ بتجديد

ولو خيروني بين حبك وهالكون *** ما اختار غيرك وما أنقص ولا أزيد

أو قدموا لك عرش قيصر وقارون *** أنا بحبك عشت في دنيتي سيد

باحرق عشانك ديرتي مثل نيرون*** ولخاطر عيونك اباعيش تزهيد

ياللي غلاتك في فؤادي تريليون *** أكثر وأكثر وكيف أبحسبها بالأيد

حبي كبير وفوق منهم يحبون *** يمكن الاقي عقب ما أموت تخليد

هذي الحقيقة واسمعيها على الـ فون ***عهدي حفظته ما أخونه ولا أحيد

لو صار خطّي بالفواتير مديون ***باقول عادي فدوتك يا أجمل الغيد

وان كان يسمعني مؤسس سبأفون **** يفتح خطوطي ومايطالبني تسديد.

a.mo.h@hotmail.com

  
في الأربعاء 03 نوفمبر-تشرين الثاني 2010 02:23:38 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=62752