دعوة حُب والسلام
أحلام المقالح
أحلام المقالح

لم أكن بمنأى عن دفء المشاعر حينما تفتّحت عيناي لأرى سماء تعلو عني وأرض تدنو مني وقلب أمي وكفين أبي فصرخت حينها ..هاأنا ذا...
نحن منذ نعومة أظفارنا نحمل بقلوبنا خزينة مشاعر جمّه تحمل في جعبتها أحاسيساً ملوّنة وأخرى عديمة اللون والجميع في حضرة الفؤاد تحتفي بمواسم الأحاسيس...
إن أروع ما يميز الإنسان دوناً عن بقية المخلوقات هو أحاسيسه التي يحوّلها البعض من هبة إلى صخور، فتتجمّد بثلوج القسوة وبقيود الزمن، فالكل يمتلك الإحساس ولكن منهم من يسخره للخير ومنهم من يقتله باللامبالاة...
فجميل أن تزرع البسمة في وجه شاحب أثقلته هموم أدراج الزمن... والأجمل من ذلك أن تُحسسه بأنك تُشاطره الهموم والأحزان ...وجميل أيضاً أن نرسم لوحة للأمل والنجاح على جدران وأراضي واقع يملؤها حُفر الفشل الذي إن تعثر إحدانا بإحداها لن يجد من يمد يد العون له وإن لم يطلبها ...والأجمل من هذا أن ننزع التشاؤم من قاموس مفردات الحياة محاولين بذلك اختزال مكامن الفشل..
كما أنه بالأمر الجميل أن ندفن أشواك الحقد والكراهية التي تقع على العزائم، فتُصيبها بالشلل وتُترجم معانيها وساوس الشيطان وتسعى إليها أقدام الشر .
والأجمل من هذا الأمر هو أن نذيع كلمات الحب للأقرب فالأبعد إيماناً منا بأن الحب وحده سلاح لا يقف بوجهه قذائف المشاعر السوداء.
فهل نحن عاجزون عن إحياء المشاعر النبيلة ونشرها بين الورى، أم نحن قادرون فقط على إشعال المشاعر السوداء لتلتهب وتحرق منابع الجمال الروحي الذي وهبه المولى عزوجل للإنسان ليُميزه عن سائر المخلوقات ونعلن الحرب على جمال الروح.
في موكب الأحاسيس تبرز الضمائر التي ماتت وطفت في بحر الحياة، فأين الضمير حينما ترى غيرك عارياً بين عواصف الدهر القاسية وأنت تكسيك ملابس الخيرات؟؟ وأين الضمير حينما تسمع صرخات اليتامى تختنق بجانب أعواد خير يابسة؟؟ وأين ثورة الضمير حينما تجد أرضاً تُغتصب ودماء تسيل وصوت بالحق يُشنق في شتى بقاع الأرض وأنت تقف ناظراً دون ذرة شعور منك بحجم الكارثة التي لا تتمثل في هذه الأوضاع المأساوية وإنما في شلل أحاسيسك واحتضار ضميرك..
أنت عندما تفقد معايير الإحساس وتبيع مكاييل ضميرك، فأنت أقرب ما يمكن من منزلة الحيوان الذي لا يعقل ولا يفهم بل ولربما أنه قد يحس ويشعر أفضل بكثير منك.
نحن بأشد الحاجة إلى تدفئة المشاعر النبيلة وبثها وخنق كل المشاعر دونها ودفنها.
نحن بحاجة إلى ثورة الضمير وصحو البصيرة وإزالة الغشاء عن البصر الذي لن يلمح الجمال ولم تسكن به القلوب الألفة والمحبة التي حباها الله فقط لمن أحبه إلا إذا استشعرنا حقيقة كنوز العواطف التي تتأجج وتتوّهج فتحصد ما أثمرت بذورها.
هي دعوة مني للسلام، للمحبة ، للوئام، لدفء المشاعر .. للمشاركة بالهموم والخواطر والفرح...
دعوة لإحياء الضمائر وإبعاد ما يمكن إبعاده عن أنفاق اليأس والعثرات...دعوة لكف نزيف الأقلام التي تدعو إلى إشاعة الحقد وكبت الحب..ومازالت تنزف.


في الثلاثاء 22 مارس - آذار 2011 03:12:09 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=63943