حب أم احترام
أحلام القبيلي
أحلام القبيلي

سألت امرأة متزوجة ذات عقل وخلق هل تستطيع المرأة العيش مع رجل لا تحبه؟
قالت: نعم ، بل وان اسعد البيوت التي لم تبن على الحب, والزواج بدون حب اسعد زواج, والزواج مع وجود الحب عذاب.
قلت: لها كيف؟
قالت: لأن الحب يخلق الغيرة ، والغيرة تجلب الشك والتحسس من أبسط المواقف والتألم لكل صغيرة وكبيرة.
وقد أصابت بكلامها بكبد الحقيقة ، فإذا كان الحب الرومانسي وحده هو ما يربط بين الزوجين فان بيتهما يشبه بيت العنكبوت " وان أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون".
وقد تسعى المرأة أو الرجل لهدم تلك الأسرة لأتفه الأسباب, أما إذا كانت الرحمة وحسن العشرة هما أركان العلاقة بين الزوجين, وكان الهدف الرئيس من الزواج بناء أسرة واستقرار وستر " "هن لباس لكم وانتم لباس لهن" فان العلاقة ستكون أقوى وأبقى وانجح، فألاهم من الحب التوافق والاحترام المتبادل والمعاشرة بالمعروف , فالزواج ليس قصة رومانسية.
 وأنا شخصياً وقفت على حالات توضح ما قالته الخالة أم محمد رأيت زوجات يعشن وكأنهن في الجحيم حتى قلت لهن: "هذا ما هوش زواج, الزواج سكن وطمأنينة وراحة وحياتكن هذه أشبه بسجن وجحيم"
أين خرج؟ أين دخل؟ مع من تكلم؟ ليش تأخر ؟
قال با يتزوج عليا ؟
قدوه بايتزوج؟
كل يوم ببيت أبوها زعلانه.
ومع الرجال يحدث هذا أيضاً , أين راحت ؟ من كلمت ، ما تحبنيش , ما تراعينيش, يغير عليها غيرة مدمرة.. والطامة الكبرى إذا كان يحبها وهي لا تحبه او لا تجيد فن التعبير عن الحب.

 ليت الزمان يرجع:
وإذا تأملنا في أحوال أبائنا وأجدادنا الذين كان الواحد منهم يعيش مع زوجه حتى الموت وجدناهم ما عرفوا الحب هذا , أنما كانت العلاقة بينهم مبنية على الاحترام المتبادل وحسن المعاشرة, وكانوا يراعون الأسرة والنسب والقرابة والأولاد والعيش والملح.
أما اليوم في زمن الحب والعشق وفترة الخطوبة والعقد التي تشبه شهر العسل و التي تتجاوز الأعوام الطوال, تجد فترة صلاحية الزواج قصيرة جدا جدا.
وعلى فكرة أي علاقة تبنى على الحب فقط ,أقول" فقط" مهما تعمقت وتجذرت فهي قابلة للزوال مثل الزواج والصداقة، فهاتان العلاقتان هما أحلى وألذ العلاقات الإنسانية ولكنهما معرضتان للزوال وقابلتان للاستبدال لان ما يغلب عليهما هي العاطفة.
كما أن هناك علاقات لا تنهار أبداً مهما حدث ولو لم يكن فيها حب كعلاقة الآباء بأبنائهم أو الإخوة بإخوانهم, فالأخ يظل أخ ولو لم أحبه وكما يقولون "عمر الدم ما يبقى ميه".

تعاشروا بالمعروف:
ولهذا قال الله تعالى " وعاشروهن بالمعروف".
يقول الشيخ الشعراوي رحمة الله عليه" الود شيء والمعروف شيء آخر , فالود يكون عن حب لكن المعروف ليس ضرورياً ان يكون عن حب , ساعة يكون جائعاً سأعطيه ليأكل وألبي احتياجاته المادية هذا هو المعروف أما الود فهو ان اعمل لإرضاء نفسي.
فنقول لكل من يريد ان تبنى البيوت على الحب فقط ويجعلوه شرطاً من شروط نجاحه بل " عاشروهن بالمعروف " ، ونقول لهم كما قال عمر رضي الله عنه للمرأة التي جاء زوجها يشكو اعترافها أنها لا تحبه"
" إذا كانت أحدكن لا تحب الرجل منا فلا تخبره بذلك فان اقل البيوت ما بني على المحبة وإنما يتعاشر الناس بالحسب والإسلام".

اكبر من الحب:
قالت إحداهن : لن يستطيع الإنسان أن يتزوج من لم يحب ولن يحترمه ويحسن عشرته إلا اذا كان يحبه.
قلت لها " أنت غلطانة في ذلك فهناك امور اكبر من الحب لا يستطيع الإنسان ان يتعداها, وأمور لابد له ان يؤديها اما طاعة لله تعالى أو خوف الفضيحة او انه رضى بالأمر الواقع.
وإلا كيف استطاعت ليلى العامرية ان تعيش مع رجل غير قيس بن الملوح , وحفظته في عرضه وماله , ولم تحدث نفسها بالهروب مع قيس ولم تبدِ التبرم والضجر من زوجها.
يقول الأستاذ محمد رشيد العويد :كثيراً ما كنت أتوقف عند وصفه تعالى للصلة بين الأزواج بأنها صلة " مودة ورحمة ، وأتأمل في دقة الوصف , فليست العلاقة علاقة عشق وهيام وصبابة وغرام كما هي بين المخطوبين أو المحبوبين قبل ان تربطهما رابطة الزواج ، انها صلة محبة هادئة ومودة وصلة رحمة متبادلة , صلة السكن والاستقرار.
ويقول فريدريك كوينغ أستاذ علم النفس الاجتماعي بجامعة تولين: ان الحب الرومانسي قوي , وعاطفي جداً ولكنه لا يدوم بينما الحب الواقعي مرتبط بالأرض والحياة ويستطيع ان يصمد أمام التجربة.
ويضيف : ان الحب الرومانسي يبدو مثل الكعكة يحس الإنسان بالمتعة وهو يتناولها ثم يجيء زمن الهبوط , بينما الحب الواقعي هو الذي يعني تقاسم الحياة اليومية والتعاون من اجل ان يستمر ، وفي مثل هذا التعاون يستطيع الإنسان ان يصل إلى حاجته الإنسانية.
والآن أيهما أفضل.. حب رومانسي لا يدوم أم مودة ورحمة دائمتان؟، فإذا ما خُيرت بين الحب والاحترام , كان الاحترام أهم والأجمل من ذلك أن يُجمع بين الحب والاحترام.

قبل الختام:
ستقولون ألا يتعارض كلامك هذا مع ما سبق أن أكدت عليه من ضرورة تزويج المتحابين وقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم " ليس للمتحابين مثل النكاح".
و سأجيبكم على ذلك غداً بإذن الله
فكونوا معي أنا أحلام القبيلي
وكيل آدم على ذريته
alkabily@hotmail.com
في الإثنين 03 يناير-كانون الثاني 2011 12:32:59 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=63216