اللهم استرنا بالعافية
أحلام القبيلي
أحلام القبيلي

اتصلت بي إحدى الأخوات وفي نهاية اتصالها أوصتني بالدعاء لها وبدوري سألتها هل لك دعوة محببة أو معينة قالت : نعم.
أدعو لي بأن يسترني الله بالعافية!
وأغلقت سماعة الهاتف وأنا متعجبة من هذه الدعوة ماذا تقصد بها؟ وكيف يسترها الله بالعافية؟ ومماذا تعاني؟ وما الذي حدث لها؟ وظننت أن بينها وبين الله تعالى سر لم أشأ أن اسألها عنه.
ومرت الأيام ولا زلت أحاول فهم معنى تلك الدعوة التي أوصتني بها ، وشاء الله تعالى أن يصيب إحدى صديقاتي مرض جلدي خطير , وقد كانت صديقتي شديدة الحياء خلاف كل فتيات هذه الأيام ، فهي لا تظهر حتى ما

يجوز إظهاره , ولكن المرض اجبرها على نزع ملابسها والبقاء طوال الوقت عارية وعندما رأيتها على هذه الحالة فهمت معنى الدعوة التي أوصتني بها تلك الأخت الفاضلة فلهج لساني بالدعاء لها ولجميع المسلمين "اللهم

استرنا بالعافية" ، وان أجدادنا الأوائل أصحاب حكمة وخبره.. فلهم من الأمثال ما يؤكد ذلك، فمن أقوالهم:
" من طلب غير العافية ظلم نفسه"
" والعافية كسوة وافية"
" والعيد عيد العافية"
" والعافية غنا"
" والعافية قوه"
"والعافية مال"
ولذا كان الحرص على سؤال العافية من أعظم وارفع المراتب ، قال صلى الله عليه وسلم " سلوا الله العفو والعافية , فان أحداً لم يعط بعد اليقين خيراً من العافية" ، فالعافية تستر العورات الحسية والعورات المعنوية
فكم من أسرة بانت عورتها المادية وأصابها العوز بسبب مرض احد أفرادها , بعد أن كانت تعد من الأسر المستورة مادياً، خصوصاً في بلد يحتاج المريض فيه إلى بنك كي يستطيع التداوي وشراء الكميات الهائلة من العلاجات

التي يرصدها الأطباء , لأنهم لم يستطيعوا تشخيص المرض فيضطرون إلى إعطاء المريض جميع أنواع الأدوية.
والعافية تستر ضعف الإنسان , فالواحد منا إذا مرض بانت عورته وتبين للناس ضعفه ولعلكم رأيتم بطل العالم في الملاكمة/ محمد علي كلاي بعد أن أصيب بمرض الرعاش كيف هو لا يستطيع التحكم بحركة يديه اللتين كانتا

مصدر قوته وسبب انتصاراته.

والستر يجلب العافية:
بعد أن فهمت معنى الدعوة التي أوصتني بها الأخت "أسال الله أن يسترها بالعافية", قلت لصديقة أخرى: إن العافية تستر العورات، فقالت لي: والستر يجلب العافية.
قلت لها : كيف؟
قالت : ذهبت إلى الدكتور وشكوت له من آلام أعانيها ، وبعد الفحوصات قرر اجراء عمليه , ونظرا لعدم وجود كادر نسائي طبي يستطيع أن يجريها لي رفضت اجراء العملية وتوكلت على الله ، ومرت الأيام وشفيت تماما

والحمد لله ، وهكذا تعلمت أن الستر يجلب العافية.
جاء رجل إلى احد الصالحين يشكو الله تعالى , انه فقير وغيره غني فقال له الرجل الصالح: أأعطيك مائة ألف دينار على أن تعطيني عين واحدة ؟
قال : لا
قال : أأعطيك مائة ألف دينار وتعطيني احدي قدميك.
قال : لا.
قال الرجل الصالح : اذهب يا "بطال" تشكو الله تعالى وعندك مئات الآلاف من الدنانير.
ليتني هائل سعيد:
سمعت قصة مؤثرة عن الحاج/ هائل سعيد -رحمة الله عليه- ولا أدري عن مدى صحتها والعهدة على الراوي.. المهم ركزوا على الفائدة تقول القصة:
أن أحد الفقراء دخل مطعم وكان يشتهي اللحم ولكنه وجد سعر اللحم باهظاً ولا يستطيع أن يشتريه.
فقال بصوت مرتفع : ليتني هائل سعيد آكل ما أشتي ، وكان الحاج هائل سعيد موجود في المطعم , فلما سمع كلامه , أمر الجرسون أن يقدم للفقير جميع أصناف اللحم, وإذا سأله يقوله: محاسب.
المهم أن الفقير أكل كل ما على المائدة من أطعمه ولما فرغ استدعاه الحاج/ هائل سعيد وقال له: ماذا قلت: قال: قلت ليتني الحاج هائل سعيد، قال: أنا الحاج هائل سعيد ولا استطيع أن آكل ما تأكله, ولا آكل غير

هذا.. فاحمد الله على العافية, لأنك أحسن من هائل سعيد وكان أمامه لبن أو حليب وبعض الخبز.
 رحم الله الحاج/ هائل سعيد.. فكم أشبع من بطن جائعة في حياته وبعد موته.
وفي حينا أسرة فقيرة لديها أطفال "ما شاء الله لا قوة إلا بالله" يتمتعون بصحة جيدة, ممتلئة أجسادهم, قوية عظامهم وإذا أصابهم المرض يكفيهم ملعقة بارامول ليستعيدوا عافيتهم.
وفي حينا أيضاً أسرة غنية لكن أطفالها كالعود اليابس, يشكون المرض الدائم , ولا يتركون الأدوية إلا ويعودوا لها ثانية ، وسبحان مقسم الأرزاق , فهذا يعطيه المال وآخر يعطيه الصحة فيكون المال عند هذا ليصرفه على

الأدوية , وتكون العافية عند ذاك فلا يحتاج للمال ، والكل إذا شكر وصبر مأجور , والبلاء نوعان بلاء بالنقم وبلاء بالنعم.
يقول صلى الله عليه وسلم : "من بات آمناً في سربه معافى في جسده، عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها"
ولان الإنسان أكثر شيئاً جدلاً, ولا يرضيه شيء ولا يرى ما عنده من نعم إذا قلت له : أهم شيء العافية.
قال لك: والعافية تشتي علف.
نسأل الله العافية الصحية والاقتصادية والسياسية والأخلاقية.

تنبيه هام:
أهيب بالقراء الكرام إلى أن أحدهم انتحل شخصيتي في الفيس بوك وسجل بنفس اسمي وبدأ ينشر أفكاره التخريبية وربما يرد على القراء ويعطي ويأخذ بالحديث معهم ,وللعلم أنا لا ادخل الفيس بوك إلا في الشهر ساعة ولا يوجد

لدي وقت أرد على الرسائل إلا فيما ندر ويمكنكم التفريق بيني وبين منتحل شخصيتي بالهمزة " فاسمي بدون همزه " و سأقوم بتعطيل الصفحة أو إلغائها نهائياً إن استطعت.
مع تحياتي أنا أحلام القبيلي
alkabily@hotmail.com



في الأحد 06 فبراير-شباط 2011 02:36:07 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=63520