عملية قيصرية لا قلق
محمد علي محسن
محمد علي محسن

الرئيس/ سياد بري كان قد فتح قصر السلاح لفلول القبائل الصومالية الموالية له وفي أخر ليلة من حكمه، لم يبق رئيساً للصومال كما ظن واعتقد، فعلى العكس كان لهذا السلاح أن عجل برحيله إلى المنفى، تاركاً وطنه وشعبه في أتون حرب أهلية مازالت ماثلة وبعيد عقدين من سقوط الدولة عام 91م.
في اليمن لن تكون هناك حرباً أهلية، فمثل هذه الحرب عادة ما تكون إما عرقية أو طائفية أو قبلية أو جهوية أو غيرها من أشكال التكتلات المجتمعية المنتمية لما قبل الدولة، ما يجري اليوم لا يشيد بثمة صراع طائفي أو قبلي أو جهوي أو حتى عقائدي إيديولوجي.
 فالواقع يشير إلى أن المعركة المحتدمة ليست بين جماعات قبلية على غرار الحالة الصومالية أو طائفية كالحالة اللبنانية أو العراقية أو البحرينية أو عرقية كتلك الحاصلة بين أقلية التوتسي وأغلبية الهوتو في رواندا أو بين أقليات ألبانية وتركية وكرواتية وبين غالبية سلافية في يوغسلافيا سابقاً.
لا يوجد مؤشر واحد يدعونا للقلق والخوف من حرب أهلية طويلة الأمد، فمثل هذه الحرب لا مكان لها إلا في رأس صالح ونظامه وإعلامه اللذين يسوقان ويروجان لفكرة الصوملة والبلقنة والأفغنة وغيرها من مخاوف الحرب الأهلية التي يحاول هؤلاء اللعب على وترها الحساس وفي ظرفية حرجة كهذه، المستنفدة فيها كل الوسائل والإمكانيات المتاحة دون فائدة أو جدوى.
نعم السلاح في اليمن في متناول الجميع، ونعم الحُكم يدفع شعبه إلى أتون حرب مهلكة ومدمرة، ولكن ما هو مؤكد أن هذه الحرب لم ولن تكن أهلية وبين القبائل أو المناطق، بل بين شعب بغالبية سكانه وقبائله ومكوناته ومناطقه وبين رئيس ونظامه العائلي وأتباعه ومواليه.
لا خوف إلا من بقاء واستمرار هذا الرئيس ونظامه، لا خشية سوى من مراوحة الثورة السلمية في الميادين والساحات ومن هذا النزيف المستديم من الدم والأرواح والمال والوقت وبلا فائدة أو غاية محققة.
نعم لا قلق لا خوف، سوى من هذه الوضعية البائسة والمنهكة للبلد وأهله، ففي واقع كهذا لا يسقط النظام بالهتاف والاعتصام أو الثورة الشعبية، مثل هذه الطرق تكون مفيدة في مواطن أخرى غير هذه الأوطان المنتهكة فيها الحياة والكرامة والآدمية قبل الحقوق السياسية.
البعض يعتقد أن الثورة السلمية، ستسقط النظام القائم دون تضحية أو قربان، مثل هذا المنطق لا يستقيم مع ثورة أزهقت من أجلها مئات القتلى وآلاف الجرحى خلال مدة وجيزة، شخصياً لا أتصور أية مخاض ثوري من دون عملية جراحية قيصرية، فالمهم أن الثورة السلمية يجب أن تلد، ولو استدعى الأمر بقرها بمشرط الجراحة الذي قد يكون مؤلماً ومؤذياً، لكنه بالنسبة لحالة معسرة ضرورة لإنقاذ حياة.
في الخميس 02 يونيو-حزيران 2011 10:28:28 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=64683