كان يا ما كان !!!
أحلام المقالح
أحلام المقالح

عودة إلى الوراء كثيراً ووقفة للتأمل لاجترار لحظات مضت ولم يبق منها سوى الذكرى نتمنى عودتها ولكن من الصعب عودتها لذا نجترها علّنا نسد رمقنا للحنين للماضي النظيف..
مازلتُ أتذكر قبل سنوات معدودة كيف كانت القلوب كما البيئة نظيفة إلى حدٍ ما...كُنا نستقبل وجه الصباح بابتسامة بريئة و خالية إلا من الأمل وعيوننا لامعة نحو القادم وكانت الأكف تحتضن المياه من الحنفية ونُشرّع بشُربها دونما النظر إلى لونها المُصفر ....
كانت اللقمة تُطفئ لهيب الجوع وإن كانت بحجم الأصبع ودائماً ما كان الهناء يسبق الجوف دونما الشعور بالتعب في جلبها، ومازلتُ أتذكر جيداً عودة أبي الغالي إلى المنزل وبيديه حمولة فواكه كنتُ أشتمها من باب البيت وأسعد جيداً حينما ألتقط إحداها وأهرب لأكلها ويوبخني لعدم غسلها خوفاً من أن تصلني جراثيم المرض العالقة بقشورها، ومع ذلك فطعمها بدون غسل ما زال عالقاً بذاكرتي, كنا لا نخاف المرض وإن كان أقرب ما يكون لنا!.
ولم أنس بتاتاً (لمّة) أصدقاء الطفولة التي تجلب في النفس السعادة والطمأنينة... وحتى الخصومات دائماً ما كانت تغسلها مياه التسامح بقليل من الاحترام وتزيل عنها قليلاً من الدُكن القاتم في جوفها، سيل من الذكريات يُغرق مدامع القلم بحِبر الفُقد الموحش لبيئة نظيفة جميلة ومعانٍ أجمل افتقدناها نسبياً ..فافتقدنا لبيئة لم تكن فيها الخوف يتسرب من المياه المجهولة المصدر ولا الوجوه المشوهة ولا حتى من لقمة تُشعل اللهيب ولا حتى من زرع تنمو جذوره بين الموت الأبيض، حتى الناس أنفسهم لم يعودوا كما كانوا.
هناك ما يتآكل بدواخلهم من قيم علياء وتتجذر مكانها قيم مُقنّعة لا تثري النفوس سوى بالزيف والخذلان وتقعر بهم إلى بئر الهزيمة مع الحقائق القاسية، يبقى لي القول بأن لا أحد يستطيع أن يحظى بكل شيء، خاصة حب الجميع له و لكن من الجميل لو أستطاع أن يكسب احترام خصومه أيضا إلى جانب احترام محبيه، ولطالما ارتبطت الفروسية والمنازلات التي كانت تحدث بين الفرسان بالشهامة والنُبل والمروءة بين الخصم والخصم الآخر، فكم هو جميل أن يكون لك خصم نبيل عوضاً عن صديق نذلٍ، وكم هو أجمل أن تتبادل الاحترام مع خصومك عوضاً عن تبادل النفاق مع أصدقائك، ولكن الأجمل دائماً أن تحظى باحترام الخصوم والأصدقاء في آن واحد وهذا ما افتقدناه بشدة في زمننا الحالي...
وأخيراً ودون ذكاء.. نحن بحاجة فقط إلى قلب جميل يحمل روحاً أجمل حتى نستطيع رؤية الكون بلون النقاء وإن لم يكن كذلك...
 فهل هذه صورة لوجه زاوية للحياة على الأرض نبدأها بكان يا ما كان ؟؟ أم أنها مُجرد ثرثرات قلم؟؟ّّ.
 
في الخميس 24 مارس - آذار 2011 05:30:25 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=63965