مظلة وقلم رصاص
محمد علي محسن
محمد علي محسن

كل فكرة من شأنها تطوير وتقدم الدولة اليمنية أو نظامها السياسي والديمقراطي، نجدها تواجه بصلف وعنت ومكر ومراوغة مركز القرار المتمثل بشخص الرئيس/ صالح وعصبته الضيقة، لا يوجد في اليمن حزباً حاكماً، وإنما هناك حزب للحاكم، فالمؤتمر الحاكم لا وجود له في حقيقة الممارسة الشعبية لسلطة الشعب في البرلمان أو الحكومة أو التعددية السياسية أو الحوارات أو الانتخابات.
الواقع أننا أمام كذبة كبيرة اسمها المؤتمر الحاكم، لو أن المؤتمر حزباً منظماً مؤسسياً وعقائدياً، لكان الرئيس أول من يحاسب وآخر من يتحدث باسمه، ولكن وبما أنه لا يحكم البلد وأهله إلا نظرياً وخطابياً وحين الضرورة والشدة، فذاك يعني أن المؤتمر الشعبي ليس إلا إطار وهيكل ضخم لا قيمة له أو وظيفة حزبية، فباستثناء الأزمات والانتخابات يكاد المؤتمر شيئاً منسياً.
الرئيس كمن تذكر اليوم إنه رئيس لحزب أيضاً، كما المرات السالفة عاد يحدثنا عن حزبه ذو الأغلبية الكاسحة في مجلس النواب، وعن كونه رئيساً له قبل أن يكون رئيساً للبلاد والعباد وعن حكومة المؤتمر وملايينه المؤيدة للشرعية الدستورية، وعن هذا المؤتمر الذي مات دهراً وقهراً وفجأة صار طرفاً في الأزمة السياسية وطرفاً في الحل والتوقيع على مبادرة الأشقاء في الخليج.
أعجب كثيراً حين تصير ثورة اليمنيين مجرد أزمة بين المؤتمر وحلفائه والمشترك وشركائه، لا أدري كيف تستقيم المعادلة؟، فمن ثورة على الرئيس ونظامه باعتباره المشكلة والحل، إلى أزمة بين المؤتمر الحاكم والمعارضة، كأن القضية بين "سلطان البركاني وعبده الجندي وياسر اليماني وبن دغر وعبد الكريم الإرياني" وبين "ياسين والآنسي والعتواني وقحطان وزيد والمتوكل وباسندوه".
في "20" فبراير 94م سبق للرئيس التوقيع على وثيقة العهد والاتفاق في العاصمة الأردنية عمَّان، منذ حسم الخلاف عسكرياً والرئيس لا يذكر الوثيقة سوى بمرادفة الخيانة، تصوروا الرجل لا يحترم حتى ذاته بكونه أحد الموقعين، عند قيام دولة الوحدة وقبل أن يجف مداد توقيعه هو والبيض طلب من الشيخ/ عبدالله الأحمر - رحمه الله- تأسيس حزباً مضاداً لشريكه في الوحدة، فكما جاء في مذكرات الشيخ كان هدف الرئيس من حزب الإصلاح هو الالتفاف على الاتفاقيات التي وقعها مع الاشتراكي ويجد نفسه ملتزماً بها دون قناعة.
الناظر في مجمل المشكلة سيجدها بين رئيس وشعب، وليس بين حزب وشعب، فمن ذا الذي يعتقد أن الخلاف يمكن معالجته باتفاق بين المؤتمر والمشترك أو بين السلطة ممثلة بالحكومة والمعارضة، مثل هذا المنطق السقيم يراد به تمييع الثورة الشعبية واحتوائها، فالثورة لم تقم من أجل إسقاط المؤتمر وإلا لكانت الخطوة الأولى قيادته ومقراته، نعم يوجد مثل هذا الغبن والتحامل على تنظيم أساء كثيراً للتعددية والديمقراطية والخزينة والوظيفة والتنمية، ولكن ذلك لا يعني أنه بات بين ليلة وضحاها حزباً مسئولاً عن كل ما يجري في اليمن.
 المؤتمر للأسف مجرد ظاهرة شكلية أستطاع من خلالها الرئيس أن يبقي على حكمه كل هذه المدة ودونما أية مسؤولية أخلاقية وسياسية وأدبية من أي نوع، والآن وعندما وجد ذاته هدفاً للثورة راح كعادته مستجيراً بمظلة المؤتمر، فكلما تداعت عليه الأزمات رأيناه مستظلاً بالمؤتمر، هذه المرة بالذات لا عاصم للرئيس ونظامه من ثورة هي أشبه بعاصفة أو إعصار، لن يكون كقلم رصاص بحيث ما يكتبه برأسه سيمحوه بأسفله.  
في الأربعاء 11 مايو 2011 08:27:28 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=64465